قانون الانتخاب

حسين حمّود

بعد اليوم، إذن، يقفل المجلس النيابي. بعد اليوم لا تشريع ضرورياً أو غير ضروري. هذه خلاصة التسوية التي أنتجتها اتصالات اليومين الماضيين لتسهيل عقد الجلسة التشريعية، وبعدها الإنصراف إلى إعداد قانون انتخابي جديد كشرط وحيد لإعادة فتح أبواب المجلس.

هذا يعني أنّ المجلس ستطول فترة بطالته. أما الرابحون الحقيقيون من المعركة الأخيرة، فهما أميركا والسعودية، وقد تسلّم الجائزة نيابة عنهما سعد الحريري.

واشنطن كانت الداعم الأول لعقد الجلسة التشريعية بغية إقرار قوانين مالية ومصرفية تريد من ورائها الحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي في لبنان لمنع اهتراء الدولة اللبنانية أكثر وتحولّها بيئة حاضنة للتنظيمات الإرهابية. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإنّ ما يعني أميركا من كلّ جدول أعمال الجلسة هو مشاريع قوانين تتعلق بالتصريح عن نقل الأموال عبر الحدود وتبادل المعلومات الضريبية ومكافحة تبييض الأموال.

أما تظهير الحلّ فجاء عن طريق السعودية التي بدت من خلال التسوية التي أنجزت فيها أنها «حريصة على لبنان ومؤسساته»، وذلك بالتزامن مع وجود رئيس الحكومة تمام سلام والوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل في المملكة. و»ضربة المعلم» كانت على يد سعد الحريري الذي أظهر نفسه بأنه «حارس الهيكل» لا أحد غيره، بل أكثر من ذلك تسلّم مفتاح المجلس النيابي، علماً أنّ الحريري يعلم صعوبة الاتفاق على قانون انتخابات يراعي مصالح الجميع السياسية ويضمن تمثيلهم الفاعل في المجلس النيابي أولاً وتالياً في السلطة التنفيذية، نظراً إلى تضارب تلك المصالح وتناقضها إلى حدّ الناحر أحياناً.

فتيار المستقبل، سيحرج بمطالبة حليفه «القوات اللبنانية» بمقاعد مسيحية كثيرة في دوائر انتخابية عدّة أبرزها مقعد نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري في الكورة، ومقعد النائب هادي حبيش في عكار ومقعد الوزير نبيل دوفريج في دائرة بيروت الثانية وغيرهم من نواب كتلة المستقبل، وذلك بغية تكوين «القوات» كتلة نيابية وازنة.

كما أنّ تيار المستقبل ليس في أحسن أحواله شعبياً إذ تراجع تأثيره في المناطق التي كانت تعتبر مقفلة له، ولا سيما في طرابلس التي قد تشهد تحالفاً بين قياداتها القوية، لا سيما الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي ضدّ «المستقبل».

أما حزب الله فهو وإن كانْ يرضى بأيّ قانون انتخابي في السابق بالرغم من محاربة أميركا و»إسرائيل» له وسعيهما إلى تحجيمه سياسياً بعدما فشلتا في القضاء عليه عسكرياً، إلا أنّ الطرفين رفعا وتيرة التهديدات للحزب وقد ظهر ذلك خلال اللقاء الأخير بين الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو والذي خصّص قسم كبير منه لموضوع حزب الله وطريقة مواجهته. وما هو السلاح الأمضى سياسياً لتحقيق هذا الهدف سوى قانون الإنتخابات؟

التيار الوطني الحر سيحاول إقرار قانون يعطيه التمثيل الحقيقي الكبير في الشارع المسيحي، وبالتالي حمل رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى سدة الرئاسة الأولى، لكن هذا الأمر، وبالرغم من التحالف الظرفي الذي نشأ أخيراً بين عون وسمير جعجع فإنّ الأخير سيسعى بكلّ الوسائل إلى إحباط طموح عون الرئاسي وسيكون مدعوماً هذه المرة، من حزب الكتائب وبعض النواب المستقلين وتيار المستقبل ومن يدور في فلكه إسلامياً.

ليست هذه مشكلة «القوات» فقط، بل هناك موضوع زحلة التي هي مشكلة جميع الأطراف لأنها أظهرت من خلال دورتي الانتخابات عامي 2005 و2006 أنها «بيضة القبان» نيابياً وحكومياً. في الدورة الأولى خذلت زحلة «14 آذار» بإيصالها الكتلة الشعبية برئاسة النائب الراحل إلياس سكاف إلى الندوة البرلمانية، بينما في الدورة الثانية كانت لـ»14 آذار» وذلك نتيجة تقسيم الدوائر في قانون العام 2009 فلعب «المستقبل» ورقة المجنّسين في البقاع الشمالي فضلاً عن الصوت السني في جوار زحلة، ما أدّى إلى فوز لائحة «14 آذار» لتعيد الكتلة الشعبية تأكيد قوتها في المدينة عبر الإنتخابات البلدية بفوزها بكامل مقاعد المجلس البلدي.

لذا الجميع عينه على عروس البقاع ونجمة البرلمان ويسعى إلى كسب ودّها.

هذه بعض العقبات الكبيرة التي ستعيق إنتاج قانون انتخابات في المدى المنظور أو الطويل، إلاّ إذا نزلت تسوية ما على غرار ما حصل في حلّ عقدة الجلسة التشريعية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى