مقالات وآراء

الخضوع الأميركي أمام «إسرائيل»…

 رنا العفيف

تبادل الأدوار بين بايدن ونتنياهو واضح للغاية من حيث الأهمية الاستراتيجية للعنصر العسكري لأميركا في الشرق الأوسط، إذاً لماذا هذا الخضوع أمام الإسرائيلي؟
مذابح إسرائيلية في رفح ضحيتها أكثر من مئة شهيد وتل أبيب لا تبالي بتحذيرات العالم من هول الكارثة الإنسانية، وقد بلغ السيل الزبى في التنسيق الكامل والمتكامل وعلى كافة المستويات وبتناغم وتنسيق محكم الإغلاق من تحت الطاولة وفوقها بين تل أبيب وتلك المخازن العسكرية الأميركية وغرف العمليات المغلقة والمشتركة من مُسيّرات ومعدات عسكرية وأقمار صناعية للتجسّس وغيرها من المنظومات العسكرية الفتاكة، إضافة للتنسيق المبرم سياسياً وأمنياً واستخبارياً عنوانه الأبرز من حول العالم المسلسل الدموي بطلاه نتنياهو وبايدن اللذان يظهران لوسائل الاعلام خلافاتهما، وهذا ليس بجديد ربما فقد لاحظنا هذا التناغم منذ اليوم الأول من العدوان، ولا خلاف في الاستراتيجية، وقد يكون هناك شيء من الاختلاف أو التفاصيل يأخذ مداه في الإعلام كما يظهر من توتر بين الأثنين معا بالعلن،
وبنفس الوقت يتبادلان الأدوار في تعزيز العدوان على غزة وكأن لا مشكلة بينهما حول سفك الدماء والاجتياح والإبادة والإستيطان والقتل والذبح، أي هما يتفقان على الهدف من حيث مبدأ السياسة العنصرية والتطهير العرقي وحرب الإبادة بالمجمل، بمعنى أدق هناك تناغم كبير في الطريقة العدائية وسط المسرح الدموي التاريخي ولكنه بإخراج فاشل وضعيف نظراً للوقائع الميدانية التي تحققها المقاومة بجدارة من خلال التمسك بالأرض والكثير من الأوراق التي ستعيد بايدن ونتنياهو إلى المفاوضات رغماً عنهما، ما لم تكن هناك سياسة مرسومة بدقة لإخراجهما نهائياً بنتائج مأساوية لا يُرثى لها،
فبعد الاتصال بين بايدن ونتنياهو، يقوم الاحتلال بارتكاب مجزرة في رفح، وكأن البيت الأبيض وإدارته منحا الإذن في تنفيذ العدوان، ما يعني بأنّ واشنطن لديها خطابان الأول توافق فيه بالسر على تنفيذ عمليات عدائية في القتل والحصار والتجويع والتدمير والتهجير، والثاني سياسة الرفض بالعلن لما يحصل ويجري في غزة ورفح، وخير دليل هو تنفيذ الاحتلال لهذة المجزرة بعد ساعات على المكالمة التي حصلت بين بايدن ونتنياهو، وهذا يؤكد بالدليل القاطع أنّ ما من شك في أنّ الحلف الأميركي الإسرائيلي يعمل بشراكة كاملة، ليأتي السبب والمسبّبات والمحدّدات لأسباب الخضوع الأميركي أمام «إسرائيل» هو أهمية «إسرائيل» بالنسبة لأميركا وللبنتاغون ولوزارة الدفاع والبيت الأبيض كعنصر عسكري أساسي لا يمكن الإستغناء عنه في حين أنّ أميركا توسع من وجودها العسكري هنا وهناك توافقاً مع العنصر المتفوق لها عسكرياً والذي هو الإسرائيلي في المنطقة ليأتي ثاني قوة لها على المستوى العسكري كسلاح لا يبطل مفعوله وهو الوجه الأول للسلاح العقوبات التي تتباهى بها أمام العالم بحسب مفهومها، لذلك تدلي أميركا ببياناتها بلسان بايدن أو بلينكن أو غيرهما لتقول إنّ إسرائيل عليها أن تتوقف مع الإشارة التوضيحية التي تقول بأن أميركا لا تقوم بما يمكن لها أن تقوم به لمنع الحكومة الإسرائيلية، ولم تجبر نتنياهو على الخضوع للتعليمات، وبالتالي الإدارة الأميركية بإمكانها أن توقف هذة الإبادة الجماعية التي تجري في غزة ورفح إذا كانت لديها النية بالقيام بذلك، ولكن لا توجد نية بذلك على اعتبار أنّ المدّ العسكري لـ «إسرائيل» متواصل ومستمر لاستمرارية المعركة لتحقيق مكاسب أو نقاط ما في ظل المواجهة،
فإذا أوقفت أميركا هذا الإمداد العسكري فيتوجب على «إسرائيل» أن تنصاع للأوامر الأميركية وإنْ تماشت مع البيانات الأميركية، ولكن لا توجد بيانات ملموسة على أرض الواقع سوى الغطاء الأميركي الذي يمنح الإسرائيلي رخصة في الذبح والقتل والإبادة، كنوع من الحماية السياسية والدولية لـ «إسرائيل» حول العالم وفي المجتمع الدولي وكأنّ هذا أمر أساسي وأولوية كي لا تنهار وتسقط «إسرائيل» وهي بالمعنى العسكري على اعتبار أنها عنصر أساسي وعسكري لأميركا تنفذ لواشنطن غاياتها في المنطقة وهي اليد الطولى لها في الشرق الأوسط وبدونها تنكسر، لذلك هي تقوم بالدعم لإستمرار المجازر في رفح وفي كلّ بقعة جغرافية في المنطقة ليس فقط على مستوى غزة وما يحصل ويجري بها، أيّ أميركا تخطط و»إسرائيل» تنفذ الرغبة الأميركية كما يحلو لها،
تحصيل حاصل كلّ ما تفعله الولايات المتحدة الأميركية والركيزة الأساسية لها «إسرائيل» سينعكس عليها ويقتضي ربما الأمر بربيبتها إلى الزوال الحتمي لطالما الحلف الأميركي والإسرائيلي يعملان بشراكة كما هو الحال في حلف المقاومة حيث الشراكة أيضاً عنوان المواجهة في جبهات المساندة والتنسيق في الميدان والسياسة…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى