التطبيع يشتري للكيان أصواتاً لكنه لا يغيّر حالاً
لا مرارة يمكن أن تشبه مرارة الموقف الإماراتي في مجلس الأمن الدولي، دفاعاً عن كيان الاحتلال وعدوانيته خلال مناقشة التجديد لقوات اليونيفيل في جنوب لبنان، بصورة لا وظيفة لها إلا إلحاق الأذى المعنوي بحق لبنان ومصالحه، رغم وضوح الصورة أن هذا الموقف لن يقدم ولن يؤخر في اتجاهات التفاوض، ورغم أن صورة موقف الإمارات بدت أشد سوءاً من موقف الدولة صاحبة طلب التعديل الأصلي وهي فرنسا، التي تراجعت وعدلت موقفها مراراً طلباً لتسوية قابلة للتطبيق بدلاً من موقف عدائي لا يبصر النور.
يقدّم موقف الإمارات سقف ما يمكن أن يناله الكيان من التطبيع، وهو صوت عربيّ يدافع عن عدوانية الكيان بوجه حقوق العرب الآخرين. ورغم مرارة هذا المشهد إلا أنه في الواقع لا يغير لا من ضعف الكيان، ولا من نسبة صعود موازين القوى لصالح قوى المقاومة، ولا من تصاعد المقاومة في فلسطين، ولا يلغي عمق انقسام الكيان على نفسه بصورة يقول قادته إنها تهدد بنشوب حرب أهلية.
مشهدان تطبيعيان ظهرا هذا الأسبوع، واحد بلقاء وزيرة الخارجية الليبية نهلا المنقوش بوزير خارجية الكيان ايلي كوهين، والثاني بزيارة كوهين إلى البحرين وافتتاح سفارة الكيان في المنامة، وهنا أيضاً تباهى الكيان بالمشهدين، لكن ذلك لم يمنع أن الشارع الليبي انتفض على وزيرة الخارجية التي هربت من بلدها، وتخلّى عنها رئيس حكومتها، الذي قيل إنه كان وراء ترتيب اللقاء، بينما في البحرين احتجاجات وبيانات اعتراض وشارع يرفض بقوة كل مسار التطبيع.
مرة أخرى يجد الكيان في هذه الصورة تعزية في أزماته البنيوية والوجودية، لكن هذه الأزمات تتعمّق وتدور في مكان آخر، لا يملك مفاتيحه من يسيرون في ركب التطبيع. فجوهر أزمة الكيان ان مصير أمنه لم يعد بيد النظام العربي الرسمي الذي لو ذهب كله الى التطبيع فإن ثلاثة أشياء لن تتغير، الانقسام الداخلي للكيان، والاختلال بموازين القوى لصالح محور المقاومة وضياع قدرة الردع من يد الكيان وجيشه، والتصاعد المتنامي في المقاومة داخل الضفة الغربية بصورة لا تتأثر بذهاب المزيد من الأنظمة العربية نحو التطبيع، وتضع أمن الكيان على المحك كل يوم.
يبيعون كرامتهم بسعر رخيص، ولا يكسبون من وراء ذلك شيئاً، والكيان يشتري الصورة لكنه يعلم أن شيئاً لن يتغير.
التعليق السياسي