الوطن

مندوبةُ لبنان أم سفيرةٌ للكيان؟

} شوقي عواضة

لم تكن تهديدات قائد منطقة الشّمال في جيش الإحتلال الاسرائيلي اللواء أمير برعام للبنان واتهام حزب الله وحكومة الرئيس حسان دياب بخرق القرار 1701 منذ شهرين سوى جزء من السيناريو الأميركي الإسرائيلي السعودي الذي لا زالت تشكّل له القضيةُ الفلسطينية والمقاومة العثرة الأكبر في مواجهة مشروع صفقة القرن الذي ولد ميتاً وما زالوا يسعفونه بايديولوجيات معهد واشنطن ومراكز الدّراسات العسكريّة والأمنية والسّياسية والاستراتيجيّة في كلّ من تل أبيب وواشنطن على مدى سنواتٍ طويلةٍ رسمت خلالها سياسات وحيكت مؤامراتٌ بدءاً من المحكمة الدّولية في قضية مقتل رفيق الحريري ومروراً بالقرار 1701 الصادر عام 2006 في الأمم المتحدة، إضافةً إلى مؤتمر فكّ شيفرة حزب الله، ووصولاً إلى الحصار المالي ثمّ الاقتصادي الذي يعاني منه الشّعب اللّبناني بأكمله في محاولةٍ لتحريضه على المقاومة ومحاولة إسقاطها من الدّاخل، بالرّغم من إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله  قبل أشهرٍ بإنّ أيّ حصار لن يؤثّر على المقاومة ولا على جهوزيتها ولا على أدائها أو مؤسساتها ولا حتى على رواتب مقاتليها.

كلام يدرك ثالوث الشّر جدّيته وصدقه بصمت دون يأسهم من المحاولة مجدّداً بأساليبَ شيطانيّةٍ مبتكرة منها إطلاق حملة سعودية على وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان (فلسطين ليست قضيتي بالتّزامن مع بدء عرض مسلسلات عربية على شاشات القنوات السعودية التي تدعو إلى التطبيع بل إلى التبرّؤ من فلسطين وشعبها في نفس الوقت ليس من باب المصادفة أن تتزامن الحملةُ الإعلاميّة الأميركيّة الصّهيونية السّعودية وبعض كتبتها المرتزقين وعبيدها السياسيين في لبنان والخارج على حزب الله وتوجيه الاتهامات له بأنّه يسيطر على السوق الماليّة في لبنان وبأنّه يستهدف مصرف لبنان.

تلك الحملة التي أطلقت بتوجيهات الإدارة الأميركيّة وإشراف (إسرائيلي) ودعمٍ ماليٍّ سعودي تزامنتِ مع زياراتٍ مكوكيّةٍ للسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا التي جالت على حلفائها حاملةً السيناريو الجديد لمواجهة حزب الله، والذي يمكن أن ينقذ ترامب من السقوط في الانتخابات الرئاسيّة لدورةٍ ثانية حتى لو كلّفه ذلك مواجهةٌ مباشرةٌ في المنطقة مع إيران وسورية وحزب الله.

أمّا في المشهد الأممي فقد شاركت سفيرة لبنان في الأمم المتحدة أمل مدللي في مشاوراتٍ أميركيةٍ سعوديةٍ ألمانية لبلورة قرارٍ يدرج حزب الله على قائمة الإرهاب في الأمم المتحدة إضافةً إلى تبني مدللي الواضح للموقف الأميركي في شأن العمل على تغيير قواعدِ عمل قوات اليونيفيل في لبنان وتغيير وإعادة النظر بتفويضها لتوسيع مهامها في الجنوب، وهذا يعني تحويل القوّات الدوليّة إلى قوّاتٍ رديفةٍ لجيش العدوّ «الاسرائيلي» تقوم بتنفيذ المهمات والعمليّات بالنيابة عنه، وبالتّالي فإنّ السّياساتِ التي تتبناها مدللي هي أكبر وأخطر من القرار الذي اتخذه فؤاد السنيورة في أيار من العام 2008 بخصوص إلغاء شبكة اتصالات المقاومة قراراتٌ ومشاوراتٌ تمضي بها السّفيرة مدللي دون مراجعة وزارة الخارجية ودون السّماح لأي موظّفٍ بالتّدخل في أيّ ملفّ ولم تكتفِ السّفيرة الطّموحة بذلك بل طلبت من الدّول الأعضاء دعم مطلب واشنطن خلال عمليّة التّصويت على التّجديد لقوّات اليونيفيل نهاية الشّهر الحالي.

تحركاتُ المستشارة الإعلاميّة السابقة لسعد الحريري السّفيرة أمل مدللي التي تظهر بكلّ وضوحٍ أنّها تنفذ سياسات مخطط لها خارج الديبلوماسيّة اللبنانيّة وتخدم دولاً تعمل منذ سنوات على إضعاف لبنان من خلال مواجهة مقاومته وعزلها وكشف لبنان أمام العدوّ الاسرائيليّ وبالتالي تقديم إنجازاتٍ للعدوّ عجز عن تحقيقها طوال سنوات المواجهة مع المقاومة. وأمام السيناريو الهوليودي الجديد في لبنان وتحرّكات السفيرة أمل مدللي فإنّ وزارة الخارجية اللبنانية مطالَبة باستدعائها والتّحقيق معها حول نشاطها وتكتمها وإخفائها تفاصيل المحادثات التي تمّت بدون تبليغٍ الخارجية اللّبنانية ممّا يطرح تساؤلاتٍ كثيرةً عن نشاطات السّفيرة المغيّبة تقاريرها عن وزارة الخارجيّة في لبنانَ حتى غدت تتصرف بناء لتعليمات الباب العالي في الرياض او البيت الأبيض ومن خلفهما.

إزاء ذلك فإنّ ما قامت به السفيرة مدللي هو خرق للدّيبلوماسية اللبنانية يضعها أمام العديد من الاتهامات التي أقلّ ما فيها عدم التزامها بسياسة لبنان الخارجية لا سيما في قضايا وطنيّةٍ وأمنيةٍ وعسكريةٍ وسياديةٍ حساسة تطال الأمن القومي، بل عملت على تنفيذ سياسات ومصالح واشنطن والرياض وتل أبيب. وحتى يثبت العكس بالدليل القاطع أمام وزارة الخارجية. وحتى لا تكرّس خيانة الوطن بالتآمر على مقاومته التي يبرّرها البعض بكلّ وقاحةٍ باتهامها بالإرهاب وفقاً لما يُملى عليهم وحفظاً لدماء شهداء المقاومة وجرحاها وتضحيات أسراها نوجّه الدعوة لدولة الرئيس المقاوم نبيه بري وإلى الأغلبية النّيابية لتشريع قانونٍ جنائي يقضي بمحاكمة كلّ من يتآمر على المقاومة بتهمة الخيانة للوطن الذي سيّجته تضحيات الجيش والشّعب والمقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى