أولى

الأطراف المباشرة وغير المباشرة بالحرب…

‭}‬ سعادة مصطفى ارشيد*
مع اقتراب حرب تشرين الثانية من إتمام شهرها السادس فقد أصبح من الواضح والجليّ أن أطراف الحرب الحقيقية والمباشرة في غزة وعليها هم فقط واشنطن وحليفتها تل أبيب من جانب، فيما تمارس أطراف أخرى أدواراً داعمة ومكمّلة مثل الغرب الأوروبي وعرب أميركا والإبراهيميين الجدد. ومن الجانب المقابل غزة؛ فيما تمارس اليمن دوراً جيو- استراتيجياً من العيار الثقيل، والمقاومة اللبنانية التي هجّرت مئات آلاف (الإسرائيليين) من مستوطنات الشمال وتشاغل ألوية متعددة من الجيش الإسرائيلي، والمقاومة العراقية أدواراً داعمة ومشاغلة للعدو لصالح المقاومة.
منذ بضعة أيام دخلت السلطة الفلسطينية بقوة على خط حسم موقفها بقوة وعلانيّة، وذلك عند التكليف المنفرد لقيادة السلطة ودون استشارة الفصائل وحتى دون استشارة اللجنة المركزية للحزب الحاكم أو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بتكليف الدكتور محمد مصطفى بتشكيل حكومة جديدة. وفي وقت لاحق أصدر الحزب الحاكم بياناً شديد اللهجة حمّل فيه المقاومة في غزة مسؤولية ما جرى من هدم وقتل وإبادة أدّت إلى استشهاد 32,000 مواطن وجرح ما أصبح على حافة 100,000 وتهجير مليون و700,000 مواطن باعتبارها مقاومة مغامرة غير مسؤولة، ولا تملك حق اتخاذ القرار بالحرب والذي هو احتكار حصريّ لمنظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وبغض النظر عما قد سيُقال لاحقاً بأن البيان كان سقطة غير محسوبة أو أنه صادر عن جهة غير مخولة، إلا أن الدوائر القانونية (الإسرائيلية) سرعان ما تلقفته وأعلنت أنها ستدرجه في وثائق الدفاع المقدمة من فريق دفاعها للردّ على الدعوى التي أقامتها جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل الدولية في لاهاي والذي تتهم به (إسرائيل) بممارسة الإبادة الجماعية وعلى قاعدة وشهد شاهد من أهله.
الحرب لا تزال وتائرها مرتفعة لا بل ازدادت دموية، بفضل ما تملك (إسرائيل) من دعم مالي وعسكري وسياسي وقانوني من الولايات المتحدة، خصوصاً والغرب عموماً، وهو وإن لم يكن قادراً على تعويضها عن خسائرها الفادحة جراء هذه الحرب والتي تقول بعض مصادر أن أكلافها تبلغ مليار شيكل يومياً، لكنه قادر على تقديم ما يدفعها نحو الاستمرار في الحرب والتي انتقلت مؤخراً لعمليات الاغتيال وهي إن فشلت في استهداف قادة المقاومة، لكنها تتواصل تجاه كل ما يدعم سلامة الحالة الاجتماعية والسلم الأهلي من اغتيال رجال حفظ النظام وقتل وإعدام إعضاء اللجان الشعبية التي تشرف على توزيع ما يصل من مساعدات ضئيلة. اما الذي تخف وتائره بتسارع فهو الهمة العربية خاصة بعد انكشاف حقيقة المواقف التي تجعل من بعض العرب شركاء في الحرب على غزة وأهلها مقابل إغراءات تهدف الى تقديم الدعم المالي لهذه الدولة العربية لحل أزمات الجنيه وانهيار سعر صرفه، أو تلك الإقليمية التي تظن ان دعمها وتجارتها مع دولة الاحتلال ستنقذ ليرتها من الانهيار، علماً أن تجارب تلك الدول السابقة تؤكد تهافت هذا الخيار وأن هذه المساعدات والإغراءات لن تؤدي الى إنقاذها وانما لتوريطها من جديد في مأزق الاستدانة والصرف على مشاريع غير مفيدة.
والحرب تعلنها حكومة الاحتلال على القدس والضفة الغربية، بالإعدامات الميدانية والاعتقالات وتخريب البنى التحتية للمخيمات والمدن في شمال الضفة الغربية، وبما ستشرع به من تنفيذ للخطط التي أعلنها وزير المالية المتطرف سموتريتش والقاضية بضمّ الضفة الغربية وتهجير ساكنيها الفلسطينيين.
تنتهي الحروب في العادة إما بانتصار أحد طرفيها انتصاراً مؤزراً واستسلام الطرف الآخر، وإما عندما يدرك طرفاها عجز كل منهما عن تحقيق نصر حاسم، لكن هذه الحرب تملك احتمالاً ثالثاً لوضع حد لها وهو الذي تحدث عنه امين عام حزب الله منذ أسبوع اذ قال في خطابه إن المسألة منوطة بقرار يتخذه الرئيس الأميركي وحسب تعبيراته بجرة قلم، ولكن لا يبدو أن جو بايدن تتوفر لديه النية او الإرادة لخرطشة مثل هذه الـ (جرّة قلم). وليس أمام غزة وأهلها الا المزيد من الصمود والصدق والصبر والمضي قدماً في طريق المقاومة.
*سياسي فلسطيني مقيم في الكفير ـ جنين ـ فلسطين المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى