مقالات وآراء

«حماس» والمقاومة ومفهوم الضدّ النوعي في المعركة

‭}‬ محمد حسن الساعدي

‏لقد استطاعت المقاومة الإسلامية في فلسطين منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى أن تضع أولويات لهذه المعركة، ‏وكانت مستعدة تماماً لكلّ نتائجها، لذلك نجد أنها استطاعت أن تكون نداً للجيش «الإسرائيلي» بل للعالم أجمع ‏الذي وقف أغلبه مع الكيان الصهيوني في حربه ضدّ الأبرياء العزل!
المعركة لم تكن متكافئة يوماً، ‏بل أنّ القسوة التي استخدمها الجيش الصهيوني عبّرت أدق تعبير على الانقسام الداخلي والفشل الذريع في قدرته على إدارة المعركة ‏أو الصمود أمام الضربات ‏التي يتلقاها على يد حماس والمقاومة الفلسطينية، والتي اتسمت بالدقة،‏ حيث قتل في هذه العملية السريعة والخاطفة ‏أكثر من 1500 شخص منذ اليوم الأول وفقاً لوسائل إعلام «إسرائيلية»، كما قال رئيس «إسرائيل» إسحاق هرتسوغ: «لم يقتل هذا العدد الكبير من اليهود في يوم واحد منذ المعركة التي حصلت في الحرب العالمية الثانية».
لفهم الحسابات الأساسية بات من الضروري النظر في المقاربات الدقيقة التي اتبعها محور المقاومة تجاه الجيش الإسرائيلي»، فضلاً عن قواعد الاشتباك وحدود المواجهة المتغيّرة، ‏حيث مثلت أحداث السابع من تشرين الأول انتكاسة كبيرة لـ «إسرائيل»، إذ كشفت عن نقاط الضعف في أجهزتها الاستخبارية والعسكرية،‏ وقد اعترفت «إسرائيل» في ما بعد ‏بوضعية الحرب الصعبة والمعقدة في غزة، لأنها حملت ومنذ البداية خطر التوسع، لذلك تواجه «إسرائيل» خطراً وتحديات أمنية من جميع الاتجاهات مما أدّى إلى تكثيف المخاوف الأمنية في الداخل «الإسرائيلي».
‏ تسلط الأحداث في عملية طوفان الأقصى إلى أنّ محور المقاومة قد تبنى استراتيجية متعمّدة لا تصل إلى حدّ الدخول المباشر في الحرب مع الكيان الإسرائيلي، ‏بل ذهبت أبعد من ذلك من خلال السيطرة على المعركة والتزام الصمت في مواجهة العنجهية الصهيونية ولا تتمحور حول التصعيد التدريجي معتمداً في ذلك على مرونة حركة حماس وقدرتها على الصمود وتوقعها أنّ الضغوط الدولية المستمرة سوف ترغم «إسرائيل» على التفاوض والتوصل في نهاية المطاف إلى اتفاق مع حركة حماس حول الأسرى بين الجانبين، ‏بالإضافة إلى اعتماد محور المقاومة على حسابات دقيقة والابتعاد عن التحركات المتهوّرة والمحفوفة بالمخاطر التي تحركها العواطف، كون محور المقاومة لديه الكثير من البطاقات التي يعتمد وعليها وبإمكانه زجّها في المعركة عندما يحين الوقت المناسب، والتي تعدّ استراتيجية في قتالها ضدّ الكيان الصهيوني، ‏ولكنه يمتنع عن لعب كلّ أوراقه في وقت واحد.
في جوهر الموقف يتبنى محور المقاومة توازناً دقيقاً ‏باستخدام عنصرَي الردع وحرب الاستنزاف مع الحسابات الدقيقة في تحقيق أقصى قدر من التأثير مع تقليل خطر نشوب صراع أوسع نطاقاً وأكثر تهديداً…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى