أولى

السيناريوات المتوقعة بعد العدوان الأميركي على محور المقاومة!

‬ د. محمد سيد أحمد

مع انطلاق عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر الماضي والتي قامت بها المقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة كعملية استباقية للتهديدات الصهيونية المجرمة، والعدوان المحتمل على المقاومة، وبعد الحصار الذي فرضه العدو الصهيوني لسنوات طويلة على قطاع غزة، ومع انطلاق العدوان الصهيوني وحرب الإبادة التي مارستها قوات الاحتلال على مدار الأشهر الأربعة الماضية، وكانت مصاحبة للعدوان تحركات أميركية غير مسبوقة في المنطقة، حيت تحرك الأسطول البحري الأميركي لشرق المتوسط، وتفاجأ الجميع بحاملات الطائرات «يو إس إس جيرالد آر فورد» وسفناً ومقاتلات جوية أكد المسؤولون الأميركيون أنها جاءت لمساندة العدو الصهيوني وتوفير المزيد من المعدات والذخائر للردّ على المقاومة الفلسطينية في غزة بل وإبادتها وتهجير سكان غزة إلى سيناء.
ومع تصاعد الأحداث كانت كل يوم ترسم سيناريوات جديدة، وبالطبع كانت السيناريوات تتغيّر وفقاً لحركة الميدان. ومن بين السيناريوات التي كانت محتملة هي شنّ حرب واسعة على المنطقة بأكملها وفقاً لتحرك الأسطول البحري الأميركي غير المسبوق، لكننا كنا نستبعد تماماً هذا السيناريو، ونؤكد طوال الوقت أن هذا التحرك الأميركي للإرهاب والردع فقط، لكنه لا يمكن أن يتطور لحرب شاملة، لأنّ تكلفة هذه الحرب ستكون باهظة، ولا يمكن أن يتحمّلها العدو الأميركي وذراعه في المنطقة المتمثلة في العدو الصهيوني، ومع تطوّر أحداث الميدان وفشل العدو الصهيوني في تحقيق أهدافه المعلنة في غزة، فلم يستطع تهجير الشعب الفلسطيني وتوطينه في سيناء، ولم يتمكن من القضاء على المقاومة الفلسطينية في غزة، بل كبّدته هذه المقاومة خسائر هائلة، وأذلت قوات جيش الاحتلال، وكشفت عوراتهم، وحطمت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر، وسقطت السردية الصهيونية حول ما يحدث في الأراضي المحتلة، وأصبح الرأي العام العالمي يدرك أن المقاومة ليست إرهاباً، بل دفاع عن النفس والأرض وهو حقّ مشروع تقرّه كلّ المواثيق والقوانين الدولية.
ومع مرور الوقت واستمرار الفشل ازداد العدوان الصهيوني، وظل العدو الأميركي داعماً لجيش الاحتلال على طول الخط سواء ميدانياً أو سياسياً. ومن بين الأوراق التي سعى العدو الأميركيّ لتحجيمها هي ورقة ساحات المقاومة المختلفة سواء في لبنان أو سورية أو العراق أو اليمن ومن خلفهم بالطبع إيران، وكما أكدنا كان التحرك الأول للأسطول البحري الأميركي بهدف تحجيم هذه الساحات المقاومة ومنعها من الانخراط في الحرب، لكن محور المقاومة لم تخفه هذه التحركات العسكرية الأميركية، ولم يرتعد من الأسطول البحري الأميركي، ولم يخشَ من حاملة الطائرات والصواريخ والبوارج والسفن، بل أعلن التدخل منذ اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى أيّ ٨ أكتوبر، وبالفعل اشتبك محور المقاومة على كافة الجبهات، فشاهدنا الجبهة اللبنانية تشتبك مع قوات العدو الصهيوني على طول الحدود من الناقورة إلى مزارع شبعا وكفرشوبا، وبالطبع اضطر جيش الاحتلال إلى أن يستدعي جزءاً كبيراً من قواته لهذه الجبهة التي كانت سوف تتجه للانخراط في العدوان على غزة. وقامت المقاومة اليمنية بتوجيه ضربات صاروخية لموانئ العدو الصهيوني في إيلات «أم الرشراش المحتلة»، ولم تتوقف المقاومة اليمنية عند هذا الحدّ بل طوّرت من استهدافاتها كلما ازدادت وحشية العدو في عدوانه على غزة، حيث منعت سفن العدو من المرور بالبحر الأحمر وباب المندب، وبعدها منعت السفن الداخلة والخارجة من كلّ الجنسيات التي تتعامل مع العدو وتقدّم له المساعدة، ثم كانت السيطرة شبه الكاملة على البحر الأحمر وباب المندب، وأعلنت المقاومة اليمنية أن التوقف مرتبط بوقف العدوان على غزة، وبالطبع تحرّكت المقاومة العراقية ووجهت ضربات موجعة للعدو الأميركي باستهداف قواعده العسكرية في سورية والعراق.
وأمام حركة المقاومة وفشل عمليات التهديد التي قام بها العدو الأميركي لتحجيم دورها في عملية الاشتباك، وأمام الضربات الموجعة والمؤلمة التي وجهتها كل الساحات المقاومة لتخفيف الضغط على المقاومة الفلسطينية في غزة، حيث تعمل المقاومة وفقاً لمبدأ وحدة وتكامل الساحات، قام العدو الأميركي أولاً بتوجيه ضربات مباشرة للمقاومة اليمنية، وبالطبع لم تتمكن هذه الضربات من إيقاف المقاومة اليمنية عن استهدافاتها ودعمها لغزة. ثم قام العدو الأميركي هذا الأسبوع بتوجيه ضربات للمقاومة على عدة محاور في العراق وسورية واليمن رداً كما يدّعي على العملية التي استهدفت قواته في الأردن، ويقوم باتهام المقاومة الإيرانية بالمسؤولية عنها، لذلك أكد أنّ ضرباته العدوانية تستهدف «الفصائل المسلحة الموالية لطهران». وأمام هذا العدوان الأميركي المباشر على محور المقاومة بدأت الأصوات تتعالى، وخرج علينا المحللون السياسيون الجهابذة الموالون للعدو الأميركي والصهيوني ليتحدثوا عن سيناريوات جديدة محتملة، أبرزها سيناريو دخول المنطقة في حرب واسعة وشاملة، وأن العدو الأميركي لن يسحب أسطوله وقواته من المنطقة قبل أن يحقق العدو الصهيوني أهدافه في غزة.
لهؤلاء نقول: أنتم واهمون، فلا العدو الأميركي قادر على توسيع دائرة الاشتباك، ولا العدو الصهيوني قادر على تحقيق أوهامه في غزة. فالعدوان الأميركي على محور المقاومة هو فقط عدوان رمزي لحفظ ماء الوجه، وحفظ هيبة الولايات المتحدة الأميركية القوة الاستعمارية الأكبر في العالم، والسيناريو الأقرب هو أنّ هذه الضربات العدوانية الأميركية ستتبعها تهدئة وجلوس على طاولة المفاوضات. والدليل على ذلك أنّ التصريحات الأميركية والبريطانية بعد العدوان تؤكد أنها ردّ فعل على العمليات التي قامت بها المقاومة، وأنّ الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لا تسعيان لتوسيع دائرة الحرب، وإذا كان العدو الأميركي بالفعل يرغب في حرب على كامل الإقليم فلماذا لم يوجه ضرباته مباشرة لإيران ما دام يتّهمها بدعم الفصائل المقاومة في فلسطين وسورية ولبنان والعراق واليمن؟ والعدو الأميركي يعلم الآن أنه لا يستطيع الدخول في مواجهة شاملة مع محور المقاومة الذي أصبح يمتلك قدرات عسكرية متطورة وقادرة على ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، لذلك سوف يضطر صاغراً بقبول الهدنة وشروط المقاومة. فقط المأزق الأميركي يتمثل في كيفية إقناع رئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو بوقف العدوان على غزة، والذي يعلم أنه الوسيلة الوحيدة لإنقاذ نفسه وحكومته من المحاكمة. اللهم بلغت اللهم فاشهد…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى