أخيرة

دبوس

خيخيرسون…

لست مخلوع القلب، ولست أضرب أخماساً بأسداس إزاء الانسحاب التكتيكي للقوات الروسية من الضفة الغربية لنهر دنيبرو، وفي واقع الحال فأنا أعتقد انّ الذي حدث هو إيهام للقوات العسكرية الأوكرانية منذ بدء التحدّث عن معركة خيرسون ومدى أهميتها وبأننا بإزاء أمّ المعارك مع الإيحاء بأنّ الحشود الروسية ستحتّم بالضرورة معركة طاحنة سيكون لها تبعات استراتيجية بالغة الأهمية…
كلّ ذلك كان مناورة من الطراز الأول، يترتب عليها تحشيد أوكراني بما يقارب المائة ألف مقاتل، بكامل معداتهم، ثم تركهم بعد ذلك بلا معركة في منطقة مكشوفة مسيطر عليها نارياً، ولا تتيح أيّ مكسب استراتيجي للعدو، وفي ذات الوقت نقل هذه القوات الروسية برشاقة الى مناطق أخرى تدعيماً لجبهات أخرى في الدونباس، سيتيح نقل القوات الروسية إليها إحداث تفوّق تكتيكي يترتب عليه حسم بعض المعارك التكتيكية، والإخلال بالتوازن الذي كان قائماً، وليبق جيش زيلينسكي في خيرسون منتظراً معركةً لن تحدث!
وليم شكسبير الكاتب الانجليزي الشهير يقول، نحن ندرك المباشر باللامباشر، وهكذا هي الحرب، لا يجدي التقرّب من الهدف بطريقة مباشرة، الأقرب الى الحكمة والذكاء الاستراتيجي هو اللامباشرة في تحقيق الأهداف…
لقد تساءل كثيرون في بداية العمليات العسكرية حينما تواترت الأنباء عن تقدّم للقوات الروسية نحو العاصمة كييف، وتبيّن بعد ذلك صحة حدسي، وكان ذلك في واقع الأمر تقرّب يهدف من ورائه استقطاب القوات الأوكرانية الى محيط العاصمة للدفاع عنها، ثم الانقضاض بعد ذلك على أهداف أخرى في منطقة الدونباس، بعد ان تمّ جذب القوة الاستراتيجية الأوكرانية الى العاصمة للدفاع عنها، فالحرب مخاتلة وخداع، والروس هم أسياد الحرب.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى