الوطن

«اللقاء الإعلامي الوطني» يكرّم وزير الثقافة محمد وسام المرتضى بحضور سياسي وإعلامي ونقابي حاشد والكلمات تؤكد دعم وقفته الشجاعة في معركة التمسّك بالقيَم ومواجهة الشذوذ ومنع هدم المجتمع

كرّم «اللقاء الإعلامي الوطني» وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام المرتضى، لمساندته ودعمه في مواجهة الحملة المنظمة والظالمة التي يتعرّض لها، حيث وقف بكلّ صلابة دفاعاً عن الأخلاق والمبادئ والقيَم التي أقرّتها الشرائع السماوية، وأحبط مخططاً كبيراً لحفنة تريد تعميم أفكارها الهدامة في مجتمعاتنا.
حضر التكريم وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ترأسه نائب رئيس الحزب وائل الحسنية وضمّ عميد الإعلام معن حمية، عميد القضاء ريشار رياشي، وكيلة عميد الإعلام رمزا خير الدين، وكيلة عميد الاقتصاد إنعام خرّوبي، منفذ عام الساحل الجنوبي غسان حسن، مدير التحرير المسؤول في جريدة «البناء» رمزي عبد الخالق.
وشارك في الحفل وزراء ونواب حاليون وسابقون وممثلون عن الأحزاب والقوى الوطنية، وفاعليات سياسية وروحية ونقابية وحشد من الصحافيين والإعلاميين تقدّمهم نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزيف القصيفي ونائب رئيس المجلس الوطني للإعلام ابراهيم عوض ومسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف ومنسّق اللقاء الإعلامي الوطني سمير الحسن وأعضاء اللقاء.
قنديل
وبعد كلمة ترحيب وتقديم من الزميلة بثينة عليق، ألقى رئيس تحرير «البناء» النائب السابق ناصر قنديل كلمة اللقاء الإعلامي الوطني، واستهلها قائلاً: نحن في اللقاء الإعلامي الوطني جمع حرّ لعقول حرة، تلاقت حول هوية ثقافية للبنان، عقول لا مهنة لها إلا الثقافة، لأنّ الثقافة حارس معاني الكلمات، تضخ فيها الروح لتحوّلها من عالم اليباس إلى خضرة الحياة.
وهذه المنصة أردناها للحوار والجمع، وأول شروط الحوار اتفاق على المعاني في استخدام الكلمات واللغة، واللغة هي أداة الحوار، فلا ثقافة دون اللغة، وأول الحوار الثقافي مفهوم تعاقدي بين أهل اللغة على معنى متفق عليه لاستخدام الكلمات، كما يقول ابن خلدون مؤسّس علم الاجتماع اللغوي.
الثقافة، كلمة عربية أصيلة عريقة تنتسب من فعل ثقف، وثقَف وثقف ومثقف، تدور معانيها حول تقويم المعوج وإصلاحه، واكتساب الحذاقة والفطنة، أما الاستخدام المعاصر لمصطلح الثقافة كمرادف للمصطلح اللاتيني culture، والتي جاءت اشتقاقاً من الفلاحة والبذار والزراعة، الوارد بعد الاستخدام العربي بقرابة ألف عام لمفردة الثقافة، فلم يغيّر من التصاق استخدام الثقافة بالجمع بين نشر بذور أفكار جديدة وتهذيب الذوق والارتقاء به واكتساب المهارات والمعارف.
أما الهوية الثقافية فهي تعاقد ضمني آخر، ينشأ بالتراكم عبر التاريخ بين أهل الهوية، ولا يُصاغ على موائد الكلام والسياسة، بل في الوجدان الجمعي بصفته فعلاً اجتماعياً إنسانياً تراكمياً بالتراضي. فالهوية الثقافية ليست سياسية، بل ضمير الوطنية العميق، وفي لبنان المؤسَّس على التراضي حول وحدة التنوع، تأتي قيمة الهوية الثقافية من كونها مغامرة اختبار إنساني مفتوح على الزمن، لإنشاء هوية يتشارك فيها المختلفون.
لقد اختار اللبنانيون مشقة الزواج الثقافي على سهولة الطلاق، ومن هنا جاءت فرادة النموذج والمثال الذي استحق توصيفه بأنه «أكثر من وطن إنه رسالة»، كما قال البابا يوحنا بولس الثاني، وتعاقد اللبنانيون على أنّ جمال الفسيفساء التي اشتهر بها أجدادهم المتعدّدو الجذور يتأتى من جمعها لا من تفرّقها، وأنّ قيمة كلّ قطعة فيها لا يقرره حجمها كما هو الحال عند تفرّدها، بل إنّ قيمتها هي بما تضيفه من جمال للجمع، ولم يثنهم عن المضيّ بهذا التعاقد ما تسبّبت به مساوئ الإدارة السياسية لهذه الهوية الثقافية من أزمات وحروب، وهكذا أعادوا تكرار المحاولة في كلّ مرة، بعزيمة أقوى وإرادة أشدّ، ليقين بأنّ في هذه الفرادة ما يستحق المحاولة.
من نتاج جمالية وإبداع هذه الفرادة أنّ اللبنانيين اختاروا على سبيل المثال، في هويتهم عن العروبة أجمل ما قاله المسيحيون وما قدّموه لها، واختاروا عن نهائية الكيان الذي بنوه كوطن نهائي لهم أجمل ما قاله المسلمون وما قدّموه له.
قد يبدو غريباً لدى البعض، القول إنّ أفضل مرجع جامع في توصيف عناصر الهوية الثقافية اللبنانية، هو ما أورده المفكر والمثقف شارل مالك، لشدة الاختلاف على شخصه، الذي يضاهيه ما نعتقده فرصة الاتفاق على نصه، معرفاً الهوية الثقافية اللبنانية بما هي تمسك بقيم الإيمان والأسرة والحرية والتعدّد والتنوع، وإعلاء شأن اللغة العربية كمؤسسة لبنانية والدفاع عن مكانة العرب وريادة نهضتهم بين الأمم، ومواجهة خطر الكيان الصهيوني الغاصب لأرض العرب، كمصدر خطر وجودي على لبنان.
ونحن نجد أنّ عناصر الهوية الثقافية التي نتجنّد للدفاع عنها وحمايتها قد استوفت معانيها واستحقت أبعادها في تعريفات شارل مالك.
الهوية الثقافية للوطن أو الأمة مؤسّسة سيادية لها حدودها التي تحتاج من يحرسها، ولها حياضها التي تحتاج من يدافع عنها، وفي الهوية الثقافية اللبنانية، حدود التنوع في الوحدة، وحدود الحرية في الأخلاق، وحدود الحداثة في حماية الأسرة، وحدود اللغة العربية والهوية العربية الناتجة عنها في مواجهة الخطر الصهيوني، وحدود الوحدة في حرية المعتقد.
هذه الهوية الثقافية اللبنانية شكل وزير الثقافة ثقاف رمحها أي مصلحه، ومسدّد قوسها أي باريه، يصلح من شأنه ويسدّد وجهته، يتصرف معها بحذاقة ومهارة، كما هو التعريف المعجمي للثقافة، وقد وجدها عرضة لخطر الاعتداء والانتهاك، ومعاول الهدم تشتغل في بنيانها، وكما سعت هذه المعاول للفرقة بين لبنان وعروبة اللغة، وسعت للتنكر لمسؤولية لبنان في مقاومة الغزوة الصهيونية، كما يسمّيها شارل مالك، وصل استهدافها اليوم إلى الوحدة والتعدد والتجرّؤ على رفع رايات الفتنة والانقسام، وبلغ بعض سهام الاستهداف الى الأسرة ومحاولة إحلال نموذج هندسي جديد للمجتمع يقوم على تفكيكها، من خلال مشروع وافد إلينا يحاول أن يلبس لبوس الثقافة، من بوابة الحرية.
وتابع قنديل قائلاً: مواجهتنا الثقافية ليست مع الحرية الشخصية، بل مع محاولة شاذة لنقل الشذوذ من كونه نقطة ضعف، إلى جعله قيمة مضافة تستحق التباهي لتشكل عنوان الهوية الثقافية البديلة، لمجتمع بلا أسرة يتحدي تعاقد الإيمان، ومشيئة الخالق، وقد انبرى وزير الثقافة حارس الحدود السيادية للهوية الثقافية اللبنانية، فارس يمثل الاجتماع اللبناني، يتصدّى لها من موقع مسؤوليته الدستورية والوطنية والأخلاقية.
دياب
بدوره، قال الرئيس السابق للحكومة البروفسور حسان دياب: «انّ القوى السياسية مأزومة، الشعب مأزوم، الأمن مأزوم، الاقتصاد مأزوم، المصارف مأزومة، الواقع المالي مأزوم، الواقع الصحي مأزوم، المؤسسات مأزومة، التعليم مأزوم، المدارس والجامعات مأزومة… البلد كله مأزوم. البلد من دون رئيس للجمهورية، والدولة كلها في حالة تصريف أعمال. وكلّ القضية أنّ الأنانيات هي التي تتحكّم بالخيارات السياسية. تتناتش البلد المصالح الضيقة والحسابات الشخصية والأوهام بإعادة صياغة بلد على قياس هذه الفئة أو تلك، وتتسلل مجدّداً أحلام الفيدرالية والكانتونات التي تفصل بين اللبنانيين بحواجز تذكّر بزمن مؤلم».
وتوجه دياب الى المكرّم بالقول: «إنّ التكريم، هو تكريم للقيَم، وانتصار للمفاهيم التي نؤمن بها. أيها الصديق.. انّ تكريمك اليوم، هو تحفيز على الجهد، وتمديد عقد، وتجديد شباب العزيمة، من أجل أن تساهم في حماية أجيال لبنان».
رعد
أما رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد فقال:
وسط التداعيات التي ظهرت إبّان الأزمة السياسيّة والاقتصاديّة الخانقة التي شهدها لبنان وأدّت إلى تصدّع أو انهيار العديد من البنى والقواعد الناظمة لحياة المواطنين ولم تسلم من ذلك البنى الثقافيّة والأخلاقيّة فضلاً عن البنى السياسيّة الوفاقيّة والبنى المصرفيّة والتربويّة والقضائيّة وغيرها.. طفت على السطح موجة الترويج للشذوذ الجنسي أو ما أسموه تجميلاً وتمويهاً بـ»المثليّة»، وانبرت بعض الألسنة والأقلام والمنابر ووسائل الإعلام والتواصل لتسويق هذه البضاعة السلوكيّة التي يفوح منها نتن النفايات الناجمة عن التطبيقات الاجتماعيّة الفاشلة في الغرب والتي أودت بالأسرة وبدورها في تعزيز التماسك الأهلي وتحصين النسل البشري…
ولم يكن خافياً أنّ مروّجي هذه البضاعة يهدفون إلى الأطاحة بقيم مجتمعنا اللبناني وبمفاهيمه الإيمانيّة والثقافيّة، وبما جرى التوافق الوطني عليه وأقرّه الدستور الذي ضمن للبنانيين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصيّة والمصالح الدينيّة.
ولا يغيب عن البال أنّ جمعيّات ومنظمات غير حكوميّة تناسلت بسرعةٍ ملفتة في البلاد وأُغْدِقَت عليها أموال طائلة لتسويق برامج وأنشطة وإعلانات من أجل تطبيع عقول اللبنانيين مع تلك الموجة ليبدو الأمر عاديّاً في حياتهم.
طبيعي أنّ يتطلّب التصدّي لهذه الموجة الهائجة، وقفات ومبادرات وخطّة عمل وبرامج من أجل إسقاط أهداف الحملة الترويجيّة على أن ينطلق ذلك كله من وعيٍ عميق للمخاطر الجسيمة والمتعددة الأبعاد على مجتمعنا اللبناني، بهدف إضعاف مناعته وقدرته على الصمود بوجه الضغوط المتلاحقة عليه من قبل العدو الصهيوني وداعميه الدوليين والمروّجين للتطبيع معه.
إنّ الشذوذ الجنسي هو خروج على قواعد التكوين والنمو التي تحكم الطبيعة عموماً والإنسان خصوصاً.. وهذا الخروج بحدّ ذاته سواء كان إراديّاً أو غير إرادي هو ارتطام وتدهورٌ مُفجعٌ للإنسان ولما يُحيطُ به من مخلوقاتٍ ومقوّض للسياقات والأنظمة الخاصّة والعامّة التي تضبط سير الحياة البشريّة برمّتها…
كما أنّ الشذوذ هو خلطٌ عشوائي وغوغائي لأدوار الرجل والمرأة والذكر والأنثى بما لا يتناسب مع وظيفة كلّ منهما في الحياة وبما يعطّل التكامل المنتج بينهما تحت شعار واهم ومضلّل هو المثليّة أو التماثل.
كذلك فإنّ الشذوذ – بحسب علم النفس الاجتماعي – ليس جموحاً محموداً في ممارسة الفرد لحريّته الشخصيّة، كما يدّعي المروّجون المخادعون، بل هو تفلّت غير مسؤول ناجم عن خلل مرضي يُصيب أنانيّة الفرد بالانتفاخ على حساب ضمور إرادته ووعيه المتلازمين لتحمّل المسؤوليّة وتحقيق الانتاجيّة المطلوبة في الحياة.
أضاف رعد: إنّ أخطر مستويات الشذوذ، هو ما يُنظر إليه على أنّه حالةٌ سويّةٌ يُنَظَّر لها ويُدعى إلى التكيّف معها.. وتوضع التشريعات من أجل حمايتها وعدم التعرُّض للمبتلين بها أو المروّجين لها.
وإنّ الشاذّين الفعليين هم أولئك المشغِّلون للضحايا والمنحرفين الذين قد يكون أسقطهم الفقر أو الجهل أو الظلم والاستبداد أو الشهوة أو الأنانيّة، فضعفوا عن مقاومة ذلك كلّه أو بعضه ولجأوا إلى الهروب من أنفسهم وواقعهم، ليَتَلَقَفَّهُم اللئام الذين يصفقون لهم ويروِّجون للتكيّف مع سوء حالهم والاستثمار على وضعهم.
إنّ الإنسان حين يفقد وعي الحياة وتضعفُ قدرته على الرقيّ نحو الكمال.. وحين يستسلم لميوله وشهواته وأهوائه، يرتكس إلى نمط عيش البهائم التي تهيم طلباً للعلف والاستمتاع دون أيّ استشعارٍ للمسؤوليّة لا إزاء نفسها ولا إزاء من حولها.
إنَّ الشذوذ… هو هذا المستوى البهيمي الذي يُراد لمجتمعاتنا المعاصرة أن تتنزّل إليه وتسقط فيه.
والوقفة بوجه هذا المنحى هي الترجمة الدقيقة للإنسانيّة في مستواها القيَمي المحترم، وللوطنيّة في معناها الانتمائي الذي يفقه قيمة الأرض والناس والنظام.
وخاطب النائب رعد الوزير المرتضى قائلاً: نهضتَ مبادراً ومتصدّياً لحملة الترويج للشذوذ الجنسي ولمخاطره على الوطن والدولة والمجتمع.. وواكبكَ مؤيدون من رجال فكرٍ وثقافةٍ وسياسيةٍ من كلّ الطوائف والمذاهب فضلاً عن مجاميع علميّة وروحيّة متنوّعة وقوى سياسيّة واجتماعيّة..
ولقد كنتَ معهم وفيهم جريئاً وجسوراً، تُقدِمُ في معركة الواجب هذه، واثقاً، انطلاقاً من قناعتك ومن موقعك الإنساني والوزاري المسؤول عن حماية الثقافة الوطنيّة ومضامين ونصوص المواد الدستوريّة ذات الصلة التي ارتضاها اللبنانيون ناظماً لحياتهم السياسيّة والاجتماعيّة والثقافيّة والوطنيّة.
إننا في لقائنا اليوم إذ نشكرك على ما أدّيت في هذا الاتجاه، نؤكد أنك لن تواصل هذه المهمة بمفردك.. وقفنا معاً وسنستمرّ بالتوسّع في مختلف ميادين الفكر والثقافة والتشريع والإعلام وسيتعاون معنا الشرفاء.. كلّ الشرفاء. وبحسن القصد يسهلُ الوصول ونكسب الرهان.
لقد مضينا هكذا في المقاومة ضدّ الاحتلال دفاعاً عن سيادتنا وهكذا نمضي لحماية ثقافتنا وقيَمنا والحفاظ على هويتنا.
أبو كسم
بدوره، قال رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبده أبو كسم: «تشرّفنا بتكريم الوزير المرتضى وهو هامة من الهامات الوطنية الكبرى التي تزيّنت بالخصال الوطنية والفضائل الإنسانية، آمن بأنّ الإنسان هو صورة الله فهو رجل الحوار والساعي دوماً الى التلاقي مع الآخر واحترام عاداته وتقاليده ورأى في اختلافه عنه تنوع وغنى. قاضٍ حكم بصولجان العدل شعاره رأس الحكمة مخافة الله، وعلى هذا الأساس بنى مداميك علاقاته مع الآخرين. أنيق في مظهره لبق في كلامه خلوق في طروحاته الوطنية والأخلاقية فاستحق اليوم هذا التكريم».
أضاف «نواجه اليوم تحديات كبيرة على المستوى الوطني واللبناني بالاضافة الى أزمة الثقة بين المسؤولين عن مقدرات هذا الوطن والتي تمنع حتى اليوم انتخاب رئيس للجمهورية بالإضافة إلى هذا الهمّ والخطر الكبير نواجه أزمة أخلاقية تتجلى في محاولة لتبديل المفاهيم التي تحكم حياة الشخص البشري لتهبط فيه من مقام الرفعة الى مستوى يفقد معه صورته البهية وليتحدّى إرادة الله الخالق الذي يجري هو تحدّ لإرادة الله الخالق الذي أراد من الإنسان الذي خلقه ذكراً وأنثى ان يتزاوج وينمو ويشاركه في عملية الخلق ويكثر الخلق، انها عملية تحدّ لإرادة الخالق الذي أراد أن يكون معه الإنسان شريكاً في الخلق والإبداع وسلّطهُ على كلّ المخلوقات على هذه الأرض وأعطاه الحربة والعقل ليبني لا ليهدم. نحن اليوم في مواجهة كسر القيَم الأخلاقية والدينية التي تزيّن الإنسان والمجتمع فلن نقبل ان تمسّ هذه القيَم لأنّ في كسرها تكسر العائلة التي هي الحصن الأمين المتبقي لضمان بقاء هذا الوطن لبنان».
وختم أبو كسم قائلاً: «شعبنا يهاجر والخطر الأكبر ان هناك من يهاجر إلينا يجب أن نواجهه، لكن لم يبقَ إلا العيلة، العيلة الصغيرة التي هي عائلة كلّ واحد منا والعائلة الكبيرة هي العيلة اللبنانية، هذا الخطر يجب أن نقف بوجهه ولن نسمح ان تضرب القيَم لانّ في ضربها ضرب للعائلة وضرب للوطن».
المرتضى
وختاماً، ألقى الوزير المرتضى كلمة قال فيها: «يحسُنُ بي استغلالُ المنبر لإعادة تصويب عنوان الاحتفال كما أحبُّ له أن يكون: «الاحتفالُ بانتصار القيم». فالحملةُ التي خيضَت على مدى الشهرين الماضيَين لم تكن في عمقِها ضدَّ وزير الثقافة شخصيّاً، وإنْ بدا ذلك كذلك، بل كانت في حقيقتها ضدَّ القيم التي تُشكّلُ في الكيانِ الروحيّ اللبناني والإنسانيِّ بعامةٍ، جوهرةَ محارِه، وخُلاصةَ عطرِه، وكنهَ معناه. ولقد كان من حُسْن نصيبي أن أقف في مقدمة المنافحين عن هذا المعنى الأخلاقي للوجود الإنساني، كما اكتنزه تراثُ البشرية على مرِّ العصور، وكما فرضتْه التعاليمُ الإيمانية لدى شعوبِ الأرضِ أجمعين، لا لشيءٍ إلا لاعتقادي بأنَّ الصراع الثقافيّ العالميَّ الذي باتَ يكشفُ عن أدواته القاتلة، يرمي إلى طمسِ الهُويَّات المعرفية الخاصة بكلِّ أمّةٍ تحت السماء، وإزالةِ التنوع الذي هو نعمةُ الكون، من أجل فرضِ أحاديةٍ فكريةٍ مقولَبةٍ وممنهَجة، مع ما تستتبعُه من سبلِ عيشٍ استهلاكي، خالٍ من المبادئ، يحطِّمُ الروحَ ويقودُ الغدَ إلى التدمير الذاتي، حتى تسودَ العالمَ كلَّه أمةُ واحدةٌ، تستولي على الحياةِ وتستعبدُ من تبقّى من بشر. كلُّ ذلك يأتونَه تحت ستار الحريّة وحقوق الإنسان، «فآهٍ أيتُها الحريّةُ كم من الجرائم تُرتَكَبُ باسمِك».
أضاف «على أن بعضاً ممن خاضوا الحملةَ ضدّ القيَم، كانوا يردّدون أنَّ المبادئَ التي ندافعُ عنها ليست سوى رواسبَ سلبيةٍ متراكمةٍ في النفسِ اللبنانية المتأثّرةِ بمفاهيمَ قديمةٍ لم تعد توائم العصر. ولقد فاتهم أنّ دستورَنا أكّدَ على أنَّ الدولةَ تؤدّي فروضاً لله تعالى، ولا تسمحُ بأيِّ تعليم ينافي الآدابَ أو يتعرّضُ لكرامة الأديان. ولظنِّهم أنَّ علمَ الدستور وعلمَ العربية انتهيا إليهم وتوقَّفا عندهم، راحوا يهرِفون بما لا يعرفون، ويقولون: »لبنان ليس دولةً دينية. ثمَّ إنَّ بعضاً آخر، لا سيّما في القطاع الإعلامي «المتمرمر» من ذودي عن العيش الواحد ومنافحتي عن القيم الجامعة، وصفني بالمرشد الأخلاقي، وفي حِسْبانه أنه بذلك يغيظُني».
وأكد المرتضى «على مدى سنتين من عمر هذه الحكومة، كانت وزارة الثقافة، على الرغم من ضيق ميزانيتِها، موجودةً وُسْعَ الأرض اللبنانية في الحضور الفاعل على مستوى المشروع الثقافي ذي الجَناحَين: ضمانِ حريةِ الإبداع وحِفظِ التراث بعناصره المادية والمعنوية كافةً، كما على مستوى الندوات الثقافية، والأعمال الموسيقية، والمعارض والفنون على تنوُّعِها وإحياء الأعياد الوطنية الجامعة لا سيّما عيدي البشارة والميلاد. ولقد أردنا بهذا أن نستمرَّ في الشهادة لمعنى الوطن، كفضاءٍ حرٍّ تتفاعلُ فيه الثقافاتُ المتنوعة، من غيرِ أن تُلغي الواحدةُ الأخرى، وكميدانٍ لممارسة الحريّات العامّة وعلى رأسِها حريّة الرأيِّ وحريّة التعبير عنه. فلبنان صيغةٌ متآلفةٌ من موقعٍ جغرافي وثراءٍ اجتماعي، جعلت منه نطاقاً إنسانيّاً لعيش المعيّة والحوار البنّاء. علينا أن نحافظَ عليه، وعلى مظاهر سيادته المتمثّلة بأمورٍ عديدة، منها الخصوصيات الثقافية التي تتألّقُ فيه، والتي تأبى أن تُسلِمَ أمرَها بالكليّة، من دون تفاعلٍ أو تبادل، لسياداتِ ثقافاتٍ أجنبيةٍ لا يَدينُ بها كثيرٌ من أهلِها في مواطنهم هناك. ومنها مبدأ الحوار الذي ينبغي له أن يكون سيد الحياة الوطنية».
وختم المرتضى كلمته قائلاً: «رجائي ان أكون على قدر ثقة نبيه الوطن وسيّد المقاومة وانتصاراتهما في حفظ عيش المعيّة وصون القيم وبثّ الوعي والوفاء للمقاومة ودماء شهدائها الأبرار».
وفي الختام، منح «اللقاء الوطني» للمرتضى درعا تكريمية وباقة من الورود، كما قدّم محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود باقة من الورود. وتسلم المرتضى أيضاً لوحات من «المنتدى التشكيلي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى