أولى

كرة الثلج تكبر وتتدحرج باتجاه إزالة الكيان المجرم…

‭‬ أحمد بهجة

الصراع في المنطقة اليوم عنوانه غزة، وقد تجاوز العدوان الصهيوني عليها الـ 200 يوم، بكلّ ما مرّ فيها من جرائم ومجازر وفظاعات ارتكبها العدو من جهة، ومن جهة مقابلة بكلّ ما شهدته من صمود وعنفوان واستبسال وبطولة وشجاعة قلّ نظيرها في تاريخ الصراعات البشرية.
شعبنا الفلسطيني في غزة لا يواجه جيش الاحتلال فقط إنما معه معظم دول العالم الذي يُسمّي نفسه «العالم الحرّ» مع ادّعائه أنّ لديه قيَماً يريد تعميمها على دول العالم بشأن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان… فيما كلّ هذه العناوين براء من ذلك العالم الاستعماري المتغطرس، بدليل تغطيته هذا الكيان الغاصب منذ ما قبل قيامه على أرض فلسطين في العام 1948 إلى اليوم بكلّ ما مرّ طوال تلك السنوات العجاف من اعتداءات وحروب شنّها هذا الكيان ضدّ فلسطين والدول المحيطة بها… لبنان وسورية والأردن ومصر، وصولاً إلى تنفيذ عمليات عدوانية ضدّ العراق وتونس والسودان وإيران، فضلاً عن الاغتيالات التي استهدفت مئات المناضلين الفلسطينيين والعرب في مختلف عواصم العالم.
وفي هذا السياق نفسه يأتي الفيتو الأميركي في مجلس الأمن الدولي ضدّ حصول الدولة الفلسطينية على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، ما يؤكد للمرة المليون وربما أكثر أنّ الولايات المتحدة هي أهمّ داعم للكيان «الإسرائيلي» المجرم، وأنّ ادّعاء واشنطن بشأن دعم الشعب الفلسطيني وحلّ قضيته هو ادّعاء كاذب وليس له علاقة إطلاقاً بالواقع.
كيف يمكن أنّ يدّعي الأميركي أنه حريص على حقوق الإنسان فيما هو يدعم جيش الاحتلال ويؤازره بكلّ شيء، السلاح والعتاد والمال والإعلام وممارسة الضغوط على مختلف دول العالم لكي يغضّوا النظر عما يرتكبه الكيان المجرم من جرائم بحق أهلنا في غزة وفلسطين.
علماً أنّ جرائم جيش الاحتلال لا تحصل في الخفاء، بل على مرأى ومسمع كلّ العالم، ولعلّ الهبّات الشعبية التي نشهدها في مختلف العواصم والمدن الغربية لا سيما في الجامعات خير دليل على أنّ المستوى الشعبي في دول العالم تتحرك ضمائره ويتعاطف مع الفلسطينيين، حتى وصل الأمر إلى حدّ إطلاق الحملات للمطالبة بإزالة «إسرائيل».
هذا الأمر مهمّ جداً ولا بدّ أن ينتبه له ويدعمه ويحاول تنميته كلّ الحريصين على دعم القضية الفلسطينية وجعلها تصل إلى الخواتيم المرجوّة، وهي بالضبط إزالة الكيان المجرم من الوجود، لكن هذا يتطلب الكثير من الجهود لأنّ المستويات السياسية في غالبية دول الغرب لا تزال محكومة من خلال لوبيات أسواق المال وصناعة السلاح وغير ذلك من وجوه الضغط على الرؤساء والحكومات والسلطات التشريعية، وهذا يجد تفسيره إما في صمت هذه الدول وعدم اتخاذها أيّ موقف تجاه ما يحصل، على الأقلّ في الجانب الإنساني، أو في إصدار بيانات التضامن التي لا تعني شيئاً على أرض الواقع، وإما في الوقوف إلى جانب الكيان المجرم ومساندته على ارتكاب جرائمه، أليس هذا ما يعنيه قرار مجلس النواب الأميركي بتخصيص أكثر من 26 مليار دولار كـ «مساعدة عسكرية لإسرائيل»!
كذلك يظهر بوضوح الدّجل وعدم الصدقية في أيّ طرح يقدّمونه لإنهاء الحرب في غزة، وأبرز مثال على ذلك الفيتو الأميركي في مجلس الأمن لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، في حين أنّ كلّ مشاريع التطبيع تتحدّث عن حلّ الدولتين! كيف يكون هذا الحلّ فيما يأتي الفيتو الأميركي ضدّ الدولة الفلسطينية! وهنا يصحّ القول إنّ المطروح هو «حلّ الكذبتين» لا الدولتين.
ثم حين يأتي محور المقاومة لكي ينصر ويساند الأشقاء في غزة للمساهمة في فرض وقف العدوان، يجد في مواجهته ما يُسمّى تحالفات عالمية تتخذ لها شعارات شبيهة بالمهزلة مثل شعار «حماية الازدهار» وغير ذلك من عناوين ليس لها أيّ هدف إلا حماية كيان العدو المترنّح والفاقد للتوازن نتيجة الإنجازات التي حققها ولا يزال عمالقة المقاومة في فلسطين ولبنان وامتداداً إلى كلّ دول المحور من سورية والعراق إلى اليمن وإيران…
ومما لا شكّ فيه أنّ ما يحصل من تحركات شعبية وطلابية في عدد من دول العالم سوف يشكل كرة ثلج تكبر يوماً بعد يوم… ما يسمح بالقول… ليس بعيداً اليوم الذي سوف تتدحرج فيه هذه الكرة لتقتلع كلّ الحكام والأنظمة والمسؤولين الداعمين للعدو، وعندها يصحّ كما العادة ما قاله سيد الانتصارات بأننا قد لا نحتاج إلى معركة أو حرب حتى نزيل هذا الكيان المجرم من الوجود…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى