أولى

ليس كما تدّعي تل أبيب…!

‭}‬ بشارة مرهج*
تعاند بعض الأقلام والمواقع الإلكترونية وتصرّ على أنّ العملية الإيرانية الكبرى رداً على استهداف «إسرائيل» القنصلية الإيرانية في دمشق لم تكن فعّالة، وإنما كانت لعبة نارية كبرى، لم تسفر عن أي أضرار ملموسة في الكيان المعتدي. ولو دققنا في ماهية العمل الإيراني ودرسنا قليلاً ردود الفعل الغربية التي استنفرت لحماية الكيان الإسرائيلي العنصري وتغطية موقفه لاكتشفنا بسهولة أنّ الحال كان مختلفاً وأنّ تل أبيب مرّت بساعات مقلقة مرعبة تحمل معاني كثيرة، خاصة في ما يتعلق بمستقبل الصراع في المنطقة.
*لو كانت تل أبيب مرتاحة في ردّها على هجوم بالمُسيّرات والصواريخ، علمت بحدوثه قبل 72 ساعة، لما احتاجت إلى مشاركة مباشرة من ثلاث دول كبرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا فضلاً عن جهات أخرى لم يعلن عن مشاركتها بعد.
إنّ حجم مشاركة هذه الدول الكبرى وأجهزتها وتابعيها في المنطقة يمكن أن يكون أكبر بكثير مما أُعلن. إذ جرت العادة على تقليل حجم مشاركة هؤلاء الأطراف منعاً للإحراج، إذا ما تبقى هامشاً لذلك، بعدما أوغلت أطراف عربية عديدة في الاتجاه المعاكس.
* إنّ انتقال المجابهة الى الفضاء والمسطح «الإسرائيليين» أمر لا يمكن تجاوزه ببساطة إنما يعني الكثير لـ «دولة» قامت استراتيجيتها باكراً على استبعاد الحرب من على «أرضها» و»أجوائها» وشنّ الحروب خارج «أرضها» والتأكد من أنّ السكان بعيدون كلّ البعد عن أزيز الطائرات وانفجار القنابل.
* إنّ نزول القيادات والأشخاص الى عمق الملاجئ الإسرائيلية ليلة الهجوم المعروفة كانت وطأتها ثقيلة وتركت أثراً نفسياً سيكون له اعتبار في مستقبل الأيام. وخاصة على هجرة الكثير من المستوطنين.
* إنّ الهجوم الإيراني وإنْ لم يؤدّ أغراضه كلها إلا أنه حقق بعض غاياته وترك آثاراً لا تزول. إنّ حرص معظم أطراف الأطلسي على توجيه النصائح للكيان بعدم الردّ على الهجوم الإيراني يعني ببساطة أنّ هذه الأطراف لها مصلحة بخفض حال التوتر واستيعاب الحرب القائمة والحؤول دون توسعها وربطها بالحرب الروسية الأوكرانية المعروفة مسارها.
* إنّ الهجوم الإيراني كان جريئاً ومنسّقاً ومحمّلاً برسالة واضحة، إلى الكيان ومن يدعمه، بأنّ إيران لن تسكت على هجوم يستهدف مصالحها أو بعثاتها الديبلوماسية أو منشآتها وأنها مستعدة للردّ على ذلك بالمستوى والقوة نفسيهما في الوقت الذي تسعى فيه الى السلام الذي يحفظ حقوقها وحقوق حلفائها في المنطقة بعدما أصبحت المواجهة مباشرة ومكشوفة بين إيران والكيان العبري الذي استنفد كلّ عبقريته في المبادهة والترويع.
* إنّ غزة أو أيّ منطقة فلسطينية أو عربية محتلة لن يكون التعامل مع غُزاتها إلا بالمواجهة والقتال التحريريّ، إذ لا مجال للسكوت بعد اليوم على الاحتلال والتوسّع والاستيطان والتهجير وهذا ما يمسّ في الصميم جوهر الوجود الاستعماريّ في منطقتنا العربية التي تريدها واشنطن ومعها لندن وتل أبيب مجرد كتلة بشرية تتقن فن الطاعة والسير وراء السيد الأبيض، كي يتسنّى لتل أبيب أن تنمو وتزدهر على حساب القضية الفلسطينية.
*نائب ووزير سابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى