أخيرة

دبوس

ما قبل الزوال المادي
المطالب الفلسطينية التي يُصرّ الجانب الفلسطيني عليها في المفاوضات الغير مباشرة بين الكيان القاتل وحماس والفصائل الفلسطينية الأخرى، هي من النوع الغير قابل للمساومة أو ما يُدعى بالمرونة، فمطلب الوقف الكلّي للإبادة الجماعية لشعبنا لا يمكن معه القبول بوقف جزئي لهذه الإبادة الجماعية، كأن نتوقف قليلاً، ثم يعاود المجرم قتل شعبنا، والإفراج الكامل عن أسرانا هو شرط لا انزياح عنه أبداً، فكيف نختار ان نفرج عن عدد من الأسرى، ويبقى الآخرون في الأسر ينكّل بهم المجرم الساديّ بن غفير كيف ما يشاء وإلى أجل غير مسمّى،
ومطلب الانسحاب الكلّي من القطاع هو مطلب غير قابل للجدل، وإلّا فإننا نكافئ المعتدي على عدوانه، ومطالب المساعدات الغذائية والطبية والخدماتية هي أمور لا يمكن إرجاؤها دقيقةً واحدةً، أما تأمين المساكن المؤقتة المناسبة حتى يُصار الى إعادة الإعمار فهو أمر حيوي بنفس حيوية تأمين المتطلبات الغذائية والدوائية وإعادة تأهيل المستشفيات والمدارس والمعدات لإزالة الركام وإخراج الضحايا من تحت الانقاض…
مطالبنا حيوية وهي ليست تنازلات من قبل هذا العدو المجرم يمكن المساومة والتفاوض عليها، وبالتأكيد فإنّ علينا ان لا نقبل بالذات وبصفة خاصة أيّ وقف مؤقت لإطلاق النار، فإما وقف مستدام، او قتال مستدام، لأنّ الوقف المؤقت هو محاولة لخلق وضع سيكولوجي للفلسطينيين في غزة يصار معه استغلال الوضع المستجدّ من توفر كلّ الاحتياجات من مأكل ودواء وسكن للتلويح بعد ذلك بتحطيم كلّ هذه المكتسبات إذا لم نبدأ بتقديم التنازلات واحدة تلو الأخرى،
المواقف الفلسطينية يجب ان تتسم باللاوسطية، وهي كذلك، فلا مساومة على وقف العدوان بالإبقاء على نصف عدوان، ولا مساومة على الأسرى، فلا يمكن ان يخرج أحمد سعدات، ويبقى مروان البرغوثي في السجن، ولا مساومة على الانسحاب الكلّي من أراضينا، فالاحتلال هو نتاج طبيعي للعدوان، وإزالة العدوان تتطلّب محو نتائجه،
هذا العدو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لقد وضع نفسه في مأزق وجودي، وأصبح مكشوفاً لدى الكلّ الإجمالي للإنسانية، بكل تلويناتها وبكل تنوّعاتها الدينية والعرقية وبكل منابعها الفكرية والفلسفية، لم يعد بإمكان أي انسان ينتمي الى هذه الإنسانية، ومهما انزلق في مهاوي الخطيئة والجنوح الفكري الغير سوي ان يرضى بكل هذا التوحّش والخروج المطلق عن جادة التصنيف الإنساني.
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى