الرّمال المتحرّكة…
د. عصام درويش
ما يحصل في المنطقة من حروب وعدوان يدفع للبحث عن العلاقة بين الطّارئ والمستمر وبين المخلخل والمستقر …
ولعلٌ التّمييز بين الرّمال المتحرّكة والأرض الصّلبة يساعد في الوصول إلى نتائج مرضية.
فالرّمال المتحرّكة ليست سوى خليط من الرّمال والمياه تبدو صلبة وتتحوّل إلى متحرّكة عندما تتعرّض لأيّ تأثير، فعندما تمشي فوقها وأنت توشك على السّقوط، لا بدّ لك من البحث عن نقاط استناد، وهذا ما يتطلّب التنقّل المستمر بين تلك النقاط شبه المستقرّة!
وإذا أردت المكوث في تلك المنطقة فستعمل لوضع عمود مركزي تريده قويّاً، يدور في فلكه مجموعة من الأعمدة ذات حجم صغير، كل منها بمفرده لا دور له، وتؤدّي مجتمعة دورها في دعم البناء الأساسي …
من أجل ذلك كلّه لا بدّ من محاولة تغيير التربة والعبث بها، وإبعاد العوامل التي تزيد خطورة تلك الرّمال، مثل المياه الجوفيّة، مساقط المياه، الأنهار…
وفي خلاف ذلك سيظلّ هذا العمود ضعيفاً ومعرّضاً للغرق مع من يحمله؟!
هو الكيان الهش الجاثم فوق رمال القطاع والأراضي المحتلّة المتحرّكة، ولا أدلّ على هشاشته من القتل المستمرّ والمتنقل بين الأطفال والنساء والشّيوخ .
حتّى الوحوش تتوقّف عن القتل من أجل التهام فريستها، أمّا هو فعاجز عن هضم العدد المهول من الجرائم، لذلك يستمرّ بالقتل، وسيسقط فوق تلك الرّمال عندما يتوقّف عنه…
كيان غير مستقرّ من البديهي أن يعتمد على كيانات شبه مستقرة تدور في فلكه، يسيطر عليها، وهذا هو حال الكثير من دول الجوار!
وأن يعمل على محاربة كلّ ما يمكن ان يفضي إلى ضعفه ووهنه وبقائه متأرجحاً بين السقوط والغرق، الذي سينتهي إليه قصر الزمان أم طال.
وهذه الأرض متحركة ستبتلع المجرمين العابثين بإنسانها وشجرها وحجرها، ثابتة ومستقرة لمن بدأ بالبناء فوقها منذ آلاف السنين في سورية والعراق واليمن!