الوطن

«القومي»: عملية إسقاط شعار «سلامة الجليل» في 21 تموز 1982 اكتسبت بُعداً استراتيجياً وأطلقت المقاومة إيذاناً ببدء زمن الانتصارات

خروج لبنان من أوضاعه المأزومة يتطلب إجراءات عملية تنقله إلى اقتصاد الإنتاج وتعزّز علاقاته مع المحيط القومي والعالم العربي والدول الصديقة والحليفة

 

حقيقة انتماء لبنان وهويته جَلِيّان في نص الدستور اللبناني وروحيته… والبحث عن هويات مائعة أو مجهّلة هو انقلاب على الدستور الذي يشكل ضمانة وحدة لبنان وسلمه الأهلي

 

 

بمناسبة الذكرى الـ 38 لانطلاقة المقاومة أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً أكد فيه أنه «في 21 تموز 1982 نفذ أبطال الحزب السوري القومي الاجتماعي عملية نوعية ضدّ العدو الصهيوني، تمثلت بإطلاق صواريخ «الكاتيوشا» من سوق الخان في حاصبيا على مستعمرات العدو في «الجليل» لتشّكل تلك العملية الانطلاقة الفعلية لمقاومة الاحتلال، وقد اكتسبت بعداً نوعياً واستراتيجياً لأنها أسقطت شعار «سلامة الجليل» الذي أطلقه العدو على اجتياحه للبنان.

في هذه الذكرى، ذكرى انطلاقة المقاومة، يؤكد الحزب السوري القومي الاجتماعي على ما يلي:

أولاً: إنّ مقاومة الاحتلال والعدوان حق مشروع لكلّ شعب تُحتل أرضه وتُغتصب حقوقه. وما يميّز المقاومة ويجعل منها خياراً راسخاً ثابتاً متجذراً، نبْلُ أهدافها وما تبذله من دماء وتضحيات وهي تدافع عن الأرض والسيادة والكرامة. والمقاومة بالنسبة لنا، خيار راسخ، وانحياز بالمطلق إلى جانب الحق والكرامة الوطنية، حيث لا كرامة لأيّ شعب يقبل بضيم الاحتلال والعدوان، وبانتهاك سيادته الوطنية والقومية.

ثانياً: إنّ استهداف المقاومة من قبَل العدو وحلفائه وعملائه لم يتوقف يوماً، وهي في عين الاستهداف والتآمر منذ انطلاقتها في 21 تموز 1982 إلى اليوم، خصوصاً بعد أن أجبرت العدو على الاندحار عن معظم الأرض اللبنانية في العام 2000.

إنّ أخطر ما واجه المقاومة، تَمثلَ بالحرب العدوانية التي شنّها العدو الصهيوني على لبنان في تموز 2006 بدعم ومؤازرة أميركيةغربية، للقضاء على المقاومة وإسقاط مفاعيل التحرير، غير أنّ المقاومة نجحت بصمودها وبإرادة القتال أن تُلحق الهزيمة بالعدو، وأن تكرّس معادلة ردع في وجهه، وأن تثبت للعالم بأسره أنّ لبنان لا يكون قوياً إلاّ بعناصر قوته، وأنّ الارتهان للمشيئة الأميركيةالغربية ليس قدراً لا يُردّ.

ثالثاً: إنّ «الحياد» بالصيغة التي يطرحها البعض، أياً كانت مواقعه، يشكل تعمية متعمّدة على حقيقة انتماء لبنان وهويته، وهما جَلِيّان في نص الدستور اللبناني وروحيته. إنّ البحث عن هويات مائعة أو مجهّلة غير الهوية التي يؤكد عليها الدستور، هو انقلاب على الدستور الذي يشكل ضمانة وحدة لبنان وسلمه الأهلي.

إنّ المرجعيات والقيادات والأحزاب على اختلافها مطالبة بأن تكون تحت سقف الدستور، وأن تلتزم بنصوصه، وليس هناك من اعتبارات لأيّ جهة تنحو باتجاه فرض أجندتها على عموم اللبنانيين، خصوصاً عندما تكون هذه الأجندة ضارة بمصالح لبنان ومهدِّدة لوحدة شعبه.

«الحياد» شعار ضبابي نستغرب طرحه في زمن تنازع الأمم البقاء، فكيف للبنان أن يكون حيادياً في صراع محموم مع عدو عنصري إرهابي ما زال يحتلّ أرضاً لبنانية، كما أنّ أطماعه في ثرواتنا ليست خافية على أحد. في وقت أنّ هذا العدو ليس «حيادياً» في سعيه للتوسع  وإقامة كيانه المزعوم من «الفرات الى النيل».

إنّ من حق المقاومين الذين واجهوا الاحتلال وعملاءه وقدّموا الشهداء الغوالي دفاعاً عن الأرض والكرامة، بأن لا يكونوا حياديين عندما يتعلق الأمر بهوية لبنان وانتمائه، وحين يتعلق الأمر بالمقاومة، لأنّ المقاومة هي أنشودة الوطنيين الحقيقيين، المدافعين عن أرضهم وسيادة بلدهم.

رابعاً: إنّ ما يشهده لبنان من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، هو نتيجة السياسات الاقتصادية التي استندت إلى مبدأ المساعدات والهبات الدولية، ما أغرق لبنان في أتون المديونية والتصدّع الاقتصادي الذي يقارب الانهيار، ولذلك فإنّ خروج لبنان من أوضاعه المأزومة، يتطلب إجراءات عملية تنقله إلى اقتصاد الإنتاج وتعزّز علاقاته التجارية والاقتصادية مع محيطه القومي وعالمه العربي والدول الصديقة والحليفة، لا أن يتمّ وضعه أمام أحد خيارين، إما التخلي عن عناصر قوّته والقبول بوصفات وإملاءات المؤسسات الدولية التي تهيمن عليها أميركا، وإما أن يواجه الفقر والجوع والانهيار.

إنّ ما يتعرّض له لبنان من ضغوط اقتصادية ظالمة وغطرسة متمادية بحقّ لبنان واللبنانيين، وما يشهده من طروحات عبثية في كلّ مرحلة، منذ مقولة «قوة لبنان في ضعفه» إلى مقولة «النأي بالنفس» وصولاً إلى مقولة «الحياد» هي طروحات مثيرة لعلامات الاستفهام، باعتبارها ترافق المراحل التي يتعرّض فيها لبنان لضغوط خارجية يستفيد منها العدو الصهيوني. وإنّ كلّ هذا يدعونا إلى التأكيد على ضرورة أن تتحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها، وتبادر فوراً إلى تفعيل التنسيق والتعاون حول القضايا المشتركة كافة، والعبور عبر البوابة الدمشقية إلى المحيط القومي والعالم العربي والإقليم، وأن يكون خيار التوجه شرقاً خياراً استراتيجياً تقتضيه المصلحة الوطنية العليا.

خامساً: في رحاب شهر تموز، شهر الفداء، نؤكد أنّ ثمار المقاومة هي إكسير حياة لبنان وكرامته وسرّ بقائه، وليس جائزاً أن تُرشق الثمار بحجارة الذين لا يفوّتون فرصة دون أن يحاولوا تحميل المقاومة التي حرّرت الأرض مسؤولية الوضع الاقتصادي المتردّي.. وليس خافياً استغلال البعض للتحركات المطلبية وتحميلها شعار نزع سلاح المقاومة في أكثر من مناسبة.

سادساً: يتزامن تاريخ 21 تموز ذكرى انطلاق المقاومة ضدّ العدو الصهيوني، مع ذكرى اغتيال مجموعة من القوميين الاجتماعيين على أيدي النظام الطائفي اللبناني في 21 تموز 1949، بعد ثلاثة عشر يوماً على اغتيال أنطون سعاده. لذا، نؤكد أنّ انطلاقة المقاومة كانت بوهج الدماء التموزية التي سُفكت بمؤامرة  دولية – صهيونية – عربية، وعلى أيدي حفنة من الذين منحهم الأجنبي والصهيونية العالمية لقب «أبطال استقلال»، في حين تؤكد الوثائق التاريخية أنهم كانوا عملاء مأجورين ضدّ مصلحة لبنان واللبنانيين. وإنّ ما هو مؤسف ويدعو إلى الاشمئزاز أنّ بعض اللبنانيين، نواباً ومسؤولين، يَستذكرون الخونة الذين نفذوا جريمة اغتيال سعاده الذي أطلق نهضة صراعية ضدّ أمراض الداخل ودسائس الخارج وأسّس حزباً طليعياً مقاوِماً يشهد لريادته الحلفاء والأخصام على حدّ سواء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى