أخيرة

دبوس

الحدود وسايكس بيكو

هي الحدود التي قام الوحش الأنجلوساكسوني بابتداعها ومن ثمّ تكريسها لتكون حاجزاً فيزيائياً بين شعوب لطالما كانت جسداً واحداً، بالعقل وبالكيمياء وبالمزاج وبالقالب الشرقي، والعادات والمأكولات والرقص والغناء والبكاء والزغرودة والدبكة، وفوق كلّ هذا بالتخالط العائلي وبالتماثل الجيني، ثم يأتي اللص ذو الشعر الذهبي والعيون الزرقاء، والفاقد لأيّ قيمة اخلاقية، والأرجح أنه لا ينتمي الى فصيلة الإنسان، ويقوم بتمزيق التكوين المتماثل والمتواصل لشعوب المنطقة، تمهيداً لسلب ثرواتها، والاستيلاء على مقدراتها. ولكنني لا أفهم الاستمرار في احترام هذه الحدود الشائنة بعد خروج هذا المحتلّ، سوى بأننا ما زلنا مرتهنين ومصادرة إرادتنا للتغوّل الأنجلوساكسوني بعد أكثر من مئة عام على إتفاقية بين قوىً أوليغارشية قامت من خلالها بتحطيم أمتنا، وتقسيمها بطريقة يتسنى معها إحكام السيطرة على شعوبنا ونهب ثرواتنا…
هنالك دول أنشئت بطريقة يتسنى معها افتعال أكثرية دينية مصطنعة، لإحداث حالة يُبَرّر معها، في ما بعد، إنشاء دولة دينية أخرى في المنطقة، زال المحتلّ، أو هكذا أوحيَ لنا، ولمّا تستأصل تعاويذه وآثاره المميتة، وسمومه الزاعفة في ثنايا بلادنا، وفي الرأس منها الحدود، لن يكتب لهذه الشعوب الخلاص من الأزمات الاقتصادية والسياسية، وتهاوي الأمن القومي والخضوع للقرار الخارجي، وغياب الأمن الغذائي، وتراكم الديون المفجعة، إلا بتحطيم هذه الحدود، وبزوغ فجر الأمة المتكاملة الممسكة بإرادتها، لماذا لا نبدأ بإعادة إنشاء الهلال الخصيب، والذي يخلق كياناً واحداً من العراق وسورية ولبنان والأردن وفلسطين؟ ثروات هائلة، واكتفاء ذاتي، وقدرات عسكرية رادعة حتى للدول الكبرى، وتكامل زراعي وحيواني يغنينا عن استيراد أيّ شيء على الإطلاق، لست أرى أيّ سبب يمنع قيام ذلك، إلّا اذا كنّا مستعمرين للمستعمر ذاته، ونحن لا ندري!
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى