ثقافة وفنون

المرتضى من متحف نابو: بيروت مليكة المدائن وسيدة الضوء والحرية والجرح

 

افتتح وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، معرض نابو «بيروت 1840 -1918 صور وخرائط»، في متحف نابو – الهري – شمال لبنان، تحت عنوان «لنتذكر بيروت كما كانت ولنحافظ على ما تبقى وننهض مجددا»، في حضور وزيري السياحة والإعلام في حكومة تصريف الأعمال وليد نصار، و زياد المكاري، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، رئيس الرابطة المارونية خليل كرم، مؤسس متحف نابو جواد عدره سفراء وشخصيات وحشد كبير من المهتمين.
وألقى المرتضى كلمة استهلها بالقول: “يسكن الوقت في صور. فإذا تملّص من ظرف مكانه، ومضى إلى حيث لا تمسكه يد ولا تسمع به أذن، بقي رهين الأبيض والأسود وسائر ألوان قزح، محبوساً في خفقة القلب، ومرفوعاً على حائط الذاكرة. ولوقت المدينة صوره كما لناسها. فهي مثلهم ذات جسد… تكبر وتشيخ وتهرم، فتنهدم ثم ترتفع، وتضيق ثم تتسع، حتى يصير يومها رسول ما بين أمسها وغدها، حاملاً رسالة الشغف عبر بريد الحنين”.
أضاف: «وبيروت مليكة المدائن، سيدة الضوء والحرية، عليها تناوب الوقت ألواناً شتى، وظلت هي هي، تطحن الأيام في ساحاتها وتعجن الزمان خبز كرامة، ولا أطيب… وفي تبدل أحوالها تمد الوجود بشيء من بقيتها لتستقيم فيه الحياة الفضلى، على الرغم من الآلام والدمار والاحتلال والتشظي… بيروت الجرح الذي لا يعرف إلا الفرح، والصبح الذي لا يرقى إليه غروب، والإنسان الذي لا شأن له إلا أن يعقد ميثاقاً غليظاً مع الفكر والإبداع والانتماء إلى الخير وثقافة الحق».
وختم: «هذا الإنجاز التوثيقي التراثي، لا ينبغي له أن يكون مقصوراً على صور بيروت وحدها. ففي طرابلس مثلاً، الواقعة من ههنا على مرمى موجة أو موجتين، كنوز معمارية لا حصر لها ولا شبيه، تحتضن عصوراً سحيقة ووسطى وحديثة، ويجدر بها أن يكون لها تراثها المحفوظ في صور؛ ومثلها سائر المدن والقرى اللبنانية. من هنا دعوتي لكل المهتمين بهذا العمل الحضاري الرائد، وعلى رأسهم المجالس البلدية، إلى إنشاء معارض للذاكرة على نسق هذا المعرض، خاصة بكل قرية أو منطقة، ذلك أن الوجوه تنطفئ، والأسماء تزول، والأماكن تتغيّر، وينتاب الذاكرة وهن النسيان، فإذا أحاط بها إطار وضمها موضع… بقيت وتناقلتها الأجيال، وللقائمين بهذا العمل الرائع، مبارك ما فعلتم وما ستفعلون».
والقى مؤسس متحف نابو جواد عدره كلمة ترحيبية، وقال: “لقد ورد في كتاب “الأرض والكتاب” للمبشر والرحالة البروتستانتي وليم طومسون عن بلادنا: لن يكونوا مطلقاً شعباً واحداً ولن يجتمعوا على هدف ديني او سياسي مهم، ولذلك سيبقون ضعفاء غير قادرين على حكم ذاتهم ومعرضين للغزوات واضطهادات الغرباء”.
وتابع: «ويذكر الآثار الفنيقية والرومانية والاسلامية في بيروت، لكن هذه البيوت وسقوفها هدمت وعلى مرفأ بيروت وبوابته الفينيقية وعلى أطلال منازل العاصمة، شيدت تلك المباني المرتفعة بغياب لأي تنظيم مدني يأخذ تاريخ المدينة بالاعتبار».
اضاف: «نحن في نابو نؤمن ان الخلاف في الرأي يشجع على الإبداع وانه من دون الفن والثقافة لن يكون هناك لا اقتصاد حي ولا ادارة حسنة لهذه البلاد. الخراب الذي نراه على كل الصعد هو نتيجة الجهل والأنانية والجشع. وفي الثقافة علاج لذلك».
وشكر «الذين ساهموا في وضع اللبنات لتحقيق ذلك الحلم، كأنهم يقولون لطومسون: نحن شعب واحد ولسنا ضعفاء، وسنبقى مصرّين على زراعة الأمل، كما قال شكسبير في مسرحيته كل شيء بخير اذا انتهى بخير ما من إرث أغنى من الصدق».
وكانت كلمة لرئيس جمعية تراث بيروت سهيل منيمنة الذي قال: «لقد أتيحت لنا المشاركة في هذا الحدث الثقافي المميز، فهذا المعرض هو خير دليل على أن الثقافة في ارض مبتكري الابجدية لا تزال بخير على الرغم من كل الظروف التي مر بها لبناننا».
أما المؤلف بدر الحاج فقد اشار الى ان «هذا الجهد في اقتناء الصور هو جهد شخصي بحت»، وقال: «بدأت العمل به منذ ما يقارب الثلاثين عاماً والمجموعة التي تضم صوراً لبلاد الشام والعراق هي في متحف نابو الآن».
وتابع: «ان المسألة ليست التكاليف المالية لمثل هذا الجهد، انما هي أساساً البحث المضني والمتواصل في المجلات والكتب القديمة والمتاحف بحيث تابعت تاريخ بدايات وتطوّر فن التصوير في بلادنا، آملاً أن تعجبكم المشاهد وتعجبكم كيف كانت بيروت وكيف أصبحت واترك لكم القرار».
ويضم المعرض مجموعة كبيرة من الصور ويستمرّ لمدة ستة اشهر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى