مانشيت

اللجنة الخماسية أقرت بالعجز والانسداد في اجتماعها وعادت لمناشدة النواب والتلويح بالعقوبات / الإعلام الحربي ينشر فيديو عملية برية يعيد التذكير بعشية انطلاق الطائرات المسيرة نحو كاريش/ تجاذب بوحبيب والتيار حول التشكيلات الديبلوماسية.. ومثله بين مولوي وعثمان حول المعلومات /

كتب المحرّر السياسيّ
أنهت اللجنة الخماسية الخاصة بلبنان، التي تضم ممثلين لكل من واشنطن وباريس والرياض والقاهرة والدوحة، اجتماعها المؤجل والمرتقب منذ خمسة شهور، وكان واضحاً حرص الدوحة على استضافة الاجتماع لدفع المبادرة الفرنسية الرئاسية نحو الخلف، والبحث عن فرص للعب دور متقدّم تحت شعار ان قطر تنسق مع السعودية وأنها تملك قدرة الحوار مع واشنطن وطهران، وصولاً للتواصل مع حزب الله، وتريد فرصة لاختبار إمكانية تسويق ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون، لكن الاجتماع كما يوحي البيان الصادر في ختامه، انتهى إلى الحديث عن الأزمة والانسداد والعجز والفشل، مناشداً النواب اللبنانيين الذين اتهمهم أصلاً بالعجز، لمعالجة أزمة الفراغ وانتخاب رئيس جديد، مضيفاً التلويح بالعقوبات، وهي لغة يعرف أصحابها تضعف قدرة أصحابها على لعب دور الوسيط وتحبط الفرصة لإطلاق المبادرات.
مع الفراغ المديد عادت إلى الواجهة قضية الجزء الشمالي من بلدة الغجر المحتلة رغم القرار 1701 الذي يلزم كيان الاحتلال بالانسحاب منه، والنقاط المشابهة على طول الحدود التي تقع تحت الاحتلال ويتحفظ لبنان عليها منذ رسم الخط الأزرق، وقضية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة العالقة منذ العام 2000، ومنذ خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى بدء حرب تموز 2006 قبل أيام وما تضمنه من رسم لمعادلات المقاومة بالاستعداد لتحرير الجزء الشمالي من بلدة الغجر، وصولاً لسائر النقاط اللبنانية المحتلة وانتهاء بمزارع شبعا حيث وضعت المقاومة خيمة رفضت التجاوب مع أي وساطة لإزالتها. وكان الجديد في الفيديو الذي وزّعه الإعلام الحربي لمشهدية اقتحام المقاومة موقعاً للاحتلال يعود للواء جولاني وتدميره، وقد وصفه الخبراء باستعادة لفيديو مشابه وزعه الاعلام الحربي عشية انطلاق المسيرات الى حقل كاريش، التي فرضت المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية، ما يعني أن المقاومة على عتبة خطوات عملية تفتح طريق الضغط الميداني لفرض الانسحاب على قوات الاحتلال.
داخلياً سجلت تجاذبات بلغة مرتفعة بين التيار الوطني الحر ووزير الخارجية عبدالله بوحبيب دخل على خطها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، محورها التشكيلات الدبلوماسية التي أجراها الوزير بوحبيب لموظفي الفئة الثالثة في الوزارة، وهو ما قال ميقاتي إنه لا يحتاج الى مجلس الوزراء وإنه من صلاحيات الوزير ولا يتعارض مع تصريف الأعمال بالتالي، بينما سجل تجاذب آخر على خط العلاقة بين وزير الداخلية بسام مولوي والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، حول مرجعية شعبة المعلومات للمدير العام أو لهيئة الأركان، كما يقول الوزير.

 

واجتمعت في العاصمة القطرية اللجنة الخُماسية لأجل لبنان بمشاركة مُمثلي السعودية ومصر والولايات المُتحدة وقطر والموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الذي سبق أن زار لبنان ثم السعودية، وأنهت أعمالها أمس.
وبحسب مصادر إعلامية فإن الاجتماع كان إيجابياً، وقد بدأت الأمور تأخذ منحًى جديًاً في البحث عن حلول. وقد اتفق الحاضرون على متابعة ودعم جولات لودريان بين لبنان ودول المنطقة. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي ربطاً باجتماع اللجنة الخماسية: «فرنسا لن تترك لبنان وستواصل جهودها مع شركائها الدوليين المشاركين في الاجتماع وغيرهم للتوصل إلى حل للأزمة الرئاسية والمطلوب تعاون القوى اللبنانية».
وأكدت البلدان الخمسة وفق بيان على «الالتزام بسيادة لبنان واستقلاله، غير أنها تتابع بقلق، أنه وبعد تسعة أشهر تقريبًا من انتهاء ولاية ميشال عون لم ينتخب القادة السياسيون للبنان خلفًا له. ومن الأهمية بمكان أن يلتزم أعضاء البرلمان اللبناني بمسؤوليتهم الدستورية وأن يشرعوا في انتخاب رئيس للبلاد. وناقشت البلدان خيارات محددة في ما يتعلق باتخاذ إجراءات ضد أولئك الذين يعرقلون إحراز تقدّم في هذا المجال».
ورأت أنه «لا بد أن ينتخب لبنان رئيسًا للبلاد يجسد النزاهة ويوحد الأمة ويضع مصالح البلاد في المقام الأول، ويعطي الأولوية لرفاه مواطنيه ويشكّل ائتلافًا واسعًا وشاملًا لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأساسية، لا سيما تلك التي يوصي بها صندوق النقد الدولي»، مشدّدة على أنها «على استعداد للعمل مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإجراءات الإصلاحية، التي لا مفر منها لتحقيق ازدهار البلاد واستقرارها وأمنها في المستقبل».
كما أكدت مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة الأميركية، «الحاجة الماسة إلى الإصلاح القضائي وتطبيق سيادة القانون، لا سيما في ما يتعلق بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت عام 2020». وحثّت بقوة القادة والجهات اللبنانية على اتخاذ إجراءات فورية للتغلّب على المأزق السياسي الحالي». وأشارت الى «أهمية تنفيذ الحكومة اللبنانية لقرارات مجلس الأمن الدولي والاتفاقيات والقرارات الدولية الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك تلك الصادرة عن جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي تضمن الحفاظ على الوحدة الوطنية والعدالة المدنية في لبنان».
وكان رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطرية محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني استقبل، لودريان، بمناسبة زيارته للبلاد. وجرى خلال اللقاء استعراض علاقات التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى مستجدات المنطقة، لا سيما في لبنان، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء القطرية «قنا».
وإذ تنظر مصادر سياسية إلى بيان اللقاء الخماسي بإيجابية لجهة تجديد التفويض لفرنسا لاستمرار جهودها لحلّ الأزمة اللبنانية، وفق ما أوحى البيان، لفتت لـ»البناء» الى سلبية في ظاهر البيان وهي البقاء في العموميات وعدم التوافق على رؤية محددة لتسوية سياسية ضمن سلة كاملة للحل أي انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة وحكومة والاتفاق على أسماء للمناصب العليا لا سيما حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش. كما لاحظت المصادر أن تقليص تمثيل الولايات المتحدة الأميركية يعكس عدم اهتمام أميركي بالملف اللبناني، وخلافاً بين أعضاء الخماسية على مقاربة للملف اللبناني. وبدل أن تقدم دول اللقاء الخماسي المظلة الدولية والإقليمية لأي تفاهم داخلي والدفع بهذا الاتجاه، اكتفت بالتلويح بعقوبات تستهدف بعض السياسيين لاتهامهم بعرقلة انتخاب الرئيس ما يتلاقى وأحد البنود في متن قرار البرلمان الأوروبي الذي اتهم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر دون غيرهم بتقويض الدولة وعرقلة عجلة المؤسسات، ما يخفي التصويب والاستهداف السياسي لبعض الأطراف السياسية، فضلاً عن انتهاك سيادة لبنان والاعتداء على اقتصاده وتهديد أمنه عبر إبقاء النازحين السوريين في لبنان واتخاذ كل الإجراءات لمنعهم من العودة.
وندّد المكتب السّياسي لحركة «أمل» بـ»الموقف المخزي للبرلمان الأوروبي في ما يتعلّق بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، ومنع عودتهم إلى ديارهم الّتي شرّدتهم منها المشاريع الغربيّة الّتي استهدفت أمن سورية الشّقيقة واستقرارها»، مشدّدًا على أنّ «القرار الأوروبي تفوح منه رائحة المشاريع الاستعماريّة الهادفة إلى اللّعب بجغرافيا المنطقة وتوازناتها، خدمةً للعدو الصّهيوني الّذي كان أوّل من لجأ إلى سياسات التّشريد والطّرد للشعب الفلسطيني، وعمل وما زال من أجل فرض مشاريع توطين ضحاياه في بلدان اللّجوء».
وأكد المكتب في بيان بعد اجتماعه الدوري «ثبات حقّ لبنان في أرضه وسيادته على كلّ شبرٍ منها في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر»، مشيداً بـ»صمود أهالي المنطقة وفاعليّاتها والإعلاميّين، في مواجهة آلة الحرب الصّهيونيّة الّتي مهما تجبرّت ستبقى عاجزةً أمام إرادة شعبنا».
وتتفاقم الخلافات السياسية الداخلية، واندلع اشتباك جديد بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتيار الوطني الحر على خلفية المناقلات الدبلوماسية لعدد من موظفي الفئة الثالثة التي قام بها وزير الخارجية عبدالله بوحبيب المحسوب على «التيار».
وسأل ميقاتي في بيان لمكتبه الإعلامي: «لو أن معالي وزير الخارجية وافق على تدخلات «التيار» في ما خصّ بعض الاسماء الواردة في قراره، هل كانت ستشن عليه وعلى رئيس الحكومة هذه الحملة؟ واستطراداً، ليتفضل مَن أوعز بشن هذه الحملة ويقودها ويثبت اذا كان دولة رئيس الحكومة قد تدخل بأي اسم من الأسماء الواردة في القرار».
وردت لجنة الإعلام والتواصل في «التيار»، على ميقاتي مشيرة إلى أن «لا حاجة لتبيان ما يقوم به رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من مخالفات دستورية، ومن مدّ اليد على صلاحيات رئيس الجمهورية، وصولاً لمسعاه المستميت لتعيينات الفئة الاولى».
واكدت أن «بيان ميقاتي يدين صاحبه بما يحمله من مغالطات وتناقضات، تحمل في طيّاتها النيات والأفعال العدوانية تجاه الدستور والميثاق وموقع رئاسة الجمهورية».
وفي وقتٍ حسم النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين بأن لا استقالة جماعية للنواب الأربعة، أكد شاهين لـ»رويترز» أن «البنك المركزي سيوقف عمل منصة «صيرفة» بعد انتهاء فترة عمل الحاكم رياض سلامة. وأوضح شاهين أن «قيادة المصرف تجري محادثات مع صانعي السياسات في الحكومة والبرلمان، وكذلك مع صندوق النقد الدولي، بشأن الحاجة إلى الابتعاد عن هذه المنصة نظراً لافتقارها إلى الشفافية والحوكمة». ولفت الى أن «الأمر يتعلق بالطريقة التي سيتم بها الإلغاء التدريجي لصيرفة».
ولفتت أوساط نيابية لـ»البناء» إلى أن تلويح نواب الحاكم بالاستقالة وتصريح أحد نواب الحاكم حول وقف منصة صيرفة، أحدث خضة سلبية في السوق السوداء وحالة من الهلع والخوف بين كبار التجار الذين سارعوا الى شراء كميات كبيرة من الدولارات عبر منصة «صيرفة». وكان سعر صرف الدولار سيستمرّ بالارتفاع التدريجي السريع لولا التدخل السريع لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة عبر بيان أكد خلاله التزام البنك المركزي العمل بالتعميم المتعلق بـ»صيرفة».
واتهمت أوساط مالية عبر «البناء» نواب الحاكم بالتنسيق مع سلامة الإيعاز للمضاربين في السوق السوداء من مصارف وصرافين وشركات كبيرة، للتلاعب بالعملة الوطنية لرفع سعر الصرف كرسالة ضغط على السياسيين والحكومة للتمديد للحاكم الحالي تحت ضغط التهديد بانفلات سعر الصرف الى حدود غير مسبوقة بحال استقال نواب الحاكم ورفضوا تسلم المسؤولية.
إلا أن خبيراً في الشؤون المالية والنقدية أوضح لـ»البناء» الى أن نواب الحاكم ملزمون بتحمل المسؤولية ولا يمكنهم الاستقالة خاصة في هذه الظروف الخطيرة التي تمر بها البلاد، ولا ترك مصرف لبنان من دون إدارة، ولا مفاعيل قانونية لأي استقالة، خاصة إذا رفضتها الحكومة». ولفت الى أنه «لا يمكن لنائب الحاكم أو النواب الثلاثة بعد تسلمهم سدة الحاكمية العبث بالتعاميم الماضية لا سيما صيرفة بشكل تلقائي ومن دون إجراءات موازية أو بدائل وإلا ينفلت السوق ولا يعود يستطيع لا المصرف المركزي ولا الحكومة لجمه».
كما أشار الخبير إلى أنه لا يستطيع مصرف لبنان تحرير سعر صرف الدولار في الوقت الراهن لا سيما في الأزمات والأوضاع غير الطبيعية لأنه يعطي مفاعيل عكسية، لأن أي تحرير لسعر الصرف يجب أن يترافق مع إجراءات اقتصادية ومالية لضبط أي اندفاعة كبيرة للدولار، وثانياً عدم امتلاك المصرف المركزي الاحتياط الكافي من العملة الصعبة وثالثاً أن المركزي قد لا يستطيع مجابهة مافيات السوق المتحكمة بلعبة السوق والمتلاعبين بالعملة الوطنية».
وانتقد الخبير نواب الحاكم الذين لم يعترضوا على كامل القرارات التي أصدرها مصرف لبنان منذ تعيينهم حتى الآن، لا سيما على التعاميم المتعلقة بصيرفة، خصوصاً أن سلامة كان يتخذ القرار والتعاميم بمفرده ويعلنها باسم المجلس المركزي الذي يضم نواب الحاكم. وتساءل: ما الذي كان يمنعهم من الاعتراض على التعاميم التي استنزفت الاحتياط المركزي من تغطية الكهرباء ودعم المحروقات والسلة الغذائية وغيرها؟
الى ذلك، تسلمت الأمانة العامة لمجلس الوزراء من وزارة المالية مشروع قانون موازنة العام 2023 وسيُصار الى عقد جلسات متتالية لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل والجلسة الأولى ستنعقد الاثنين في 24 من الشهر الحالي. وكان وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل رفع إلى رئاسة مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2023، مقارناً مع قانون موازنة العام 2022 والفروقات الحاصلة، وذلك لدرسه وإقراره وإحالته الى المجلس النيابي وفق الأصول.
في شأن اقتصادي ثانٍ، عقدت لجنة المال والموازنة جلسة برئاسة النائب إبراهيم كنعان لبحث وإقرار قانون الصندوق السيادي للنفط والغاز بحضور وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض ووزير المال ونواب. وعقب الجلسة قال كنعان «ناقشنا تقرير اللجنة الفرعية للصندوق السيادي وأكدنا على ما تضمن من التزام باستقلالية إدارته وشفافية حساباته واستثماراته الخارجية وسنعقد جلستين الخميس والاثنين لإقراره بشكل نهائي ورفعه للهيئة العامة ليكون جاهزاً قبل المباشرة بالتنقيب في منتصف شهر آب».
على صعيد آخر، ظهر الخلاف على السطح بين وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وبين مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، وأصدر مولوي قراراً ألغى بموجبه البرقية الصادرة عن اللواء عثمان بربط شعبة المعلومات بعثمان بصورة استثنائية ولضرورات الخدمة. فوجّه مولوي كتاباً الى عثمان يطلب منه التراجع عن مخالفته القانونية للتنظيم الداخلي لقوى الأمن وطلب منه الرجوع فوراً عن قراره العشوائي، وطلب الرجوع فوراً عن التدابير المتخذة وإعادة وصل المعلومات بهيئة الأركان. وبسبب عدم تحرّك عثمان أصدر مولوي القرار الذي ألغى فيه البرقية التي صدرت بتاريخ 27 حزيران بسبب مخالفته القانون، وباتت المعلومات اليوم في مكانها الطبيعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى