«الستين» عقدة التأليف الحكومي…

معن حمية

يُقال إنّ تأخير تأليف حكومة الوحدة الوطنية في لبنان مردّه «عُقد» تمثيل بعض القوى!

والسؤال البديهي، كيف يكون هناك حكومة وحدة وطنية إذا لم يكن الحزب السوري القومي الاجتماعي وقوى أخرى وازنة ضمنها؟

العارفون بطبيعة التفكير الطائفي والمذهبي في لبنان، يدركون أنّ المسألة ليست بهذا التبسيط، فالعقدة الكأداء التي تؤخر تشكيل الحكومة، هي اشتهاءات بعض القوى للاحتفاظ بمقاعد نيابية لن يحصلوا على كمّ كبير منها، إلا من خلال قانون الستين الطائفي.

وعليه، فإنّ «العقد» التي يتمّ تداولها، ليست عقداً على الإطلاق، لأنّ من حق الأطراف الوازنة أن تكون جزءاً من المشهد العام، وأن تشارك في حكومة يقع على عاتقها سنّ قانون انتخابات جديد. وهذه المشاركة طبيعية، لأنها من موجبات التفاهمات التي أنتجت هذه المشهدية اللبنانية التي اشترك الجميع في صياغتها وترجمتها.

إنّ ربط تأخير تشكيل الحكومة بـ «العقد» الافتراضية المُشار إليها، هو العقدة الحقيقية بعينها، وهذا الربط ينطوي على محاولات تستهدف استلاب حق التمثيل لقوى أساسية في البلد، وهذا ليس مقبولاً، كما أنّ التذرّع بهذا التمثيل لتأخير التأليف أيضاَ ليس أمراً مستساغاً.

لبنان اليوم، وفي ظلّ المشهدية الجديدة، قد يكون أمام فرصة حقيقية للتغيير. تغيير في بنية النظام السياسي الطائفي، وتحويله إلى نظام مدني ديمقراطي، والطريق إلى هذا التغيير يتمّ من خلال قانون انتخابات عصري، لبنان دائرة واحدة، واعتماد النسبية وخارج القيد الطائفي، وما عدا ذلك، تأبيد للنظام الطائفي وإسقاط كلّ مندرجات الإصلاح ومفهوم التغيير الحقيقي… فمن هو صاحب المصلحة في الإبقاء على هذا النظام الطائفي الموغل في فساده وانغلاقه؟

ليس صحيحاً أنّ اللبنانيين عاجزون عن فهم طرائق الانتخاب النسبي، وأنّ إفهامهم يتطلب سنة وربما سنوات! هذه ذرائع يطلقها مروّجو القانون الستيني، بغية الإبقاء عليه، للحؤول دون الانطلاقة نحو هدف الإصلاح والتغيير.

إنّ ما تشهده المنطقة من أحداث وتطورات، يشي بأنّ الحالات الطائفية المتزمّتة والمتطرفة والتي لا تمتلك مشروعاً وطنياً مقاوماً، تشكل أداة استخدام من قبل القوى الخارجية. ومعظم هذه الحالات المستخدمة من الخارج تتطوّر سلباً لتؤدّي وظائفها عبر ممارسة الإرهاب، كما يحصل في سورية والعراق. وما من داعي للتذكير تحت أيّ شعارات نمت العديد من هذه الحالات وما وصلت إليه، بحيث أصبحت تشكل خطراً حقيقياً على المجتمع.

وليس النظام الطائفي في لبنان، أقلّ سوءاً وضرراً من الحالات المستخدمة في مشاريع الخارج، ولا شكّ في أنّ بقاءه يفاقم الأزمات ويؤجج الحروب.

خلاصة القول، إنقاذ لبنان ليس بالمشاريع الطائفية وقانونها الستيني، ولا بالنظام الطائفي المقفل، بل بنظام مدني ديمقراطي أساسه قانون انتخابات عصري يحقق صحة التمثيل وعدالته.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى