الوطن

مونديال فلسطين 2022: الكوفية بشبابها وألوانها تقرع أجراس العودة

‭}‬ خضر رسلان
في واحدة من أكثر الدلالات قوة على بداية أفول مفاعيل ما تعهّدت به الحكومة البريطانية خلال وعد حمل اسم وزير خارجيتها بلفور في العام 1917 بإنشاء «وطن قومي» لليهود في فلسطين التي انتدبت عليها من قبل ما يُسمّى عصبة الأمم، والذي تمّ تصديقه نظرياً بقرار صدر عن الأمم المتحدة في العام 1947، وتنفيذه عملياًّ في العام 1948، هو الحراك الشعبي المتحرر من القوميات والملل والمذاهب في مونديال قطر الذي أظهر أنّ فلسطين هي القضية ولعلّ أكثرها رمزية وإدراكاً لحقيقة الصراع، هو إحياء جماهير مباراة تونس وأستراليا التي أقيمت السبت 26 تشرين الثاني ذكرى نكبة 1948 ورفعهم لعلم كُتب عليه فلسطين حرة في الدقيقة48 من عمر المباراة، للتذكير بما تعرّض له الفلسطينيون من تهجير من ديارهم، وارتكاب العصابات الصهيونية لعشرات المجازر في البلدات الفلسطينية في رسالة غير مشفرة وعلنية الى كلّ من يهمّه الأمر أنّ كلّ السياسات والمشاريع سواء عبر الحروب والمجازر أو عبر المنظومات العائلية والطائفية التي أوكلت إليها مهمة تحقيق ديمومة استقرار الصهاينة على أرض فلسطين ستسقط وستذهب هباء منثوراً.
أبرز المحطات المضيئة في المونديال الكروي تجلت في الرسائل الشبابية التي تمّ التظلل تحتها تنشيطاً لذاكرة أراد الصهاينة طمسها هي الكوفية ورمزيتها الثائرة وشجرة الزيتون المعمّرة الشاهدة على زوال كلّ محتلّ وغاصب.
1 ـ الكوفية الفلسطينية
الشباب المنتفض المرتكز على الذاكرة التاريخية وحكاية ثورة العام 1936 التي شهدت ولادة رمز تألق في الميدان موشحاً الثوار والأحرار فباتت الكوفية منذ ذلك الحين من أعز الرموز وأكثرها إثارة للشعور بالهوية الوطنية، وعلى الرغم من المآلات والارتكابات التي تعرّضت لها الكوفية والتي أراد الصهاينة إسقاطها وإسقاط رمزيتها ووصمها بالإرهاب، وبعد أن كادت تضيع، بمحاولات مستميتة للقضاء عليها وتغيير ألوانها وطمس معالمها التي تربطها بالأرض والثورة، جاء الردّ الشبابي ملتحفاً الرمز الذي يدغدغ قلوب الفلسطينيين وأحرار العالم ليسلّط الضوء على الكوفية بألونها الأبيض والأسود ويحيك خيطانها خيطاً خيطاً، لتقود حراكاً وطنياً وعالمياً خارج الطوائف والقوميات من أجل إزالة آثار العدوان الاستعماري والعنصري الذي زرع الصهاينة في فلسطين.
2 ـ شجرة الزيتون رفيقة فلسطين
على الرغم من المسار الطويل الذي انتهجته قوى الاستعمار والإرهاب العالمي لمحو اسم فلسطين من الذاكرة المجتمعية والتاريخية تارة بالإرهاب والمجازر، وأخرى عبر حروب ناعمة ومتلوّنة، إلا أنّ ذاكرة الحب لشجرة الزيتون المعمّرة والمتآخية مع فلسطين منذ القدم وإصرار الفلسطينيين على إحياء يوم الأرض في 15 أيار من كلّ عام في ذكرى النكبة وقيام الكيان الغاصب يصيب الصهاينة ورعاتهم في مقتل، ويحقق هدف إنعاش الذاكرة وتنوير الأجيال المتوارثة بأحداث النكبة ومعانيها لتكملة المشوار واسترجاع الأرض متخذين من شجرة الزيتون المتجذرة رمزاً لديمومة الصمود والمقاومة، وحافزاً أفاض بوجهه على جموع الشباب في مونديال قطر الذين صدحوا ملبّين النداء منشدين مرتلين عبر المدرّجات «إنّا باقون ما بقيَ الزعتر والزيتون». في إشارة إلى أنّ البقاء والصمود مجبول بالشوق لتقبيل تراب الوطن، هاتفين بحناجر وأصوات واحدة: تحيا فلسطين من البحر الى النهر، جازمين بأنّ أجراس العودة ستقرع وأشجار الزيتون ستضيء أنوارها للملتحفين كوفية العزّ والانتصار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى