أولى

اغتيال العاروري وتفجير كرمان والمرحلة الثالثة

لا يمكن الفصل بين تسلسل الأحداث لفهمها، ولا بين الروابط الرمزية في ما بينها. فهناك حرب تدور في غزة منذ طوفان الأقصى، وهناك محور للمقاومة ينتصر لغزة بفتح جبهات من لبنان والعراق وسورية واليمن، ولهذا المحور عمق هو إيران وسورية ورمز هو الشهيد القائد قاسم سليماني الذي كان أمس إحياء ذكرى استشهاده في إيران ولبنان، وعشية يوم الإحياء الذي أعلن مسبقاً عن كلمة مفصلية فيه لرمز محور المقاومة السيد حسن نصرالله يتمّ اغتيال القائد في القسام والركن في محور المقاومة الشيخ صالح العاروري، في بيروت، وفي معقل حزب الله الذي تحميه معادلات ردع المقاومة. وصبيحة يوم إحياء الذكرى يتمّ تفجير حافلات في إيران وقرب ضريح الشهيد سليماني في كرمان مسقط رأسه، ويسقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
يريد البعض إقناعنا بأن لا ترابط بين هذه الأحداث فكيف يمكن لعقل سويّ أن يتقبل ذلك؟ والرسائل واضحة والفاعل واضح، وامام عيوننا الأميركي والإسرائيلي مهزومان في غزة ويفقدان قدرة الردع. الأميركي يفقدها في العراق وسورية ولبنان وخصوصاً في البحر الأحمر. والإسرائيلي يفقدها منذ طوفان الأقصى ويفشل في استردادها عبر حرب غزة. ويعلن الطرفان عن مرحلة جديدة من الحرب عنوانها العمليات النوعية المستهدفة، فهل يجب أن نفكر كثيراً لنكتشف أن ما جرى في بيروت وكرمان هو مثال العمليات النوعية المستهدفة؟
المرحلة الثالثة التي يتحدّث عنها الإسرائيلي، هي المرحلة الجديدة التي دعاه اليها الأميركي، وقد بدأ التنفيذ. ولهذا تمّ سحب حاملة الطائرات جيرالد فورد تفادياً للتداعيات وتعرض الحاملة للاستهداف. وجوهر هذه المرحلة التلويح بالإرهاب سلاحاً للمساومة على شروط أقلّ وطأة للهزيمة في غزة. والكلام الأميركي عن الاعتراف بقدرة حماس وبقائها قوية في غزة هو أول العروض التفاوضيّة، ومثله ما يجري من عروض للمقاومة في لبنان، سواء عبر الحديث عن انسحابات إسرائيلية من مناطق تحت الاحتلال، أو الحديث عن هدنة تتطور الى وقف إطلاق نار نهائي يتدرّج معها تبادل الأسرى، بالنسبة للمقاومة في غزة، وإلا فالبديل هو تلقي نماذج شبيهة باغتيال العاروري وتفجير كرمان وانتهاك أمن العاصمة اللبنانية وكسر معادلات الردع التي تحميها.
ردّ المقاومة ومحورها هو المضي في المواجهة، والردّ على الاستهداف بوتيرة أعلى ولو كانت النتيجة الحرب التي توهّم الأميركي والإسرائيلي أن المقاومة تخشاها.
القراءة الخاطئة للحلف الأميركي الإسرائيلي ورطته مراراً بحروب فاشلة. وهذا قد يحدث الآن.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى