مانشيت

الجيش السوريّ ينتشر على طريق معرّة النعمان – حلب… وصواريخ على السفارة الأميركيّة في بغداد جهوزيّة أمنيّة ونيابيّة لجلسة الموازنة… والحكومة تتمثل برئيسها… بعد حسم دستوريّتها سعد وحردان لقيادات «القومي»: رفضنا حصّة في الحكومة بوجه المحاصصة والاستئثار

كتب المحرّر السياسيّ

فيما واصل الجيش السوري التقدّم السريع على محاور التقرّب من مدينة إدلب، ببلوغه مسافة عشرات الأمتار من مدينة معرّة النعمان، وسيطرته على الطريق الدولي بين معرّة النعمان وسراقب وصولاً إلى حلب، بدا أن القرار التركي بالانسحاب من شمال سورية يسير بالسرعة نفسها، خصوصاً في ضوء نتائج الاجتماع الأمني الذي جمع رئيس مجلس الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك ورئيس المخابرات التركية الجنرال حقان فيدان، وما رافقه من معلومات عن بدء سحب الأتراك للجماعات التابعة لهم من منطقة شمال سورية. وما يرد في تقارير إعلاميّة عن توجّهها إلى ليبيا، بحيث تتسارع الاستحقاقات التي تطال الوجود الأميركي في سورية عندما يبقى القوة الأجنبيّة غير الشرعيّة الوحيدة فوق الأراضي السورية. وهو ما ربطته مصادر عسكرية بحديث مصادر البنتاغون عن تسريع وتيرة الحرب على بقايا داعش في سورية، بما يمكن أن يشكّل تمهيداً للإعلان عن نهاية الحرب وتوفير الذريعة للإعلان عن الانسحاب.

بالتزامن كان الوجود الأميركيّ في العراق الذي لم يستوعب قادته بعد مشهد الملايين التي خرجت في تظاهرة يوم الجمعة الماضي مطالبة بتسريع الانسحاب الأميركي، يتلقى صفعة عسكرية استهدفت ما سبق ووصفه الرئيس الأميركي بخط أحمر، تمثّلت باستهداف السفارة الأميركية في بغداد داخل المنطقة الخضراء، وسقوط ثلاثة منها داخل حرم السفارة وأحدها على مبنى المقصف والمطعم، في ظل تكتّم شديد على الخسائر ونفي أوليّ لوقوعها، رغم هبوط مروحيّات داخل مبنى السفارة منتصف الليل يرجّح أنها لنقل مصابين وربما قتلى سقطوا في الهجوم الصاروخيّ.

في هذا المناخ من التسارع في المشهد الإقليميّ يشهد لبنان اختباراً أمنياً وسياسياً، يتمثل بجلسة مناقشة الموازنة العامة، التي رافق انعقادها، جدل واسع حول دستوريّتها وإمكان غياب الحكومة أو كتل نيابية عن حضورها، ورافقت الدعوة إليها دعوات لقطع الطرقات وتنظيم التظاهرات لمنع انعقادها. وفي حصيلة المواقف والاتصالات حُسِمت دستوريّة الجلسة بإجماع المعنيّين، وفقاً للموقف الذي تبنّاه رئيس المجلس النيابي نبيه بري لجهة كون الأولوية للمجلس عندما يشرّع في مناقشة الموازنة هي لإنهائها، ولكون الدعوة للجلسة سبقت تشكيل الحكومة الجديدة، ولكون الحكومة لم تَنَل الثقة بعد ليكون ممكناً استرداد الموازنة، كما حسمت الحكومة المشاركة برئيسها في الجلسة، وحسمت أغلب الكتل النيابية حضورها، بما فيها الكتل التي شاب موقفَها ترددٌ ككتلة القوات اللبنانية، بحيث يتوقع أن يزيد الحضور عن المئة نائب، بينما بقي الهم الأمني حاضراً لجهة عدم تكرار ما جرى في الجلسة السابقة وتعطيلها. وقالت مصادر أمنية إن كل الترتيبات اللازمة لتأمين وصول النواب إلى مبنى ساحة النجمة قد اتخذت، وإن قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني وحرس مجلس النواب وضعوا توزيعاً للمهام، وإن القيادات الأمنية بدأت منذ ليلة أمس ترتيبات تتصل بضمان الطرقات الرئيسية رغم دعوات قطع الطرقات التي صدرت عن الجماعات المنظمة.

ورجّحت مصادر نيابيّة أن تمتدّ الجلسة ليومين وربما لثلاثة، في ضوء الطلبات المرتقبة للمتكلّمين، والتي ستكون بمثابة «بروفا» لجلسة الثقة في تظهير مواقف الكتل النيابية من الحكومة الجديدة، في ظل غياب حزب الكتائب الذي رفض الأخذ باعتبار الجلسة دستورية، وقالت المصادر إنه في غياب مشاركة الحشود الشعبية التي رافقت بداية الحراك، رفضاً للمسار الذي اتخذته الاحتجاجات سواء عبر قطع الطرق أو تخريب الممتلكات العامة والخاصة، ووجود رغبة شعبية بمنح الحكومة الفرصة قبل الحكم عليها، برزت مواقف الكتل النيابية بصورة لا توحي بمناخ تصادميّ ولا بمعاملة الحكومة كفريق مواجهة لفريق نيابيّ معين غاب عن تشكيلة الحكومة طوعياً، وتوقعت أن تتسم الكلمات بتأكيد مواقف نيابية مختلفة من تحديد الأولويات وجعلها كمطالب ترفع بوجه الحكومة ليتمّ تحديد الموقف منها على أساس هذه التطلعات أو المطالب. واعتبرت المصادر أن النجاح الأمني بتوفير فرص مناسبة لوصول النواب بسلاسة سيشكل تحولاً مفصلياً في فتح الطريق للعمل النيابي بعد الإشارة السلبيّة التي حملتها عمليّة تعطيل الجلسة السابقة.

 

أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد أنّ الحزب «القومي» يضطلع بدور أساسي لتحصين المجتمع بالوحدة وعناصر القوة، مضيفاً: «نحن لسنا بمتنازلين عن هذا الدور، لأنه في جوهر فكرنا وعقيدتنا». ولفت سعد الى أننانخوض على امتداد بلادنا معاركَ مصيرية ضدّ الاحتلال والإرهاب، بالتوازي مع معركتنا المفتوحة ضدّ الطائفية والمذهبية والفساد، وأيضاً ضدّ كلّ استئثار طائفي أو جهويّ”. وأكد سعد «أننا أصحاب خيار واضح، فنحن مقاومة ونعمل لتحصين الوحدة المجتمعية والوقوف الى جانب مطالب الشعب، لكننا في المقابل نرفض أيّ افتئات على الحزب والقوميين».

موقف سعد جاء خلال اجتماع عقده مع هيئات المنفذيات في لبنان في الحزب «القومي»، في فندق «رامادا بلازا» ـ بيروت لإطْلاعها على الظروف والحيثيات التي أملّت على قيادة الحزب اتخاذ القرار بعدم المشاركة في الحكومة اللبنانية، وشرح الموقف للقوميين والرأي العام.

بدوره، اعتبر رئيس المجلس الأعلى في الحزب النائب أسعد حردان، «أننا قدّمنا كل التسهيل الممكن للإسراع في تشكيل الحكومة، فلم نلجأ إلى منطق المحاصصة باسم نرشحه للحكومة، بل زكّينا تسمية الرئيس دياب للنقيبة أمل حداد، وهي صديقة للحزب نكنّ لها كلّ الاحترام، لكونها لعبت دوراً رائداً من خلال مسؤولياتها السابقة في نقابة المحامين ولأنها تشكل إضافة نوعية للحكومة»، مضيفاً: «وحتى الآن لم نتلقّ تبريراً مقنعاً حول سبب الفيتو الذي وُضع على الاسم الذي زكّيناه. علماً أنّ التبرير في مواقيته، لكن ما نؤكد عليه بأننا لم نكن من المعطلين، ولم يكن هدفنا حصة وزارية، بل تحصين الحكومة بما أمكن من التضامن والجهود الإيجابية».

أضاف حردان: «رفضنا حصّة في الحكومة، لأننا ضدّ المحاصصة. وفي هذا الرفض اعتراض صريح على منطق المحاصصة وأسلوب الاستئثار اللذين اعتُمدا من قبل واضعي الفيتو على اسم النقيبة أمل حداد، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق». وشدّد حردان على أن «الحزب القومي هو مَن يرسم الدور الذي يضطلع به انطلاقاً من قناعاته وخياراته، وهو ثابت على تحالفاته المعمّدة بالدم والشهداء في مسيرة مقاومة الاحتلال والإرهاب ومشاريع التقسيم والتفتيت».

وفيما واصلت لجنة صياغة البيان الوزاري جلساتها في السرايا الحكومية لإعداد البيان الوزاري، تتجه الأنظار مجدداً اليوم الى ساحة النجمة، حيث يعقد المجلس النيابي جلسات متتالية مخصصة لمشروع قانون الموازنة للعام 2020 وسط إشكالية دستورية حيال إقرار الموازنة في ظل حكومة لم تنل الثقة ما انعكس انقساماً بين القوى السياسية حول الأمر. ففي حين أعلن حزب الكتائب مقاطعته للجلسة، يتجه حزب القوات اللبنانية الى الحضور، بحسب ما رجّحت مصادر مطلعة.  

وفيما يؤكد خبراء دستوريون لـ»البناء» أن لا نص دستورياً يمنع إقرار موازنة في حكومة لم تحصل بعد على ثقة المجلس، أعلن رئيس لجنة المال والموازنة النيابةي النائب إبراهيم كنعان في تصريح أن «المادة 69 من الدستور واضحة لجهة دستورية جلسة إقرار الموازنة والنص واضح لا يقبل الاجتهاد واللبس».

أما كتلة المستقبل فستحضر الجلسة، بحسب ما قالت مصادر نيابية في الكتلة لـ»البناء»، وستصوّت على مشروع الموازنة، معتبرة أن «الجلسة دستورية والحديث عن عدم دستوريتها يصحّ فيما لو كانت الحكومة نالت الثقة، أما ولم تنلها بعد فمن حق المجلس إقرار الموازنة، إلا اذا طلبت الحكومة استرداد مشروع الموازنة فهذا شيء آخر». وشددت المصادر على أن «البلد يحتاج اليوم الى موازنة بأسرع وقت ممكن»، مضيفة أن «الكرة في ملعب رئيس الحكومة، فهل سيستردّ المشروع لإعادة درسه أم لا»، في حين رجحت مصادر «البناء» أن لا يبادر الرئيس دياب الى استرداد المشروع لا سيما أن وزير المال غازي وزني كرّر نفيه أمس، إرسال فذلكة جديدة للموازنة الى المجلس النيابي»، فيما علمت «البناء» أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري مصرّ على عقد الجلسة وإنجاز الموازنة خلال أيام قليلة لانتظام المالية العامة»، إلا أن مصادر لجنة المال أوضحت لـ»البناء» أن هناك ثغرات في الموازنة لا سيما في التراجع الكبير في الإيرادات ما يحدث خللاً بين الإيرادات والواردات، رغم أن اللجنة خفضت الإنفاق».

وإذ تتحضّر مجموعات الحراك للتظاهر أمام المجلس النيابي أثناء انعقاد الجلسة، مع محاولات لعرقلة وصول النواب الى ساحة النجمة، بحسب ما علمت «البناء» من بعض مجموعات الحراك، اتخذت وحدات من الجيش اللبناني إجراءات أمنية استثنائية في محيط مجلس النواب والطرقات الرئيسيّة والفرعيّة المؤديّة إليه. ودعت قيادة الجيش المواطنين إلى التجاوب مع التدابير المتخذة وعدم الإقدام على قطع الطرقات إنفاذاً للقانون والنظام العام، وحفاظاً على الأمن والاستقرار مع تأكيد احترامها حق التظاهر والتجمع السلمي في الساحات العامة».

وإذ لاقى وضع قوى الأمن الداخلي وشرطة المجلس النيابي جداراً عازلاً بين المتظاهرين والمجلس النيابي اعتراضاً شديداً من الحراك، أعلن وزير الداخلية محمد فهمي أن الجدار إحدى وسائل منع الشغب ومعتمد في كافة البلدان وبُني كي لا يحصل تماس جسدي بين القوى الأمنية والمتظاهرين.

وكانت لجنة صياغة البيان الوزاري واصلت اجتماعاتها خلال عطلة نهاية الاسبوع، وأعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد، أن اللجنة ستواصل عملها الأسبوع المقبل، وتكثف جلساتها لإنجاز البيان بصيغته النهائية. ورداً على سؤال، قالت: «نحن الآن في طور وضع المسودة الأولى للبيان الوزاري والتي تتعلق بمواضيع اقتصادية عدة وغيرها، وهي من المؤكد أنها من اولويات عمل الحكومة، وتباعاً سنستكمل مناقشة مختلف البنود، ولكننا في طور إنجاز المسودّة الأولى».

وقال عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ»البناء» «إننا كتيار مستقبل سنمنح فرصة سماح للحكومة الجديدة وننتظر سياساتها وما ستقدّمه للبنانيين ولن نعارضها منذ الآن»، مضيفاً «أننا سنحضر جلسات الثقة لللحكومة ونبدي رأينا وسنترك أمر منح الثقة الى حينه»، لكن الحجار لفت الى أن «الموقف الأميركي والصمت العربي والخليجي حتى الآن غير مشجّع وقد يؤثر على الدعم المالي للبنان وبالتالي على نجاح الحكومة، إذ إن الموقف الأميركي والخليجي يعتبرون أنها حكومة حزب الله».  ولفت الحجار الى أن الرئيس سعد الحريري سيعود الى بيروت خلال أيام وسيستمر في تحمّل مسؤولياته لكن من المبكر الحديث عن عودته الى رئاسة الحكومة، فالأهم بالنسبة اليه أن تقلع هذه الحكومة الجديدة وتتحمل مسؤولياتها في مواجهة الأزمات المعيشية والمالية المتفاقمة».

في المقابل، أكد عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق نجاح تشكيل الحكومة، هو إنجاز وقف هذا الانهيار، والمطلوب من الحكومة هو المبادرة إلى تحقيق إنجازات إصلاحية مالية اقتصادية واجتماعية»، محذراً من أن «هناك مَن يراهن على فشل الحكومة»، سائلاً: «مَن المستفيد مِن هذا الشغب؟».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى