أولى

لماذا لا تسدّد الجمارك على المستوردات مع فتح الاعتمادات؟

– فتح النقاش حول طلب الحكومة تشريع الضرورة لاستدانة الضرورة من مصرف لبنان، باب التساؤل حول سبب عجز الخزينة عن تأمين واردات كافية لتغطية نفقاتها رغم تراجع حجم الإنفاق من 16 مليار دولار وفقاً لموازنة 2018 الى 2 مليار دولار فقط، وفقاً لأرقام موازنة 2023؟
– وسبب التساؤل هو أن واردات الخزينة في أي دولة تقاس بنسبتها من إجمالي الناتج الوطني، والناتج الإجمالي وفقاً لأرقام صندوق النقد انخفض إلى الثلث فقط، من 50 مليار دولار الى أقلّ بقليل من 17 مليار دولار، بينما انخفض الإنفاق العام ثلاث مرات أكثر؛ أي من 16 مليار إلى 2 فقط ما يتيح فرصة ذهبية لتأمين واردات للخزينة باقتطاع نسبة أقل بكثير من إجمالي الناتج الوطني من النسبة التي كانت تمثلها الواردات في الموازنات السابقة، فإذا كانت نسبة 30% من الناتج مطلوبة لتغطية نفقات موازنة 2018، وهي نسبة قاتلة للاقتصاد كفيلة بدفعه نحو الجمود، فإن نسبة 20% التي تمثل سقف المقبول مالياً وفق المعايير الدولية، لا تكفي إلا لتغطية 60% من إنفاق موازنة 2018، لكن بالمقابل فإن نسبة 13% من إجمالي الناتج الوطني، وهي نسبة مريحة ومنعشة للاقتصاد وفق المعايير الدولية، تكفي لتغطية كامل نفقات موازنة 2023.
– عندما يقول أحد إن حجم الاستيراد تراجع من 20 مليار دولار إلى 10 مليارات كان يهب مصرف لبنان والمصارف التي تعمل تحت عباءة الحاكم السابق لنشر تقارير تقول إن الاستيراد لا يزال عند رقم الـ 20 مليار دولار، تهرباً من الاعتراف بأن هناك فائضاً في ميزان المدفوعات، للإيحاء بأن الانهيار مقبل، وأن تثبيت سعر الصرف لم يكن نتيجة ما اعترف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بحدوثه وأسماه بالتأقلم، مشيراً إلى زيادة تحويلات اللبنانيين في الخارج وتراجع الاستيراد والاستهلاك، وكان الهدف مفهوماً وهو الضغط للتمهيد لتمديد بقاء الحاكم السابق في منصبه باعتباره خشبة الخلاص للحفاظ على سعر الصرف.
– اليوم رحل الحاكم وانتهى الأمر، وثبت أن سعر الصرف غير مرتبط بوجوده وانتهى الأمر أيضاً، فهل تفكر وزارة المال والحكومة بمعادلة تتيح عبور المرحلة الانتقالية بسلاسة، بينما فائض ميزان المدفوعات مرشح للتزايد، ويمكن له أن يمثل تراكماً يعتد به في تمويل خطة نهوض حقيقية تتضمن حلولاً لودائع اللبنانيين وهيكلة المصارف؟
– إذا اعتمدنا رقم الـ 15 مليار دولار للمستوردات لعام 2023، ومثلها لعام 2024، وربطنا سداد الرسوم الجمركية، والضريبة على القيمة المضافة بفتح الاعتماد المصرفي، ولو مع حوافز حسم وتسهيلات ضريبية، فإن جباية أكثر من 2 مليار دولار دون مخاطر التهرّب والتلاعب تصبح أمراً متيسراً. والآلية بسيطة تقوم على إضافة وثائق سداد الرسوم الجمركية ووثيقة سداد الضريبة على القيمة المضافة، ولو عبر اعتمادات موازية تفتح لحساب وزارة المالية، بمعنى الدفع المجزأ للقيمة، لكن المضمون والمؤكد، فهل يحق لنا أن نأمل بأن تكون لدى من يتولّون أمورنا عقلية تحمل المسؤولية، لا عقلية الجابي العثماني؟

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى