أولى

تمارا رسامني رفعت رأس لبنان

تسنّى لنا ولكثيرين أن نتعرّف من خلال الحوار الذي أجراه الإعلاميّ المرموق والمحترم ريكاردو كرم مع والدها وليد رسامني، على الطالبة اللبنانية في جامعة جورجيا تمارا رسامني، والدور الذي قامت به في الانتفاضة الطالبيّة والضريبة الغالية التي تحمّلتها.
تمارا رسامني شابة في مطلع العمر تدرس الماستر ويبدو من كلام والدها أنها من المتفوقين في الدراسة، وبينها وبين التخرّج أيام قليلة، رأت ما رآه العالم كله والعرب منهم الذين رأوا عن كثب، واللبنانيّون منهم أيضاً دون عتب، رأت الجريمة الشنيعة تبثّ على الهواء، ورأتها تتكرّر بلا رادع، ورأت العالم يتفرّج والحكومات تصدر البيانات والقاتل يُعيد تكرار نحر ضحية جديدة بلا وازع، يختار بدم بارد طفلاً أو شيخاً أو امراة. ثم يشحذ نصله ويختار الضحية التالية، والعالم نصف نائم، ونصف ثرثار، فقرّرت وثلة من زملائها الشجعان في الجامعات الأميركيّة، أغلبهم ليسوا عرباً ولا مسلمين، هم فقط طلاب يختزنون في قلوبهم ووجدانهم وعقولهم معنى قيمة الإنسان، ويعبّرون عن مفهوم الضمير الجمعيّ للبشرية، الذي يوجب على كل إنسان أن لا يسأل أمام التحدّي، لماذا أنا، بل أن يسأل ماذا أنتظر؟
تمارا وزملاؤها لم ينتظروا وجسّدوا ما يمثله الطلاب عبر التاريخ كضمير جمعيّ للبشريّة، فانتفضوا وليس بأيديهم إلا أصواتهم، فامتشقوها، يصرخون حتى يستفيق النيام ويكفّ الآخرون عن الثرثرة خجلاً، ويطرحون جميعاً السؤال الكبير ما العمل لوقف الجريمة المتمادية، ونصرة فلسطين الجريحة وغزة الذبيحة.
الشرارة أشعلت سهلاً، وطلاب العالم اليوم بفضل هذه المبادرة يملأون جامعاتهم صراخاً وضجيجاً، ولم يعد ثمة مجال لينعم النيام بالنوم، ولا ليصل صوت الثرثرة ويشغل السمع، فصوت الطلاب يصمّ الآذان ويطغى على كل صوت، ولا بد لهذه الديناميكيّة التي أطلقها طلاب كولومبيا من أن تنجز في لحظة ما كان حرياً بالشعوب والحكومات في بلادنا العربية إنجازه.
تمارا خسرت تخرّجها، انتقاماً من نجاحها بالفوز بشهادة أداء رسالة الإنسانية بدرجة امتياز، بدلاً من رسالة الدكتوراه، ويقول والدها إنّها غير آبهة بالثمن فضميرها مرتاح لما فعلت. ويضيف أن ما فعلته عندي أهم من أي شهادات وسأبقى فخوراً بها مدى الحياة.
تمارا رسامني رفعت رأس لبنان والعرب، لأنها نيابة عنهم جميعاً قرعت الجرس الذي أيقظ العالم، وهي تستحق التحيّة والشكر والتكريم أيضاً.
ندعو الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة المحترمة إلى منحها شهادة دكتوراة فخرية تكريماً لموقفها وتضحيتها، ونتمنى على وزير الثقافة إعداد تكريم لائق لهذه الطالبة اللبنانية التي كرّمت لبنان في أعلى محافل التكريم وبأعلى مراتب التكريم، وقدّمت معنى للثقافة ببعدها الإنساني العميق.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى