أخيرة

تغيّرات على طقوس زفاف السوريّين: إلغاء أو تأجيل أو احتفال مع الأهل.. كورونا عريس الساحات بزيجات لا تُحصى وسفر مجانيّ

} بشرى برهوم

في فسحة صغيرة أمام المنزل احتفل محمد إبراهيم وريم بزفافهما، حيث حوّل فيروس كورونا حلمهما بزفاف كبير إلى سهرة بسيطة ضمّت بعض الأقارب ولكنها كانت مليئة بالبهجة والسرور والكمامات حسب تعبيرهما.

ورغم ما فرضه وجوده من إجراءات إلا أن فيروس كورونا لم يستطع إلغاء لحظات الفرح التي اعتادت العائلات السورية عيشها في طقوس زفاف أبنائها، ولكنه حولها لأجواء مختلفة دفعت ريم ومحمد إلى تغيير مخططهما بإقامة حفل زفاف بقاعة مناسبات فخمة ودعوة كل المعارف والأصدقاء إلى تزيين حديقة منزل محمد والاجتماع مع الأهل فقط «أصبح عرسنا مميزاً لم نتوقع أبداً أن يكون في حديقة المنزل ومعظم الحضور يرتدون الكمامات.. لسنا حزينين على العكس فسلامتنا وسلامة الآخرين أهم بكثير من الاحتفال الذي خططنا له ووجود الكمامات وتلقي التهنئات والزغاريد خلال السهرة من الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أضفى نوعاً من الفرح الذي سنخبره لأطفالنا في المستقبل».

«رب ضارة نافعة»

هذا المثل انطبق في هذه الأيام على بعض الشبان الذين يتمنون الاحتفال بأعراسهم بطريقة مختلفة عن كل العادات والتقاليد التي تتحكم بحياة عوائلهم كالشاب أسامة مكارم الذي سيعقد قرانه الأسبوع المقبل ويقول مبتهجاً: «بسبب كورونا تحقق ما كنا نرغب به.. فلن نقيم زفافاً كما يريد الأهل وإنما قررنا الزواج من دون احتفال والسفر لتمضية أيام بدل شهر العسل بعد فك إجراءات حظر التنقل والسفر وسنقيم حفلة شبابية للأصدقاء في منزلنا بعد انتهاء منع التجوال».

«كورونا خفّف التكاليف والنفقات اللي بتهدّ الحيل» بضحكة عفوية قابلنا العريس سومر سلمان، معتبراً أن الإجراءات المتخذة بسبب فيروس كورونا وفّرت عليه الكثير من المصاريف: «اتفقنا أن نوفر مصاريف الزفاف لكوننا لن نستطيع دعوة كل المعارف ونستكمل بها شراء احتياجات المنزل». وأضافت عروسه لينا: «اكتفينا بلبس الخواتم مع الأهل وتكاليف طباعة الكروت قمنا باستبدالها بجلسة تصوير لنا فقط ونحن نرتدي فستان وبدلة العرس وما تبقى من نفقات سنشتري بها ما ينقصنا».

وكغيرهما لم يرغب محمد علي وزينب عبد الله بتأجيل زفافهما بل احتفلا بليلة العمر حسب وصفهما بأبسط المظاهر ضمن سهرة صغيرة في المنزل، حيث غابت الطرحة والفستان الأبيض لأنهما لم يتمكنا من شرائهما أثناء إغلاق المحال التجارية بداية الشهر الماضي ولا جاهة أو أقارب لممارسة كل الطقوس المعتادة في قريتهما عند خروج العروس من منزلها، ولكنهما رغم ذلك سعيدان، لأنهما لم يلغيا الفرح من حياتهما بسبب كورونا.

التأجيل وجد طريقه لبعض العرسان الذين حجزوا مواعيد لزفافهم في الفترة الماضية فبعد قرارات الفريق الحكومي المعني بإجراءات التصدي لفيروس تم إلغاء حجوزات الأعراس في صالات المناسبات لمنع التجمعات الكبيرة ومنها موعد زفاف العروس أنوار التي اعتبرت أن ما حدث يصب في نهاية الأمر بمصلحتها هي وخطيبها ومصلحة الآخرين حيث قاما بتأجيل حفل زفافهما بعد أن كان مقرراً خلال شهر نيسان الحالي، معتبرة ذلك الأفضل لضمان السلامة الصحية ولعدم التخلي عن حلمها في إقامة حفل مميز ..»لا يوجد مانع من تأجيله حتى تصبح الظروف مناسبة».

بعض العرسان استفادوا من الإجراءات المتخذة للتصدّي لفيروس كورونا واستخدموا أدوات الوقاية ليضفوا جواً من المرح لذكرى زواجهم فالشابة نور مرعي ارتدت الكمامة والقفازات الطبية بعد ارتدائها فستان الزفاف وقامت بجلسة تصوير هي وعريسها وهما يرتديان هذه الأدوات بالإضافة لبخاخات التعقيم الصغيرة التي كانت بحوزتهما طوال الوقت وأضافا: «جلسة التصوير حملت الكثير من المرح وهذه الذكرى لن تتكرّر وسنسردها للأبناء والأحفاد».

فيما لا تخفي السيدة كناز المنجد حزنها من اضطرارهم لعدم إقامة حفل زفاف لابنتها الوحيدة وعريسها كونهما لم يستطيعا التأجيل بعد سنتين من الخطبة ولا يعرفون إلى متى ستستمر الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا لذلك قررا عدم التأجيل وإقامة حفل منزلي بسيط وقالت: »الأقدار والظروف شاءت أن يكون الأمر كذلك رغم حزننا من ألا نفرح بابنتنا الوحيدة بشكل كبير.. المهم أن يكونا سعيدين».

عدد من أصحاب صالات الأفراح في دمشق أجمعوا على أن تأجيل جميع الأعراس إثر صدور الإجراءات الحكومية الاحترازية لمنع تفشي الفيروس هو الأفضل رغم توقف عملهم، لأن هذا الأمر متعلق بالصحة العامة وقد تتحول أجواء الفرح إلى أجواء حزن في ما بعد إثر هذه التجمعات.

ويقول إسماعيل صاحب صالة في تصريح لمندوبة سانا: «تراجع الحجوزات للفترات المقبلة وإلغاء بعضها مرتبط بالتطورات التي قد تحدث.. أجلنا جميع الحفلات حتى إشعار آخر».

إلغاء الحجوزات أو تأجيلها تم بالتفاهم بين إدارة الصالة وعائلات المحتفلين حسب إسماعيل، بحيث تم تقديم جميع التسهيلات في التأجيل دون دفع أموال إضافية «واجبنا التعاون مع بعضنا لأن الوضع ترك آثاره الصعبة على الجميع والكل يجب أن يتحمل المسؤولية لمساندة بعضنا».

ويبقى كورونا حسب مزحات وضحكات السوريين عريس الساحة الوحيد الذي لم يترك بلداً إلا وزاره لإقامة شهر عسل أو أكثر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى