أولى

خطاب جعجع الحربي

– الخطاب التصعيدي لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ومثله خطاب رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، يذهب بعيداً جداً عن الاستحقاق الرئاسي، ليقول إن كل العملية السياسية بما فيها الانتخابات الرئاسية بلا قيمة، وإن كل العمل السياسي ومنه الحوار بلا جدوى، وإن القضية هي قضية مواجهة مفتوحة مع حزب الله.
– هذه المواجهة لا تستند إلى متغير دولي أو إقليمي حقيقي يقول إن تغييراً لحق بموازين القوى التي انتهت بخروج تركيا من مواجهة روسيا في سورية وانضوائها في مسار استانة، وانتهت بخروج السعودية من مواجهة إيران وانضوائها في إطار اتفاق ثلاثي سعودي إيراني صيني، بل إن المشهد الدولي والإقليمي يؤكد على أن التوازنات التي فرضت هذه التحولات تتجذر وتترسخ أكثر فأكثر.
– الطرفان تشاركا في وهم الرهان قبل أربعين عاماً على حسابات “إسرائيلية”، رافقت اجتياح لبنان، وخلال سنتين كانت الحصيلة هزائم سياسية وعسكرية تصيب الفريقين في الكثير من المستويات الدستورية والكثير من المناطق اللبنانية، فسقطت الرئاسة الكتائبية مع سقوط اتفاق 17 أيار رغم بقائها شكلاً، وسقطت هيبة القوات اللبنانية مع سقوط حضورها في الشوف وعالية ساحلاً وجبلاً، وخسر الأميركي والإسرائيلي معهما وانهار مشروعهما في لبنان والمنطقة يومها.
– السؤال هو هل يُخفي الخطاب التصعيدي رهانات مشابهة، في ظل الحديث الذي يردّده الفريقان عن هجوم أميركي على الحدود السورية العراقية، وعن تحضير لضربة إسرائيلية للمقاومة، وعن هجوم معاكس في سورية انطلاقاً من السويداء ودير الزور، وإذا كان السبب وراء التصعيد هو هذا الرهان، فهذا يعني أن لبنان على موعد مع حماقة جديدة سيدفع اللبنانيون ثمنها للأسف كما حدث مع التي سبقتها.
– إذا كان السبب هو الشعور باستحالة القدرة على الفوز بالاستحقاق الرئاسي من جهة، وفقدان القدرة على تعطيل النصاب من جهة أخرى، والرهان على خوض معركة المواجهة مع العهد الرئاسيّ الجديد بصورة استباقية وتحت عنوان المقاومة وسلاحها، فهذا يعني مخاطرة أخرى برزت معالمها في نماذج الطيونة والكحالة، ويقدّم بعض الإعلام نموذجاً آخر عنها.
– احتمال أن يكون وراء التصعيد إيحاء خارجيّ أميركيّ مباشرة او عن طريق إحدى دول الخليج، فهذا يعني تكرار مشهد 1983 عندما قال الأميركيون للرئيس أمين الجميل إنهم سوف يهاجمون دمشق فخرج يعلن أنه سيقوم بقصفها، قبل أن يكتشف بعد شهور قليلة أنهم كانوا يفاوضونها، وعندما أرسل الجميل مَن يسأل الأميركيين لماذا فعلوا به ذلك؟ قالوا لمن سألهم، لأننا كنا نفاوض، فكنا نحتاج الى التصعيد لنفاوض عليه، ولو قلنا له إننا نفاوض لما قام بالتصعيد بل لسبقنا إلى دمشق.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى