مقالات وآراء

من التحذير إلى الفعل…

} رنا جهاد العفيف

دلالات عملية حزب الله ومضامين البيان بيّنت بوضوح أنّ المُسيرّات التي عبرت فوق أجواء كاريش، هي أنّ الخطوات العملية بدأت بالفعل، إضافة إلى رصد التحركات وما خلفها من إصرار على الاعتداء على ثروات لبنان، الذي سيُقابَل بردّ حتمي وقطعي. أيّ رسائل تحذيرية بمختلف الاتجاهات المتعددة تريد المقاومة تأكيدها، وماذا عن التوقيت الذي انطلق من لغة البيان ليؤكد ما أشار إليه السيد حسن نصرالله، وأيّ معادلات ترسم مسيّرات حزب الله حول حقل كاريش في أبعادها؟

يقف حزب الله نداً بالندّ في وجه «إسرائيل» واعتداءاتها المتكررة، بقوله «لن يمروا»، فوجود المقاومة ومعادلاتها في لبنان والمنطقة يجسّد روحية الدفاع عن حقوق لبنان، وهذا كان واضحاً من خلال البيان المقتضب بشأن العملية التي أربكت «إسرائيل» على أكثر من مستوى، منها ضرب تل أبيب في حرب الوعي، إضافة للإرباك السياسي والإعلامي خشية من قدرات المقاومة وأهدافها الاستراتيجية، أبعد من تل أبيب كرسائل إقليمية في لحظة حرجة دولياً إزاء زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمنطقة، فكانت رسائل الحسم بأكثر من اتجاه، ضربت الداخل والخارج معاً، مفادها أن لا مساومة على حقوق لبنان في ظلّ مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، إذ للخطوط والمعادلات التي رسمتها المُسيّرات مهمة أنجزتها وفق تأكيد حزب الله، وهي خطوة ذات مسار دقيق وحساس بدأ بها حزب الله، ليتساءل الجميع إلى أين سيؤدّي، بعدما ملئت الرسائل المسيّرة الأجواء بأشكالها المتعدّدة وبدلالات أكبر وأعظم من عنوان الاستطلاع، من الناحية الاستخبارية بشكل محسوم له أبعاد في قوة الردع، لم تكن الأخيرة فحسب من نوعها، فالمقاومة أرسلت منذ فترة مسيّرتين إلى كاريش وعادتا سالمتين إلى لبنان، والمعنى الاستراتيجي من ذلك هو أنّ المقاومة تشدّد على قرار صوابية الجدية في الدفاع عن ثروات لبنان والقدرة على التحرك والعمل من دون مقدمات، وكانت الرسائل من حيث التوقيت تقول إنّ حزب الله يمتلك قدرات هائلة وقوّة جوية تمكنه من ردع «إسرائيل»، إذ لهذه المرة كانت بثلاث مُسيّرات غير مسلحة أنجزت مهمتها الاستطلاعية وواصلت رسائلها بنجاح، ناهيك عن أحجامها المختلفة وهذا بالدلائل بالصوت والصورة تعني أنها ليست من النوع نفسه، فماذا عن تلك القتالية وأنواعها وأعدادها ومداها وقدراتها من حيث التوقيت، وهذا كله يصبّ في دائرة دعم موقف لبنان التفاوضي، وتحذير «الإسرائيلي» والوسيط الأميركي وتنبيه الأجندات «الإسرائيلية» تحديداً، وهذا ما أكده البيان باستخدام عبارة المنطقة المتنازع عليها بالحديث عن حقل كاريش، إذ أنّ صياغة المواجهة علنية والتهديد واضح لـ «إسرائيل»، وهذا كان الأهمّ لدى المقاومة بهدف إسقاط العدو «الإسرائيلي»، فدخل الخبراء العسكريون والقادة في دوامة التساؤلات والإرباك عما إذا كان حزب الله يقوم بعملية مسح جوي أو تفقد أنواع المنظومة الجوية إزاء تأخر البيان، وبالتالي جاء الردّ المناسب من المقاومة وبالمعنى الاستخباري الذي يقول «لا يمكن للعدو الاسرائيلي الاستمرار في الغطرسة والهيمنة والاستفزاز»…

وفي الحديث عن تأخر البيان انقسمت الآراء في الجناح العسكري «الإسرائيلي» ما تسبّب بقلق كبير، خاصة أنّ حزب الله أراد العملية ان تكون بمُسيّرات غير مسلحة، ولو فرضنا أنها سرية مثلما تحدّث بعض المعلقين «الإسرائيليين»، إلا أنّ بعضهم أنتابهم الشكوك في ظلّ تسويق الصناعات «الإسرائيلية» غموض يدور حول فلك الاستنتاجات العسكرية والاستراتيجية، هذا أدّى إلى إطلاق إنذار من منظومة دفاع خاصة أرادت إسقاطها كما تمّ الترويج لها عبر وسائل الإعلام «الإسرائيلية».

وانطلاقاً من المبدأ العسكري والأمني والاستخباري للمقاومة استدعت الظروف بقدرات الردّ، وتفعليها من التحذير إلى الفعل في سبيل الدفاع عن لبنان وحقوقه وثرواته وعلى «إسرائيل» أن تأخذ ذلك بعين الاعتبار للرسائل واقتضى التنويه بجدية القرار وعلى الجميع أن يدعم موقف المقاومة تجاه الهيمنة الأميركية ومن خلفها «إسرائيل» بالموقف، وهذا أقلّ ما يمكن…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى