مقالات وآراء

حكومة «شيلني وأشيلك» والانتظار الصعب…

} علي بدر الدين

أخيراً، نالت حكومةمواجهة التحدياتثقة مجلس النواب في جلسة حضرها 84 ٨٤ نائباً، منحها الثقة 63 نائباً وحجبها 20 وامتنع نائب واحد عن التصويت، وغاب عن الجلسة 44 نائباً، وتمّ اختصارها بيوم واحد بدلاً من يومين كما كان مقرّراً لها لضرورات فرضها ضغط الشارع في محاولة من الرافضين لها للحؤول دون اكتمال النصاب وتطيير الجلسة، ولكن الإجراءات الأمنية غير المسبوقة أقله منذ بداية الانتفاضة في ١٧ تشرين الأول الماضي التي اتخذتها القوى الأمنية لتسهيل مرور النواب الى المجلس وسبقتها إقامة الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة والجدار الفاصل في محيط مبنى المجلس والشوارع المؤدية اليه لعدم إنجاح خطة المتظاهرين بعرقلة وصول النواب.

وساهم في انعقاد الجلسة واكتمال النصاب حضور نواب من تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات، هذا الثلاثي الذي كان يدّعي معارضته للحكومة ورفضه لها جملة وتفصيلاً وانه لن يمنحها الثقة. هذا الحضور المفاجئ لنوابه أنقذ الجلسة وأثار غضب الشارع وقوى أخرى في المعارضة كانت تعتقد أنها وهؤلاء حلفاء، مراهنة على عدم اكتمال النصاب والإطاحة بالجلسة بأقلّ كلفة ممكنة.

هذا الموقف من الثلاثي في فريق ١٤ آذار ليس جديداً ولا مفاجئاً وقد حصل في جلسة إقرار الموازنة، ما يثبت أنّ الطبقة السياسية الحاكمة بكلّ تلاوينها ومكوّناتها وفصائلها كتلة سياسية ومصلحية واحدة تتحد عندما تشعر بالاستهداف والخطر وتتحوّل الى حزمة من العصي التي لا يمكن كسرها، وهي تدرك أنها اذا ما تفرّقت او اختلفت يسهل كسرها

والنيل منها ودائماً هي كالبنيان المرصوص لا يمكن لأحد خرقه ولديها من المخططات والتسويات الجاهزة سلفاً لتبادل الأدوار ودفع الأثمان بين أمرائها على القطعة على قاعدة عنوان الفيلم العربيشيلني وأشيلك”.

إنّ الخطأ القاتل الذي وقع فيه بعض المنتفضين أنهم وثقوا بهذه الطبقة أو بفريق منها وأتاحوا أمامها فرصة ركوب الموجة والنطق باسمها وباسم الشعب الذي هو منهم براء والرهان على هذه الطبقة أو جزء منها شكل مقتلاً لانتفاضة ولحقوق اللبنانيين ولبيئاتها الحاضنة التي لا زالت رغم معاناتها القاسية من هذه الطبقة تصفق لهذا الزعيم وذاك القائد وتنحني أمامه إجلالاً وكأنّ الله خلقه وحده وكسر القالب ويبدو أنّ القط يعشق جلاده.

انّ جلسة الثقة النيابية التي عقدت بالتكافل والتضامن بين الطبقة السياسية هي الحلقة الأخيرة من مسلسل الحكومة الدرامي الذي تواصل عرضه ما يقارب أربعة أشهر، وكانت نهايته أشبه بنهاية الأفلام والمسلسلات العربية الدرامية التي ينتصر فيها البطل ولا يموت بل يتحوّل إلى سوبرمان يطيح بكلّ من يقف ضدّه أو يحاول إعاقة حركته وتحقيق أهدافه.

وها هي القوى السياسية المؤيدة والداعمة للحكومة نجحت بإخراجها من عنق الزجاجة والاستعانة بالأخصام الأصدقاء من الفريق الآخر لختم الشمع الأحمر على استمرار السجال حولها وطي صفحتها والانتقال الى مادة إلهائية وإلغائية جديدة.

رغم كلّ ذالك فإنّ الحكومة اصبحت أمراً واقعاً لا يمكن إنكاره وعدم الإعتراف به، ويجب التعاطي معها على أنها حكومة لبنان من دون عناد أو مكابرة أو نفاق أو استغباء للناس لأنها حظيت برضى معظم الطبقة السياسية الحاكمة، وقد انكشف المستور في جلستي إقرار الموازنة والثقة ولا مجال للتلطي خلف الإصبع والعناوين والشعارات البالية والمستهلكة والتي لم تعد تصلح لتنطلي على اللبنانيين.

لكنرغم أنّ الاكثرية من الشعب اكتوت بنار الفساد والفاسدين، لا بدّ من منح هذه الحكومة فرصة إضافية لعلّ وعسى تكون على قدر الثقة الممنوحة لها بأقلّ من نصف عددنواب الأمة، والبدء بتنفيذ ما وعدت به في بيانها الوزاري ولو بالحدّ الأدنى لأننا ندرك تعقيدات وصعوبة الأوضاع والأزمات التي تراكمت نتيجة سياسات الحكومات السابقة.

انه الانتظار الصعب ولا خيار للبنانيين سواه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى