أخيرة

لك الله يا شعب السودان

 

مجرد أن يكون التراكم اللاأخلاقي في ذاتك من التضخم والتكدّس لدرجة ان يدفعك نحو المشاركة في قتل شعب مستضعف من المفترض أنه شقيق، لم تمتدّ يده في يوم من أيام التاريخ إليك بالأذى او المعاداة، وأعني بذلك الشعب اليمني الحبيب، ومجرد أن يكون الإنسلاخ عن أيّ قيمة إنسانية وأيّ انتماء ديني أو قومي يبيح لك تقديم التقارب والتصادق والتطبيع ومن ثم تتبيع بلدك لألدّ أعداء الإنسانية، ومن باب أوْلى لألدّ أعداء العالمين العربي والإسلامي، مجرد ان تنخرط في هاتيك التوجهات البائسة، فلا يستبعد أبداً ان تندفع بلا هوادة نحو صراع شخصي، ولمصالح شخصية تكون فيه مصلحة وطنك وشعبك هي آخر ما تضعه بعين الاعتبار…
رجلان ينتميان بجدارة وبلا مواربة إلى أسوأ إنتاج إنساني، بلا بعد أخلاقي أو قيمي او اعتباري، اندفعا الى صراع كما صراع الفيلة، يحطمان كلّ ما هو في طريق طموحهما المقيت، فأخذا يكيلان الضربات بعضهما لبعض، في سبيل الاستحواذ على أكبر كمية من المنافع الشخصية، والذهب البارق والأموال التي تتكدّس في البنوك بينما غالب الشعب يتضوّر من شدة الفاقة والجوع، ويصطفّ في طوابير كيلومترية ولساعات طوال ليحظى برغيف من الخبر، بينما تقبع بلاده الشاسعة الأرجاء في إطار من الثروات الباهظة التي تنتظر إدارة كفوءة وعقل مستنير لتجعل منها جنة الله في الارض، وسلّة غذاء لمئات الملايين من البشر، وثروات لا تنتهي من الذهب والمواد الخام، وحشود وقطعان من الثروات الحيوانية تفيض عن حاجات بلاد وشعوب على مدّ البصر، وعلى مساحات الأرض، ومياه نهرية ومطرية وجوفية تتدفق بلا انقطاع، تكفي لإرواء الأرض الى درجة ما بعد الإشباع…
يترك كلّ هذا بواراً ليتفرّغ شذاذ الآفاق، الطارئون على الزمن والتاريخ، للاقتتال على المكاسب الشخصية، ولتذهب البلد وليذهب الشعب إلى الجحيم، ويطاح خلال هذه المسيرة البائسة الآثمة بالوطن وبالانسان وبالمستقبل بلا رحمة وبلا وازع من أدنى درجات الانتماء، وبلا رادع من ضمير أو شعور تجاه هذا الشعب المنكوب، لك الله يا شعب السودان.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى