الوطن

العلاقات الإعلامية في حزب الله و«اللقاء الإعلامي الوطني» كرّما رفيق نصرالله وغالب قنديل

المرتضى: وزارة الثقافة معنية بتكريمهما وبتسليط الضوء على خطورة المعركة الإعلامية ضدّنا
قرداحي: تخلّيتما عن المكاسب الخاصة لصالح القضايا المحقة وستظلان صوتاً صارخاً ينادي أن أضيئوا درب الوطن
عفيف: قادرون على المواجهة حتماً بوجود أجيال من تلامذة رفيق وغالب يحملون المشعل ويضيئون الطريق
عاصي: غالب ورفيق عيّنة راقية من الكتاب المدافعين عن حرية الإعلام وكلّ منهما مدرسة قائمة بذاتها

 

 

 

 

 

أقامت العلاقات الإعلامية في حزب الله واللقاء الإعلامي الوطني حفلاً تكريمياً للإعلاميّيْن المخضرمَيْن الوطنيّيْن رفيق نصر الله وغالب قنديل، عرفاناً وتقديراً لدورهما الإعلامي العريق، وتقديراً لجهودهما في سبيل خدمة الوطن وشعبه ومقاومته، وذلك في بيت بيروت ـ السوديكو، حضره وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ نائب رئيس الحزب وائل الحسنية وعميد الإعلام معن حميّة وعميد القضاء ريشار رياشي، وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله الحاج محمد عفيف، النواب: أمين شري وابراهيم الموسوي ومحمد خواجة، نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي، الوزراء السابقون: عدنان منصور وجورج قرداحي ووديع الخازن وطارق الخطيب، رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل، رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ، نقيب المحررين جوزيف القصيفي، القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية حسن خليلي، المستشار الثقافي في السفارة الايرانية كميل باقر، مدير عام قناة «المنار» ابراهيم فرحات، مدير عام إذاعة النور يوسف الزين، المستشار الإعلامي لرئاسة الجمهورية رفيق شلالا، ووجوه إعلامية ورجال دين بالإضافة الى أعضاء اللقاء الإعلامي الوطني.
قدّم الحفل الإعلامي مفيد سرحال الذي أجاد نثراً وشعراً في التعبير عن المناسبة وفي التعريف بالمكرّمَيْن وبالمتحدّثين.
المرتضى
وألقى الوزير المرتضى كلمة اعتبر فيها “أنّ تكريم الكبار هو من شيَم وقيَم اللبنانيين وهذا يمثّل جزءاً من موروثهم الثقافي، وانّ المكرّمَيْن كانا وما برحا في الخطوط الأمامية من جبهة الدفاع في الحرب الثقافية التي تُخاض ضدّنا، ومن هاتين الزاويتين أيّ زاوية القيم والشيم والموروث وأيضاً من زاوية تسليط الضوء على الحرب الناعمة التي نواجهها وسيرة المكرّمَيْن في معتركها تجعل وزارة الثقافة ووزيرها معنيّين وظيفياً بالمشاركة في هذا الحفل.
أضاف المرتضى: “إنّ المتبحّرَ في تاريخ منطقتنا والمتأمّلَ في مجريات واقعها الراهن يعرف أنّ أعداءنا عملوا على مرّ السنين وما برحوا من أجل الحؤولِ دون تشكّلنا دولاً راسخةَ الهويةِ والدورِ، وسعوا وما زالوا الى إبقائنا مشتتين متناحري المكوناتِ على خلفياتٍ طائفيةٍ وإثنيةٍ وعرقيةٍ ودينيةٍ مصطنعة”.
وأردف: “الاحتلالُ ورعاتُه على يقينٍ من أنهم إذا دحروا مِحور المقاومة لا سمح الله، فإنّ مشروع الشرق الأوسط الجديد يجتاز آخر المعوقات التي تحول دون إرسائه، لأنّ المعادلةَ باتت واضحة اليوم: التّطبيعُ المرفوض من الشعوب العربية مقابلَ تفتيتِ دول المنطقة الى دويلات بحسب مخطط برنارد لويس. ما لا يمكن جرّه الى التطبيع يجب جرُّهُ إلى التقسيم، أمّا الحجر العثرة فأحرار هذه المنطقة، ولهذا يجري استهدافهم من خلال خطةٍ منظّمةٍ قوامها الحصار، فتجفيفُ الموارد، فضربُ العملات الوطنية، فالإفقارُ، فتسليطُ بعض جمعيات المجتمع المدني لتسيير شؤون الناس، فضربُ الثقة بالدولة المركزية، كلّ ذلك سيؤدّي بحسب المخططين إلى خلق الريبة والشكّ ومشاعرِ فقدان الثقة بحركات المقاومة، ما يؤدّي بدوره إلى تفكيك عناصر القوة في المجتمعاتِ المقاومة ووضعها تحت وصاية الجهات المانحة أو المقرضة ومن ثمّ إخضاعها، وبالتالي ترسيخُ وضعيتها كدولٍ ملتبسةٍ ما يؤجّج الفوضى فيها لعشرات السنين”.
وسأل المرتضى: “هل سوى النُخبِ التي منها المكرّمان الأستاذان غالب قنديل ورفيق نصر الله يكشف تلك المؤامراتِ ويفضح أهدافها الهدّامة؟ أوَليس من خلال تلك النخب تُفْضَحُ الدسائسُ التي بدأت مع برنارد لويس وما انتهت مع جون بولتون، وهي بهذا تسهمُ في انتصارِ الوعي الوطني؟ أوَليست مسؤولية تلك النخب أن تفرض بثّ الوعي الاجتماعي لخطورة الترويج لصراعِ الحضاراتِ والثقافاتِ ولخطاب العنف والحقد والطائفية والمذهبية وتفرض أيضاً الحرص على الوحدة ونبذ التفرقة وتعزيز روح التسامح والتآخي، وهذا بالتحديد نقيضٌ لما يريد الكيانُ المغتصب زرعه في منطقة غرب آسيا بدءاً من ضرب المقاومة في لبنان”؟
وتابع: “أيّها الأحبّة إنّ طريق المقاومة الثقافية طريق ذات شوكةٍ ونحن نشهد على أنّ المكرّمَيْن هما من أصلب وأفعل من سلكَها وثبت فيها إذْ خاضا الصراعَ الإعلامي والثقافي والفكري في عصرين معاً هما عصرُ الإعلام الحديث وعصرُ الإعلام الجديد وفي كليهما تجلَّت قدرتُهُما على استعمال الأدوات بفاعليةٍ ونجحا في معركةِ الوعي وكانا في طليعة القادة الفكريين وخاضا الحرب النفسية وجهاد التبيين البليغ ضدّ العدو الإسرائيلي منذ نصف قرن وتخصصا في فضح تكتيكاته واستراتيجياته ودعّما الإعلام اللبناني والعربي بكلّ متاريس الممانعة في مرحلةٍ أولى قبل أن ينتقلا من الدفاع عن الثوابت الوطنية والقومية إلى الهجوم على ايديولوجية العدو وأعوانه في الداخل والخارج، وعكسا في هذا المعترك المقاومة الثقافية بأبهى صوَرها ضدّ الاحتلال الحضاري والثقافي الذي يمثّل أسوأ أنواع الاحتلالات لأنه يبثّ الفرقة والفتن ويرسّخ في النفوسِ الوهنَ والضعفَ والانكسار وهذا بدوره يولّدُ الشعورَ بالهزيمة قبلَ بدء المعركة”.
وختم المرتضى بشكر الجهة المنظّمة بشخص الحاج محمد عفيف واللقاء الإعلامي الوطني وبالتمنّي للمكرّمَيْن بطول العمر ودوام الهمّة للاستمرار في أداء الدور التوعوي الإعلامي الرصين في هذه المرحلة الدقيقة من الصراع مع عدوّ الإنسانية.
قرداحي
بدوره، قال قرداحي: “عندما دعاني الأحبة، لأشارك في تكريم الزميلين الكبيرين، لم أتردّد لحظة، وتجاوبت بحماس، مع هذه الدعوة الكريمة، لأنّ الأستاذين رفيق نصرالله وغالب قنديل يحتلان مكانة خاصة ومميّزة في قلبي وتربطني بكلّ منهما صداقة قديمة ومودّة متجذرة، وأنني اعتبرهما كما كثيرون غيري في هذا الوطن، جبلين شاهقين، مهنياً وأخلاقياً ووطنياً وإنسانياً، ولأنّ كلّ واحد منا، وقف أو يقف على هذا المنبر وبهذه المناسبة لكلمة تكريمية في هذين الرجلين، فإنما يكون هو المكرّم، لأنه حصل على امتياز بل شرف التحدّث عنهما”.
اضاف: “أيها الحبيبان، تكرّمان اليوم من قبل الإعلام الوطني، ولكن المكرّم فيكما، ومن خلالكما، هو الوطن، وهو أيضاً الإعلام الشريف في هذا الوطن. ولكن المكرّم من خلالكما أيضاً، هو العقل والثقافة والروح الوطنية الجامعة والعابرة للطوائف والمذاهب. أيها الحبيبان، كأنكما جبلتما من طينة واحدة، وداعة، وعذوبة، ودماثة، وجرأة، ووضوحاً في الرؤية، وتعلقاً بالقيم العليا، والمبادئ السامية وبالوطن. وقفتما، كلّ من موقعه ومنبره، مع الحقّ، في كلّ قضية وطنية وعربية. ولم تساوما، ولم تستزلما لأحد، وتخلّيتما عن الكثير من المكاسب الخاصة لصالح القضايا المحقة، والصدق، والكرامة، وكنتما دائماً، وتظلان، بإذن الله، صوتاً صارخاً ينادي أن أضيئوا درب الوطن”.
وختم قرداحي: “أيها الحبيبان، مهما قلت وقال غيري، فلن يستطيع أحد منا أن يوفيكما حقكما. أنتما كبيران من لبنان. وأنتما، بفكركما وقناعاتكما وأحاديثكما تحملان المفهوم الحقيقي للبنان، لبنان، الذي كنا، وكنتما تحلمان به، ولا نزال نحلم به جميعاً. أسأل الله أن يطيل في عمريكما، وأن يديمكما منارتين مضيئتين، ليس فقط للإعلام، بل أيضا للوطن”.
عفيف
واستهلّ الحاج محمد عفيف كلمته قائلاً: عرفتُ غالباً، أحد القناديل الأربعة، منذ ثلاثين عاماً ونيّف، ‏قوي العزيمة، ثاقب الرأي، ثابت الجنان، مناضلاً بلا تكلف، شهدتُ ‏له موقفاً ما زال في وجداني، إبان أزمة الإعلام المرئي والمسموع ‏أمام الرئيس الشهيد رفيق الحريري وكان الرجل في ذروة صعوده السياسي، ‏فلم يتجلجل، ولم يتردّد، ولم يجامل حتى حلفاءه الأقربين. وإذ اجتمعنا ‏يوماً عند سماحة السيد حسن نصر الله وكان سماحته مَن ذكّرني بهذه ‏الواقعة منذ أشهر في إطار حديث عن المجلس الوطني للإعلام ‏وشجونه، أفسح في المجال بعزة نفس وخلق متواضع لزميل آخر ‏وكبير فينا هو الأستاذ عبد الهادي محفوظ، مقدّماً مصلحة عامة على شأن خاص استحقه ولا يزال، وأشهد اليوم أنّ لا رجل في لبنان ‏بأسره يعرف قانون الإعلام المرئي والمسموع وقوانين الإعلام عامة ‏مثله وبكفاءته، كان قد وضع نصبَ عينيه قانوناً يتطلع إلى مستقبل ‏واعد يجعل من بيروت عاصمة للإعلام العربي المعاصر في إطار ‏يجمع بين الحرية والمسؤولية، وكان أحد نفر قليل من الخبراء وأساتذة ‏الرأي وسادة الكلمة وبينهم رفيق نصر الله يجتمع يومياً إبان حرب ‏تموز مواكباً الأحداث ومقدّماً الاقتراحات ومنفذاً أميناً لما يُتفق عليه ‏من سياسات، في خدمة إعلام المقاومة وقيادتها تسترشد بها وتغترف ‏منها، حتى إذا كتب نصاً فكأنما يعدّ أطروحة دكتوراه يملأها بالشواهد ‏والأدلة والإثباتات قبل أن يملأ الشاشات والعقل والسمع والبصر أميناً ‏على وعيه المبكر، ثابتاً على خياراته التي اختارها لنفسه طوعاً، وإنْ ‏لم تنصفه في ظني الأيام.‏
وعرفت رفيقاً منذ ربع قرن ونيّف، وهو يتابع الخبر الأول في سيرته ‏ومسيرته وأخبار المقاومة والمجاهدين والشهداء والانتصارات حتى إذا ‏أسرّ له عبد الله بن زايد ذات يوم شيئاً في أذنه فإنما ليسأله بالطبع عن ‏إبن عمه، المقصود السيد حسن نصر الله لا غير‏، ولما صُرف تعسّفاً من قناة أبو ظبي في ذروة عطائه المهني ‏وصورته اللامعة وكان ذلك مقدّمة ضرورية لخطوة التطبيع اللاحق ‏مع العدو، فلا يجتمعان، التطبيع مع إبن حولا الذي تسكن المجزرة الرهيبة في عقله ووجدانه وهو الذي خاطب جنود العدو عبر أثير صوت لبنان العربي لن تدخلوا بيروت، فكان ذلك فرصة للانعتاق من قيود الوظيفة الى ‏رحاب الفضاء العربي الواسع يملأ الشاشات بالشرح والتحليل والنقد ‏والتوصيف وأحياناً بالرهان على قطع يده إذا لم يحصل الحدث ‏الفلاني في الربيع، فإنْ خاب ظنه راهن بقطع يده الأخرى في الربيع ‏الذي يليه، خالطاً بين طبعه الطفولي ونزقه الفوضوي، ورغبته ‏المتواصلة في الإبداع والتطوير وحساً نقدياً لاذعاً لا يجارى، وشغفاً متواصلاً بالمهنة وأهلها حتى لكأنه وهو الأستاذ ‏تخاله نفسه ذلك الفتى المراسل الذي يركض خلف الحدث ووراء ‏الأسرار والخفايا، حتى إذا بكى أيمنَه وأبكانا معه خرج من رحم الوجع ‏ذلك الإنسان الجميل الذي كنا ولا نزال نحبه. ‏
باسمي من موقعي المتواضع وبإسم من أمثل وما أمثل أتقدّم منكما ‏بكلّ شكري واخواني على ما قدّمتموه وكان وجودكما المتواصل إلى ‏جانب المقاومة المظفرة وفي خدمتها وفي خدمة وطننا مصدر فخر لا ‏ينقطع وشكر لا يزول. ‏
وأشار عفيف إلى “أنّ مهنة الإعلام تشهد انحداراً غير مسبوق تعرفه قطاعات حيوية أخرى ‏في إطار الأزمة العامة في البلاد وقلما نجت منه وسيلة إعلامية، تغيب ‏المصداقية وتحضر الإثارة والفتنة والحملات المدفوعة وتستعين ‏بالشهود الذين لم يشاهدوا، وبالاتهامات بلا أدلة وبالروايات الكاذبة، ويفتقد الحوار ويغيب العقل والتبصّر والمسؤولية الوطنية، داخل صراع سياسي ‏محتدم، فيحضر الانقسام والموقف المسبق والجهل المركب، ولقد ‏تحدثت مع إعلاميين كبار ومسؤولين تنفيذيين في المؤسسات ‏الأولى في البلد، ومع وزراء وأعضاء وكتل برلمانية عن سبيل ‏للخروج من هذه الدوامة المقيتة، فنعيد للحقّ قيمته المطلقة، ولبيروت ألقها المستديم، وللإعلام اللبناني شعلته، لا في إطار استحضار الماضي وله ما له وعليه ما عليه، بل في إطار استشراف المستقبل والتحديات الرقمية والظروف السياسية بالغة التعقيد عندنا ومن حولنا، في محاولة مني لفتح كوة صغيرة في جدار صلب ولكن دون جدوى إذ تغيب الرؤية وتضمر الأفكار وتحضر السياسة والمال الهين لا ثاني لهما.
أضاف: لن تفوتني المناسبة دون أن أتطرّق إلى الدور الهدام في تدمير الإعلام اللبناني، يشترون الذمم والضمائر، الأقلام والأفكار، ويغدقون الأموال، ويبنون المؤسسات والمنصات، ويستثمرون كما لم يفعل أحد من قبل في السياسة والعفن الطائفي والحاجة المذلة، وبعد ذالك في السيطرة على الغرائز والعقول.
قاصرون نحن عن المواجهة؟ ربما، ذلك أنّ موازنة مؤسسات كالتي نحكي عنها تفوق موازنة دول. ومقصّرون؟ نعم بالتأكيد إذا بقينا في المراوحة والشلل الفكري والنقص في الخيال وتغييب المسؤوليات والانشغال بالقسمة بدل الجمع وبالتنافس الضارّ بدل التكامل الإيجابي، بالارتجال بدل التخطيط، قادرون على المواجهة حتماً وبلى ونعم وألف نعم. لديهم المال ولدينا الكفاءات، لديهم الإمكانات ولدينا الإرادة، لديهم المؤسسات الضخمة ولدينا الحرية والإبداع، لديهم النفوذ والدعم السياسي والأسماء ولدينا التنوّع اللبناني المذهل والرائع الذي لا يشبه أحداً ولا يشبهه أحد، لديهم قوة الصورة ولدينا قوة الحقيقة، لديهم دبي ونيوم ولدينا بيروت سيدة العواصم وأم الحرف، وإني على ثقة أنّ أجيالاً من تلامذة رفيق نصرالله وغالب قنديل قادرة ان تحمل المشعل وتضيء الطريق.
وأردف عفيف قائلاً: على هامش هذا النص تنبغي الإشارة الى الحملة المنهجية التي انخرطت فيها بعض وسائل الإعلام وعدد من السياسيين والاعلاميين والتي اتسمت بالاجتزاء المقصود والتشويه المتعمّد والضحالة المهنية في محاولة لضرب صورة سماحة السيد ومصداقيته التي تعني الكثير لجمهور المقاومة في العالمين العربي والإسلامي تحت اختراع قضية وهمية وسؤال تشكيكي أمام أحد أكثر المطلعين على قضايا المنطقة وشؤون محور المقاومة حتى أدقّ التفاصيل.
والحال أنّ سياق الخطاب كان واضحاً مخاطباً اللبنانيين. لا تنتظروا التسويات الإقليمية ولا المفاوضات السعودية الإيرانية من أجل تمرير الاستحقاق الرئاسي. آمنوا بأنفسكم وبمصلحة بلدكم ولا تضيّعوا آمالكم ومستقبلكم في انتظار لا طائل منه ولا جدوى. هذا هو الخطاب الذي أُخرج من سياقه في ود وأمل أن يكون مدخلاً هاماً لتسوية الكثير من الملفات العالقة في المنطقة، ونبدي حذرنا الشديد من قيام الولايات المتحدة الأميركية والعدو الصهيوني بالعمل على تخريب هذا الاتفاق بشتى الوسائل والضغوط لأنّ الاستراتيجية الأميركية تكمن أساساً في خلق الصراعات والتوترات السياسية والدينية والطائفية والعرقية ولن تقبل أن يعمّ الهدوء والاستقرار اللذين هما مصلحة شعوب المنطقة أولاً ونجدّد التأكيد أنّ موقفنا في ملف الرئاسة في لبنان قبل الاتفاق الإيراني السعودي وبعده هو نفسه والوصول الى الخواتيم المرجوّة له بالحوار حصراً بين اللبنانيين بعيداً عن أيّ تدخل خارجي.
وختم عفيف كلمته بالقول: مرة أخرى غالب ورفيق شكراً لأنكما معنا ومن نور مسيرتكما المذهلة نستمدّ الفرح وقوة العطاء والصمود والانتصار.
ثريا عاصي
وألقت الكاتبة والإعلامية ثريا عاصي كلمة بإسم اللقاء الإعلامي الوطني أكدت فيها “أنّ المكرّمَيْن يرمزان إلى الجهود المبذولة من أجل إنقاذ شرف المهنة من الانحرافات الخطيرة التي تلوّث سمعتها وتحوّل ما كان يُعرف بالسلطة الرابعة إلى طابور رابع”.
“أعني بذلك الانحراف الأكثر خطورة، والمتمثل بالتفريق الكامل ما بين المهنية والوطنية، بل واعتبارهما أمرين متناقضين غير قابلين للتعايش معاً، ما يستوجب تسخير أحدهما، أيّ الوطنية، خدمة للثاني أيّ المهنية”.
واعتبرت عاصي “أن غالب ورفيق عيّنة راقية من الكتاب المدافعين عن حرية الإعلام المهدّدة بالزوال الكامل من خلال الفصل ما بين الشأنين: الوطني والمهني، مضيفة: “كلّ منهما مدرسة قائمة بذاتها، وأمامهما درب كفاح شاقّ لأنه درب الحرية”.
نصرالله
أما المكرَّم نصرالله فقال: “ثمة عبارة لأحد أكبر رواد المسرح العالمي وهو صمويل بيكيت تقول: مهما تعدّدت الفصول والمشاهد على الخشبة، لا بدّ بالنهاية من ان تُسدل الستارة، سينحني بطل المسرحية ومن معه لجمهور سيصفق لبعض الوقت، ثم تطفأ الأنوار ويسود صمت مريب”.
أضاف: “حاولت أن ألعب كلّ أدواري على خشبة لا ستارة لها. لهذا أرجوكم ألا يكون هذا التكريم الذي أعتز به كستارة على عمري الإعلامي الذي امتدّ لخمسين عاماً. أريد أن أبقى ذلك الفتى الذي تظاهر في شوارع بيروت، حلم بها كبيراً ومراهقاً، وصرخ واعتقل في مخافر عديدة اثر كلّ تظاهرة. ذلك الفتى الذي كبر في بيت متواضع عند أطراف الضاحية لجهة حرش بيروت، وصورة عبد الناصر معلقة في صدر البيت”.
وتابع: “في هذا الزمن الذي يتكالب فيه صعاليك المراحل، ونحن نخوض حروباً مفتوحة تمتدّ من رغيف الخبز الى الحدود، الى الهوية، نحتاج لأن نمتلك الميديا المتقدّمة، القادرة على ان تكون شريكة كاملة بالمواجهة، والميديا نصف المواجهة وأحياناً كلّ المواجهة، وعلينا ان نعترف ببعض القصور في امتلاكها. انها معركة التجديد المعرفي والأخلاقي في الميديا، كما في المبادئ والعقيدة والصراع التاريخي ومعركة امتلاك الإمكانات والمقومات والرؤى، فالصراع في العالم الآن حول من سيمتلك السطوة لإدارة الوعي المعرفي ووسائط ووسائل التواصل، وهي معركة كبرى ويجب ان نكون شركاء فيها. علينا ان نجدّد خطابنا الإعلامي بالحداثوية والرؤيوية والمشاغبة أحياناً، فبعض دولنا وساحاتنا أخذت بالميديا والتضليل وكي الوعي وتحريف البوصلة”.
وأردف: “نحتاج الى هذا الكمّ المعرفي لبناء جيل إعلامي بكلّ ما يحتاج من قدرات. ولنقم المشروع الثقافي النهضوي انطلاقاً من مفهوم المقاومة والممانعة ويجب ان يكون لدينا المفكرون الأحرار، كما قال تولستوي هم أولئك الذين يرغبون في استخدام عقولهم دون خوف وتحيّز وانْ يمتلكوا الغد. وراء كتفي مرّ زمن وأزمان، ولا أدري كم سيمرّ بعد، مرت وجوه وأعتاب، أماكن وجهات أسماء وصفات وهامات وبسطاء، رفاق وأصدقاء شهداء ومناضلون، وأيضاً سفلة وغدارون. جلست على موائد رؤساء وتقاسمت الخبز مع فقراء وأناس طيّبين مثل رغيفهم، أوفياء مثل وساداتهم. ظهرت على شاشات وأمام أضواء وأخذت أوسمة وتنويهات. أصبت وجرحت وقمت بتغطية حروب ومؤتمرات وقمم”.
وقال: “ما أعرفه انني سأظلّ كما عاهدت نفسي وعاهدت أبو رفيق وشهداء حولا وكلّ الشهداء الذين سقطوا للدفاع عن عروبتنا وهويتنا تماماً كما تربّيت وحلمت وآمنت وناضلت. ان الوقت الآن لتجديد خطابنا، ليس الإعلامي فقط بل التوعوي، ولهذا أنا دائماً من دعاة التجديد في الفكر القومي العربي لاستعادة الذات، والاتجاه نحو عروبة جديدة وانْ كانت بعض عروبتنا قد أوجعتنا. لنمتلك الوسائل والشاشات والوعي ونكون شركاء في هذا الصراع المعرفي، نحن نحتاج الى إعلاميين جدد، لكن ليس الى المحافظين الإعلاميين الجدد وما أكثرهم من حولنا من أتباع أدرعي”.
وختم: “لنمتلك الهوية ولنكن دائماً في موقعنا حيث الثوابت والقيم الوطنية والتوجهات التي لن تتبدّل، وكما قال المفكر والمؤرخ فرانسوا دوس انّ مفاتيح المعاصرة تكمن في فهم سؤال التاريخ والذاكرة والاعتراف بالآخر”.
قنديل
بدوره، قال المكرّم قنديل: “سأقولها بالفم الملآن وبالصرخة والصوت العالي، من أجل أن نوقظ الوعي في مجابهة التحديات. تلك هي رسالتنا، وذلك هو دورنا وهو دور قد لا يكون سهلاً أو يسيراً دائماً. فثمة أوضاع وظروف ومعادلات قد تكون فيها كلفة الموقف رقبة، ولطالما ذهبت المواقف أحياناً برقاب أصحابها بسيوف تعسّف وغدر وتآمر، لا نزعم بطولة سلاح الموقف لكن سلاح الموقف في لحظة حرجة قد يصبح درب منجاة لشعب وطريق خلاص لوطن”.
أضاف: “كنا وما زلنا وسنبقى مع الكلمة الحرة، مع الموقف الصلب الشجاع الذي لا يساير والذي يلتزم سكة الحق والحقيقة بلا مخاذلة. تلك هي المسألة التي عليها يمكن أن تبنى وتشق مسارات ودروب التحرّر والبناء والتنمية في أيّ بلد كبلدنا”.
وتابع: “هذه المحطة هي بالنسبة لي مبعث فرح وارتياح ومصدر فخر، وهي في نفس الوقت محطة تحدّ لإكمال المسار ومتابعة الطريق في الموقف المبدئي الصارم كحدّ السيف. هذا هو التحدّي الحقيقي، تحدّي ألا تبيع ذمّتك وألا ترهن ضميرك وألا تخاذل في قول الحقيقة وفي اتخاذ الموقف الصحيح حين يستدعي الأمر موقفاً مهما كانت الكلفة”.
وأردف: “لن أطيل عليكم ولكني أقول انّ ما مضى من التجربة يجعلني أكثر تمسكاً بالمبادئ التي بها آمنت ولها نذرت وكنت دائماً أميناً لها حريصاً عليها، لا أقبل أن أساوم ولن أساوم، سأقاوم سأقاوم سأقاوم”.
وختم: “أعاهدكم أننا ماضون على هذا الدرب حتى النصر أو الشهادة وإننا لمنتصرون”.
وتخلل الحفل عرض تقارير توثق مراحل عمرية وعملية مختلفة للمكرّمين، وكانت لكلّ منهما كلمة شكرا فيها القيّمين على التكريم، وتمّ تقديم دروع التقدير والعرفان لهما على جهودهما خلال سنوات النضال الطويل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى