الوطن

العميل عامر الفاخوري.. ألم يحن أوانُ فهم أميركا!

أيها الناس... لنفهم نحن أميركا جيداً ولنفهم حروبها وتنوّع أجيالها وآلياتها النظيفة - القذرة وساعتئذٍ تكون خطوطنا الدفاعية مُحصّنة وعصيةٌ على الاختراق

 حسن شقير

لا يشك أحدّ بأنّ أميركا قبل وبعد تربّعها على عرش الأحادية القطبية في العالم، كانت وما زالت تعتبر العالم أجمع، حقلاً لتجاربها واستراتيجياتها المتنوعة، وذلك ازدادت شراسته أكثر مع تفكك الإتحاد السوفياتي ونهاية ما أطلق عليه صراع الحلفين «وارسو» و «ناتو» في أوائل تسعينيات القرن الماضي.

لم تكن أنواع الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة على منطقتنا، على دولنا، وعلى شعوبنا وأمتنا وهويتنا أيضاً، إلا خدمة لتلك الاستراتيجيات أعلاها، والتي تصبّ في خدمة «الهدف الأسمى» والذي يرفع شعاره ترامب في يومنا هذا، بما يسمّيه بـ «أميركا القوية أولاً»!

حقل التجارب في تنوّع أجيال الحروب، لم يكن عبثياً أو استنسابياً، إنما كان التنقل بينهاأيّ تلك الأجيالكان مبنياً على أسسٍ داخلية تتعلق تارة بمقدار القوة ومشروعية استخدامها تارة، إضافةً إلى خارجية متعلقاً بقدر صلابة خطوط الصدّ العالمية ومقدار مقاومتها ومناعتها مقابل الهجمة الأميركية ونوعها..

ولكي لا نبقى في الإطار النظري، فإنّ الحرب الأميركية على أفغانستان في العام ٢٠٠١ وخلع طالبان من السلطة ثأراً أميركياً مدعى لهجمات الحادي عشر من أيلول في ذاك العاموكذا الهجوم على العراق في العام ٢٠٠٣ وخلع نظام صدام حسين في حينه، بذريعة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل! فهاتان الحربان الأميركيتان، شكلتا مثالاً صارخاً لما يسمّيه خبراء العلم العسكري بـ «حروب الجيل الثالث»، والتي تعتمد على الألة العسكرية المباشرة للمهاجِم

ولكن، ووفقاً لمبدأ أميركا في اختبار التجارب، وبعد فشلها في حصد نتائج حروب الجيل الثالث في تلك الساحتين، وجدنا أنها تحوّلت مباشرة إلى الجيل الرابع منها، فكانت» حروب الوكلاء « مثالاً صارخاً عليها، في العراق (الصحوات) واستنساخ نماذج جديدة وموجهة من الوكلاء الإرهابيين، فساهمت في انتاج داعش من رحم القاعدة، والتي حاربت واستنزفت بها أعداءها في المنطقة، وكان عدوان تموز ٢٠٠٦ على لبنان، مثالاً أخر عن ذاك النموذج الرابع من أجيال الحروب، ولتصل مؤخراً إلى ابرام تفاهماً مع «خصمها اللدود « طالبان! وكله يندرج ضمن ذاك النموذج الرابع الذي نتحدث عنه

في العراق ولبنان، هل نجحت أميركا في حروب الوكلاء تلك؟ الجواب بالتأكيد هو لا، ولكن ووفقاً لمبدأ «عدم التسليم» بالفشل، شهدنا كيف تحوّلت إلى نموذجين جديدين من الحروب، الأولى ضمن تتابع حروب الأجيال تلك، فكان لبنان لما بعد العام ٢٠٠٦، والعراق لما بعد العام ٢٠١٧ مسرحاً لها، فكانت حروب الجيل الخامس، والتي تعتمد على «احتلال العقول» وخصوصاً لدى الأجيال الشابة لتحقيق أهداف تعتقدها هذه الأخيرة أنها تخصها هي، ولكنها في الواقعومع الأسفتخدم المشروع والأهداف الأميركية بامتياز! أليس هذا ما حدث ويحدث لغاية يومنا هذا بعد موجات ما سمّي بالربيع العربي!

أما النموذج الثاني والمصاحب لحروب الجيل الخامس تلك، فهي الحروبُ «الحرب الناعمة» والآليات «النظيفة» عبر مثلث الإستنزاف والعقوبات والتعرية.. أفليست سورية مسرحاً للأولى، وإيران للثانية، ولبنان للثالثة! وهل قصة وقضية العميل الفاخوري لا تصبّ إلا في خدمة آلية «التعرية» الأميركية تلك؟ أليس وزير الدفاع الأميركي في بداية عهد أوباما روبرت غيتس صاحب نظرية «تعرية الأعداء»؟ وقد سمّى حينها بالإسم: حماس والقاعدة وحزب الله!

لا يوجد لدينا أدنى شك بأنّ قضيته من ألفها إلى يائها لا تبتعد عن كونها خنجراً من خناجر التعرية، والتي تعمد أميركا لغرزها في جسد المقاومة، والتي كانت عصية على كلّ أجيال الحروب تلك.

بكلمات معدودة ومختصرة، فإنّ إيفاد أميركا لهذا العميل إلى لبنان ومنذ الرابع عشر من أيلول الماضيوما صاحبها من جدلٍ سياسي وقضائي وغيرهوصولاً إلى الأمس المشؤوم في إطلاق سراحه وتهريبه المخزي إلى أميركالم يكن إلاّ توظيفاً لآلية التعرية تلك، والتي تهدف إلى سعي أميركي خبيث لإدخال المقاومة في جنباتها، وذلك بالعمل على هزِّ الثقة بينها وبين شعبها وبيئتها، هذا فضلاً عن هزِّها بينها وبين حلفائها وحاضنتها الوطنية العابرة للطوائف!

 أيها الناس، لنفهم نحن أميركا جيداً، ولنفهم حروبها وتنوّع أجيالها وآلياتها النظيفةالقذرة، ومتى وأين تطلقها

فساعتئذٍ وساعتئذٍ فقط تكون خطوطنا الدفاعية مُحصّنة وعصيةٌ على الإختراق في آنٍ معاً!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى