أولى

على إيران ومحور المقاومة أن لا يفرّط بالانتصار الشعبي

‭}‬ د. معن الجربا*
إنّ أهمّ ما تحقق بردّ الجمهورية الإسلامية المباشر على الكيان الصهيوني على جريمة استهداف قنصليتها في دمشق واستشهاد ثلة من قادتها الميدانيين تمثل في الإهانة العلنية لهذا الكيان اللقيط أمام أنظار شعوب العالم بصفة عامة وشعوب العالم العربي والإسلامي بصفة خاصة، هذه الإهانة العلنية أشبعت وروَت جزءاً من عروق الشارع العربي والإسلامي الظامئة والمتعطشة لرشفات من الانتصارات وجرعات من الكرامة والعزة.
هذا الشارع انتظر لسنين طويلة ومريرة وصعبة للغاية كانت مليئة بالهزائم والانكسارات أمام العدو الصهيوني في الميدان العسكري والميدان الإعلامي بل وكلّ ميدان يسيطر عليه العدو وهي كثيرة ومتنوعة.
هذا الشارع العربي والإسلامي تلقى هذا الانتصار الذي أهدته له الجمهورية الإسلامية الايرانية ومحور المقاومة العربي والإسلامي بكلّ فخر ومحبة، أمدّنا بشعور عميق انّ الشارع العربي والإسلامي عاش لحظات من الوحدة خارج إطار الطائفية والاثنية التي يعتاش عليها إعلام العدو وأدواته الرخيصة في المنطقة خلال ربع قرن مضى.
صحيح انّ الانتصارات العربية والإسلامية قد بدأت منذ عام 2000 عندما استطاع لبنان أن يحرّر أراضيه من الصهاينة دون قيد أو شرط، وصحيح انّ الانتصارات توالت عاماً بعد عام عندما استطاع أبطال فلسطين تحرير غزة، وصحيح انّ الانتصارات استمرّت مع إجهاض أبطال العراق للمشروع الأميركي في المنطقة، وصحيح انّ الانتصارات تحققت بصمود سورية كعمود أساسي وظهير قوي للمقاومة العربية والإسلامية، وصحيح انّ الانتصارات استمرت عندما حرر اليمنيون بلادهم من نفوذ أميركا والغرب، كلّ هذا صحيح ولكن من الملاحظ أنّ كلّ تلك الانتصارات العظيمة جداً تحققت بجهود فصائل وقوات مقاومة وليس من دول مقاومة، وهنا المائز الذي امتاز به الانتصار الأخير الذي تحقق بفضل الله، حيث انّ الشعوب العربية والإسلامية كانت تواقة لتحقيق نصر لعموم الأمة يكون نصراً محورياً لها ويغيّر معادلة الصراع وطبيعة الانتصارات التي استمرت منذ عام 2000 على وتيرة انتصارات دفاعية وليست انتصارات هجومية (وهي انتصارات لا تقلّ أهمية عن ما تحقق من انتصار اليوم) ولكن الشعوب بصفة عامة تغلب عليها العاطفة فهي تتوق الى انتصارات واضحة تمثل هجوماً يكسر هيبة العدو وكبريائه… وهذا ما تحقق في الانتصار الأخير الذي أنجزته الجمهورية الإسلامية في إيران كدولة إسلامية حتى أنه أذكى الشعور الشعبي في الشارع العربي والإسلامي لدرجة أنه تجاوز كلّ القوالب الطائفية والعرقية التي صنعها اعلام العدو خلال سنوات طويلة.
نحن اليوم أمام تحوّل في المزاج العام للشارع العربي والإسلامي نحو الوحدة والانسجام، وهو نصر عظيم حققه الانتصار الإيراني الثابت والراسخ والمتماسك على العدو، لذلك حذار أن تفرّط المقاومة بهذا النصر الاستراتيجي الشعبي في شارعنا العربي والإسلامي عبر ايّ تنازل قد تحاول الآلة الأميركية والغربية ان تمارسه على المقاومة.
نحن كشارع عربي وإسلامي نتفهّم احتياجات الدول الدبلوماسية والسياسية أحياناً من باب قاعدة أخفّ الضررين وقاعدة السياسة فن الممكن، ولكن هناك فترات وإنجازات مفصلية في تاريخ الأمم والشعوب وفي تاريخ الصراعات الدولية والاستراتيجية لا تقبل المساومة، لأنها فترات وإنجازات حساسة جداً وإذا ذهبت قد لا تعود أبداً لا سمح الله…
أخيراً وليس آخراً مبروك النصر الاستراتيجي لأمتنا والحمدلله رب العالمين.
*باحث سعودي داعم لمحور المقاومة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى