أخيرة

مؤتمر نداء الأقصى وعين غزال

‭}‬ حمزة البشتاوي

 

حمل مؤتمر نداء الأقصى الثاني الذي عُقد في العراق خلال شهر أيلول الحالي بمشاركة 60 شخصية دينية وفكرية وثقافية من 60 دولة حول العالم، من بينهم مفتي فلسطين الشيخ محمد أحمد حسين، ورئيس أساقفة سبسطيا للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، وتوشار حفيد المهاتما غاندي، ومانديلا حفيد نيلسون مانديلا… حمل رسائل سياسية متعددة، وذلك استناداً إلى ربط الثورة الحسينية الخالدة بالقضية الفلسطينية باعتبارها عنواناً أساسياً لمواجهة قوى الشر والباطل والاحتلال، ومن أجل ترسيخ قيم الحرية والعدالة لفلسطين.
وتضمّن جدول أعمال المؤتمر عدة محاور، تتعلق بمبادئ النهضة الحسينية والقضية الفلسطينية وشهادات من الواقع الفلسطيني والدور التاريخي للشعب العراقي في الدفاع عن القضية الفلسطينية، والخطاب الفكري والثقافي وقضية فلسطيني .
وإضافة لهذه العناوين خصّص المؤتمر جلسة عمل ناقشت الواقع الفلسطيني وجهاد العراقيين في فلسطين.
حيث كان للجيش العراقي دور مميّز في معارك الدفاع عن فلسطين. ومنها معركة جنين التي جرى فيها إيقاع الخسائر الكبيرة بصفوف العصابات الصهيونية المهاجمة، ولم يحظ الجيش العراقي في ذلك الوقت بدعم عربي أو حتى من الحكومة، ولكن الجيش العراقي ومعه المقاومون الفلسطينيون استطاعوا مواجهة العصابات الصهيونية دون خوف أو تراجع، ولولا تلك البطولة لكانت جنين اليوم من المدن المهجرة، بينما هي الآن تمثل عبئاً استراتيجياً للاحتلال وجيشه وعصابات المستوطنين.
ومن ذاكرة الفلسطينيين عن جهاد العراقيين في فلسطين، دورهم الكبير في الدفاع عن قرية عين غزال التي تتميّز بروح البطولة والانتماء للأرض وبأشجار الزيتون والتين والصنوبر والكينا والأزهار البرية والصبار، وكثرة عيون الماء، وبعنفوان أبنائها الذين شارك عدد منهم في ثورة العام 1936، وفي معركة الدفاع عن القرية عام 1948، حيث قاوم أهل قرية عين غزال الغزاة ومنعوهم من التقدّم نحوها إلا بعد أن تمّ تدمير جزء كبير منها، في معركة برية وبحرية وجوية، ولم يبق صامداً في هذه المعركة سوى جهاز لاسلكي قدّمه الجيش العراقي هدية للمناضلين في عين غزال، ومنه انبعث خلال المعركة صوت أحد المناضلين مستغيثاً: علي ينادي القيادة… القوات الصهيونية تهاجم عين غزال براً وتقصفها السفن بحراً والطائرات جواً، ذخائرنا تتناقص وفي طريقها إلى النفاذ… أرسلوا لنا قذائف الهاون، رصاصاً وقنابل يدوية، العدو يتقدّم نحو مبنى المدرسة أغيثونا أنجدونا أكرّر أكرّر…
هذه الاستغاثة تشبه رسالة عبد القادر الحسيني إلى الجامعة العربية والتي قال فيها: اني أحمّلكم المسؤولية بعد أن تركتم جنودي في أوْج انتصاراتهم بدون عون أو سلاح.
والنداء الذي يُسمع صداه في الأقصى اليوم هو أنّ الواجب يقتضي تسليح الضفة الغربية، والعراق الذي خرج بنسبة كبيرة من محنته سيكون له دور كبير في ظلّ ما يختزنه من عوامل القوة والإمكانيات بشعبه وحضارته وتاريخه المليء بالحب لجنين وعين غزال وكلّ فلسطين.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى