مقالات وآراء

في حرب القيَم: الضرب بيد من حديد

‭}‬ جابر جابر
الحرب على شفير الأنفاس، على تماس الأسس والمبادئ ومناقب المجتمعات لهي أشدّ ضراوة من نار وبارود، أشدّ فتكاً وتدميراً فهي تصيب المجتمعات في زهر مواسمها، فيأتي المحصول غريباً عن إنتاج الحقل.
تفلّت الأمن في البلاد بين الحدود والعمق، ويعلو على هدير الرصاص تهويلاً من نوع آخر.
فيما يستشهد المقاومون ذوْداً عن الأمة، يُصاب الوطن في لبّ المواطن الذي تأخذه الشاشة الصغيرة والانترنت إلى عوالم قذرة حيكت بعناية واستمالت كلّ الفئات الفكرية، بل أسرت شريحة كبيرة من المجتمع في لعبة المياعة والربح والجني والاستهتار حدّ غباء.
وفي تفاصيل التكنولوجيا والـ «ترند» ووسائل التواصل، تربّع «التيك توك» على عرش المجون ليذهب بالعقول وراء حفنات من الهدايا المدولرة.
وبات الحديث منافياً للأخلاق المجتمعية، في وضاعة تركع الأنثى والمسنّ والمجاز والطفل والمراهق كي يحصل على الدولار.
هي لعبة الأمم، لعبة وضيعة اخترقت المجتمع لتفكيكه من الداخل، كان قد سبقها تدمير اقتصادي مخطط عبر السنين، تلاشت معه قدرة المواطن الحياتية بشكل عام لا الشرائية فقط وبات على وضاعته أمراً مرغوباً للحصول على «مصدر أخضر» لدواع معيشية، انزلقت إلى حضيض المستويات حينما انهمك الداعم في الضغط للدفع وفق أجندته المحسوبة في شبكات عالمية تصطاد لتدمّر.
في غفلة من الأهل، الذين اجتاحتهم نفسهم هذه الوسيلة، تعرّض مجموع غير قليل من الأطفال لمصيدة محكمة نالت من طفولتهم وهتكت أعراضهم وشوّهت جميل براءتهم بمنجل حقير لن تجدي العلاجات النفسية في ترميمه بل سينتج جيلاً محمّلاً بالخيبة والتروما.
تتعجّب ومرات لا، من الفئات المتورّطة فلا يمنع وارع العمر ولا الشيب ولا المستوى العلمي، فلا وارع لهؤلاء المنتشين قذارة خلف سلوكيات قذرة دنّسوا بها ما دنّسوا…
الشكر للأجهزة الأمنية لا سيما العاملين في جرائم المعلوماتية على جهودهم لتفكيك شبكات كهذه، وإنما المطلوب تحرك الدولة بالكامل لإنقاذ ما تبقى من قيم والضرب بيد من حديد لمقاومة هذا النوع القذر من الحروب التي تبيح مجتمعنا لكلّ أنواع الموبقات.
المجتمع السليم في السلوك السليم، في القيَم والنهوض رغم مرّ الظروف وهذا يحتاج إلى تكافل الأهل والدولة وكلّ أطياف المجتمع المثقفة للتوجيه والضرب بيد من حديد.
الإعدام قليل على مغتصب وشاذ مهما كان، فكيف ذاك الذي يتعرّض للطفولة، بل يتعرّض لمستقبل مجتمع بأسره.
العقاب يجب أن يكون رادعاً لكلّ مرتكب ومغتصب وخائن وعميل…
هذا ليس إلا بعض عمالة في شبكات متنوعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى