أولى

مثلث خلده الأوكراني والهزيمة المذلة للناتو في الدونباس

محمد صادق الحسيني

تعتبر معركة السيطرة على البلدة الاستراتيجية المعروفة بإسم سوليدار، أشبه لنا بمعركة السيطرة على مثلث خلدة بما فيه بلدتا بشامون وعرمون اللتان يُعتبر أنّ مَن يسيطر عليهما يُسيطر عملياً بالنار على طريق الساحل الجنوبي كله حتى صيدا وكلّ منطقة بيروت المدينة من انطلياس حتى راس بيروت، بالإضافة الى المساحة البحرية التي تؤدّي الى عمق البحر، وكذلك كلّ الطرق التي تفتح على الجبل…
الفرق فقط هو انّ سوليدار ليست قريبة من البحر، وما يحيط بها ليس جبلاً، جبل ولكن مجموعة تلال شمال المدينة، تعتبر مهمة أيضاً، للسيطرة على المثلث، سوليدار.
انّ سقوط حصن مثلث سوليدار يعني سقوط سوليدار القلعة المهمة جداً والتي كان يسيطر عليها ويقود المعارك فيها جنرالات بريطانيين وألمان…
وما الغموض الذي اكتنف المعركة لمدة ٤٨ ساعة سوى انّ الروس تركوا ممراً غربياً مفتوحاً للجنرالات الغربيين بالخروج منه، منعاً من خلق ظروف معركة عسكرية مباشرة مع حلف الأطلسي، قد تؤدّي الى توسيع نطاق الحرب بما لا يتماشى مع الخطة الروسية…
ولكن ماذا يعني في الاستراتيجيا سقوط مثلث سوليدار:
1 ـ يعني انّ التحصين والتدشيم الذي عمله الألمان والبريطانيون للقلعة قد انهار تماماً، وانّ الناتو بكلّ تكتيكاته العسكرية والعملياتة قد سقطت تحت أقدام الروس.
2 ـ انّ مدينة كاملة أخرى تحت الأرض فيها أنفاق طولها ٢٠٠ كلم وعلى عمق ١٠٠ متر محصّنة تحصيناً كاملاً لحرب بديلة تحت الأرض قد سقطت أيضاً كانت مشيّدة بطريقة بحيث ان بإمكان السيارات والدبابات والمدافع ان تسير تحت الأرض وتقاتل الخصم منها.
3 ـ انّ منجماً للملح بحجم ١٣ مليار طن من الملح كان يصدّر منه الى ٢٢ دولة في العالم منها دول عربية قد سقط أيضاً بيد الروس.
4 ـ انّ سقوط القلعة المحصنة هذه سيؤدي الى فتح الطريق جنوباً لتحرير مدينة باخموت الاستراتيجية الأخرى المهمة والتي تقع على بعد ١٢ كلم جنوب سوليدار.
5 ـ يعني انه لم بعد بإمكان الأوكران والناتو من قصف الدونيتسك بالمدفعية كما كانوا يعملون ليل نهار قبل هذه المعركة، لانّ كلّ هذه المعدات قد تمّ تدميرها.
6 ـ انّ سقوط هذه القلعة المدجّجة بالجند والعتاد يعني عملياً، انهيار الجبهة الأوكرانية في الدونباس، بشكل كامل، وانّ الاحتياط الاستراتيجي للأوكران والناتو هناك قد طار تماماً في المحرقة السوليدارية..
وحتى يتأكد المتابعون مما نقول يكفي ان نطلع على انّ حارس الناتو الجنوبي أردوغان كان قد تحدث خلال الساعات الماضية عن ضرورة تأمين ممرّ طويل ومهمّ لإخلاء الجرحى، والأخبار الميدانية تفيد بأنّ حجم القوات التي خرجت من المعركة نهائياً يبلغ نحو ٢٥ ألف مقاتل بين قتيل وجريح وهارب من الميدان…
وهذا يفضي عملياً الى انّ الروس سيتمكنون من السيطرة على كامل مساحة الدونباس خلال الأيام الـ 15 المقبلة.
وبعدها سيتوجه الروس الى منطقة شمال زاباروجيا وخيرسون ومن ثم الاندفاع غرباً باتجاه أوديسا التي هي في الواقع مدينة روسية تاريخية بُنيت على أيديهم من أيام حكم القياصرة والتي منها سيغلقون البحر الأسود على الأوكران.
هذا ما حققه عملياً تعيين رئيس الأركان العامة للقوات الروسية
في أوكرانيا الجنرال زالاري غراسيموف، وهذا يُفهم منه استعداد كلّ صنوف الجيش الروسي في المعارك المقبلة، واذا ما أضفنا إليه تعيين قائد القوة الجو فضائية الروسية الجنرال سورفوتين، والذي كان مسؤولاً عن قوات بلاده في سورية، نائباً لرئيس الأركان، ومعاوناً لقائد العملية الخاصة الروسية الجديد في أوكرانيا، فإنّ ذلك يعني مزيداً من الرسائل المهمة التي يبعث بها للروس للأطلسيين.
روسيا تعدّ وتحضّر بعد ذلك كما تفيد المعلومات الميدانية الى معركة جديدة لا تقلّ أهمية عن معركة السيطرة على سوليدار ألا وهي معركة تحرير ممر سوالكي الشهير، وهو الممرّ الاستراتيجي الذي يقع شمال شرق أوكرانيا، والذي يقع في مثلث الحدود الأوكرانية البيلاروسية البولندية، والهدف المطلوب سيكون فتح الطريق البري الضروري بين الأراضي الروسية ومقاطعة كالينين غراد المحاصرة عملياً.
هذا كما سيكون هدفها الثاني مشاغلة القوات الأوكرانية وضباط الأطلسي شمالاً، بهدف تخفيف الضغط على الجبهة الجنوبية، وليس للعمل باتجاه كييف، كما يروّج الأطلسيون وإعلاميّو جبهة امبراطورية الكذب.
ختاماً يمكن القول بأنّ هزيمة الناتو المذلة في سوليدار، يمكن اعتبارها بداية العد العكسي لنهاية الحرب العسكرية الاطلسية على روسيا في أوكرانيا.
ولا ينبئُك مثل خبير.
بعدنا طيّبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى