أنشطة قومية

عيد العقيدة والوحدة

‭}‬ ميرا العجمي
يقول سعاده «إن إنشاء المؤسسات ووضع التشريع هو أعظم أعمالي بعد تأسيس القضية القومية، لأن المؤسسات هي التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل، وهي الضامن لاستمرار السياسة والاستفادة من الاختبارات».
انطلاقاّ من هذا القول، عيد التأسيس هو عيد العقيدة القومية الاجتماعية، التي ارتكزت إلى نظرة جديدة إلى الوجود – إلى الحياة والكون والفن؛ إنه عيد مَن قَبِل تعاليم سعاده واعتنق القومية الاجتماعية، ثم انتظم في صفوف الحركة وعمل في مؤسساتها؛ إنه عيدُ وعي الأمة السورية لذاتها ولوحدتها بعد أن كانت مقسّمة إلى طوائف ومذاهب وقبائل متنافرة تحسب كل واحدة منها نفسها أمة.
أما تاريخ 16 تشرين الثاني فهو يعود ليوم وقف سعاده أمام المحكمة المختلطة عام 1935، حيث توجّه إليه قاضي المستعمر الفرنسي بالقول: أنت متهم بإنشاء حزب سياسي “يعمل سرًّا لأمور ثورية ولتغيير شكل الحكم في البلاد وتعريض سلامة الوطن ولمنع أعضاء الدولة في لبنان من ممارسة حقوقهم المدنية”. فكان جواب سعاده “إنّي متهم بخرق وحدة البلاد الجغرافية وانتهاك حرمة الأرض. فأراني مضطراً، علمياً لا بالعاطفة، للقول: إن خرق وحدة وطننا الجغرافية وانتهاك حرمة أرضنا قد تمّا بالفعل في “سان ريمو” و”سيفر” و”لوزان”. والمسؤولون عن ذلك هم غير الحزب السوري القومي».
نعم في هذا التاريخ خرج الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى العلن بعد أن كانت مراحل تكوينه قد بدأت لثلاث سنوات خلت تركّزت فيها جميع المنطلقات الفكرية العقائدية – السياسية، ووضعت فيها مبادئ الحزب الأساسية والإصلاحية.
أيها القوميون المُقْسِمون على حمل مبادئ سعاده إيماناً لكم ولعائلاتكم، أنتم السائرون على دروب النهضة معبّرين عما في نفوس النحن – المجتمع من حق وخير وجمال . تذكروا أن الزعيم، وبعد عودته من مغتربه القسري، عمل على إعادة تنظيم الحزب ومحاسبة من خرج على المبادئ والعقيدة فأثار بذلك مخاوف الحكومة. فأي مخاوف ساورت الحكومة وحكومات العالم العربي يومذاك؟
1 – إنها المخاوف من جلاء الحقيقة التي تعني وجودنا – مجتمعاً واحداً – وليس مجموع أفراد – وأمة واحدة وليس مجموع كيانات يحسب كل واحد منها نفسه أمة؛ هذه الحقيقة ما زلنا نجاهد من أجل تحقيقها، وسلاحنا هو المبادئ الأساسية بشروطها، والإصلاحية بتفاصيلها.
2- المخاوف من المبادئ الإصلاحية التي تُعيدنا مجتمعاً حياً ناهضاً، لا طوائف ومذاهب وإقطاعيّات حزبية – اقتصادية، وبكلام آخر قطعاناً بشرية تُساق خارج إرادتها.
3- الحقيقة التي تعني أننا أمة تامة – سيادتها على كامل تراب الوطن جعل من حكام ذلك الزمان في جميع الكيانات ومن أصحاب النفوذ الإقطاعي – الطائفي – المالي – السياسي أناساً مذعورين خائفين على مصالحهم الخاصة ومنافع ساداتهم.
ففي المبادئ الإصلاحية إحياء لمجتمع حيّ يعمل للعدالة الإنسانية فيصبح المجتمع إنساناً واحداً في النفسية والتفكير والهدف لأن الولاء للوطن. تزول الأنا الفردية القاتلة وتحيا النحن المحيية فلا يرضى أحدُنا لسواه ما لا يرتضيه لنفسه.
القومي هو مَن آمن بشعبه وعمل لمصلحة الحياة – المجتمع – أنتم الذين آمنتم بالمبادئ القومية الاجتماعية – التي حددت الوطن السوري وعملتم على إنشاء جبهة من العالم العربي للوقوف بوجه المطامع الاستعمارية (يوم عاد الزعيم من مغتربه القسري أثنى على القوميين الذي تمسكوا بعقيدتهم وبالنظام، وحثهم على العودة إلى ساحة الجهاد). انظروا من حولكم إلى حال الأمة اليوم إنها ما زالت متعثرة ما زالت مقسمة إلى كيانات بعضها متنافر وبعضها الآخر متقارب، والسبب ذاته هم وسياستهم الخاصة الخاضعة للإملاءات الخارجية. وما الذي يحصل في فلسطين اليوم وبالتحديد غزة لبرهان قاطع على حالة الأمة وتخبطها.
يقول سعاده “كل عقيدة عظيمة تضع على أتباعها المهمة الأساسية الأولى التي هي: انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها كل ما دون ذلك باطل. وكلّ عقيدة يصيبها الإخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدّد اتباعها».
«عوا مهمتكم بكامل خطورتها والهجوا دائمًا بهذه الحقيقة – حقيقة عقيدتكم ومهمتكم حقيقة وجودكم وإيمانكم وعملكم وجهادكم. وليكن في يقينكم أن من تقاعس عن الجهد قد أعاق سير الجهاد».
مهما قسم هذا الوطن إلى كيانات ومهما اجتزئ منه من أرض، فوحدته الجغرافية باقية ما بقي الكون، وسعاده المعلم واضع العقيدة القومية الاجتماعية، والنظرة الجديدة إلى الحياة والكون التي أقسمنا اليمين على حفظها وأخذها شعاراً لنا ولعائلاتنا؛ هذا الفكر الذي بعثه سعاده سيبقى ما بقي الإنسان، وسعاده أحبّ وطنه وعمل وضحّى من أجله وأعطاه كل ما له، حتى دمه، وديعة الأمة فيه، وقد أعاد للأمة وديعتها.
والى غزة نقول: “ماذا يقول الحرف في الشفتين ان نطق الدم».
في هذه اللحظات التي تخوض بها مقاومتنا الباسلة والمجاهدة حرباً لم تخضها الأنظمة العربية مجتمعة في وجه الكيان الغاصب، ولأول مرة تستطيع قوة صغيرة أن تكسر قوة كبيرة وطاغية وتقف وراءها قوى عظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية.
تحية الى غزة ومقاوميها والى كل فلسطين.
والتأسيس هو أمانة لأجيال لم تولد بعد لنحافظ عليها نقية صافية لنسلّمها كما تسلّمناها بالطهارة والنقاوة والصفاء.
*كلمة منفذية المتن الشمالي في احتفال مديرية ضهور الشوير

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى