آخر الأخبار

إضاءة على آلية انتخابات المجلس الأعلى… وتداول السلطة في الحزب السوري القومي الاجتماعي

المجلس القومي ينعقد في 13 أيلول 2020 لانتخاب مجلس أعلى جديد وهيئة منح رتبة الأمانة... والمؤتمر العام في أيار 2021

 

 

إعتدال صادق شومان

في 13 أيلول 2020، يعقد «المجلس القومي» في الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعاً في ضهور الشوير لانتخاب مجلس أعلى جديد، وهيئة منح رتبة الأمانة.

ويأتي اجتماع «المجلس القومي» ضمن الموعد الدستوري، حيث أنّ تأجيله لمرتين ولفترة لم تتجاوز الأربعة أشهر، فرضتها ظروف قاهرة، تمثلت بجائحة «كورونا» التي رمت بثقلها على الوطن والعالم، وألزمت الناس باتباع إجراءات الوقاية والحجر الصحي الاحتياطي.

يُعقد هذا «الاستحقاق» في ضهور الشوير وبمقدار 83 عاماً مترامية على إبرام دستور الحزب و66 عاماً على أول مجلس أعلى للحزب بعد استشهاد سعاده. ولمكان انعقاد اجتماع المجلس القومي رمزية خاصة، فهو يُعقد قرب «دار سعاده الثقافية الاجتماعية» التي تمّ وضع حجر الأساس لها في العام 2009، والتي بُنيت مدماكاً فوق مدماك وصارت صرحاً ثقافياً عالياً.

وبمناسبة انعقاد المجلس القومي الذي يضمّ الأمناء والرفقاء المنتخبين من القاعدة، لانتخاب المجلس الأعلى وهيئة منح رتبة الأمانة، نقدّم هذه الإضاءة استناداً إلى إرث سعاده المدوّن في «الآثار الكاملة»، وإلى تسجيلات الحزب ووثائقه الرسمية، وإلى مذكرات ومرويات قادة قوميين، ونهدف من خلال الإضاءة هذه، إلى الإحاطة بمحطات ومراحل انبثاق السلطة في الحزب، والتي جرت في ظلّ تحديات كبيرة واجهها الحزب على مرّ تاريخه. لكن رغم الظروف الاستثنائية، بدا جلياً إصرارُ الحزب على تطبيق واحترام الأحكام والقواعد الدستورية التي وضعها سعاده. وبدا إصرار القوميين حاسماً لمواجهة التحديات فتلازمتْ مصطلحاتُهم ومفرداتُهم الحزبية بمسمّيات الحقب التي مرّت بعنفوانها ومحطات عِزها، بظفرها وخيباتها، بالوجع المكنون خلف جدران السجون، بدم شهداء العزم، بمناقبيتهم العالية، دأبُهم نظام الفكر والنهج، للخروج من التفسّخ والتضارب الى الوضوح والجلاء والثقة واليقين، في سبيل تحقيق المطلب الأعلى المعلن في مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي غايته.

الإضاءة هذه، تستعرض تجربة الحزب الانتخابية منذ إبرام الدستور 21/11/1934 وتصنيفه 20/1/1937 ووضعه قيد التنفيذ في سابقة تفرّد بها الحزب السوري القومي الاجتماعي في أنه تأسّس بموجب دستور على غرار دساتير الدول إيذاناً بقيام «دولتنا القومية».

والإضاءة تسلك منهاج السرد التوثيقي التدرّجي للعملية الديمقراطية في الحزب التي أقرّها الدستور، وكيفية التعامل مع الفراغ الدستوري الذي حصل بعد استشهاد صاحب الدعوة، حيث كان المجلس الأعلى منحلاً بقرار اتخذه سعاده فور عودته من مغتربه القسري 1947 لأسبابٍ وجيهة يعرفها المتابعون.

سعاده يحلّ الحزب لغياب الدستور

نعود إلى بدايات المرحلة التأسيسية، أيّ عند طرح الفكرة مبكراً على عدد من الشباب حيث لبّى دعوة سعاده الى تأسيس حزب بتاريخ 30/11/1932 كلّ من: جورج عبد المسيح، جميل عبدو صوايا، زهاء الدين حمود، وديع تلحوق، وفؤاد حداد، قبل أن يتبيّن لـ»سعاده» زيْفُ اثنين منهم.

ولأنه لم يكن قد وضع دستوراً للحزب وبالتالي لا يملك مسوّغاً قانونياً يجعله يتخذ إجراءات قانونية بحقهم كالفصل أو الطرد مثلاً، فقد رأى سعاده أن يكون التظاهر بـ»حلّ» الحزب في تكوينه الأول أمراً لا بدّ منه، فدعا الأعضاء الخمسة إلى اجتماع وأبدى لهم رغبته في تأجيل العمل الحزبي

«بعد تكوين هذه النواة بأيام أو أسابيع قليلة اضطررتُ للتظاهر بحلها لإقصاء عضويتَيْ فاسديْن دخلا في صلبها ولإعادة تكوينها».

التكوين الذي نشأ بـ «الاعتناق التتابعي للعقيدة من قبل الأفراد وليس باجتماع معيّن في يوم معيّن وصار عدد الثلاثة، 15 فـ ثلاثين عضواً في حزيران 1934 وارتفع عددهم الى الستين في نهاية العام وكان يحمل الرفيق لقب مؤسس وتشكل منهم مجلس سمّي «مجلس المؤسسين»، والقَسَم الذي كان يؤدّيه الرفقاء الأوائل لم يكن في نصه أية إشارة إلى القوانين أو الأنظمة ولا إلى صفة القيادة وصلاحياتها، وكان الأعضاء الأوائل يتوجّهون إلى سعاده تارة بـ «الأستاذ» وطوراً بـ «الرئيس» وأحياناً بـ «الزعيم» إلى أن تمّ الاتفاق على اصطلاح تسمية «القائد العام». وبدأ «القائد العام» التشريع الأساسي للحزب بمواد دستورية «متلاحقة» بلغ عددها أربعين أو خمسين مادة انتهت في العام 21/11/1934. وبموجبها دعا «القائد العام» «مجلس المؤسسين» إلى اجتماع يُعقد للتداول بمسودة «التشريع الأساسي» التي وضعها.

الاعتقال الأول – 16 تشرين الثاني 1935 – 12 أيارمايو 1936 – ستة أشهر أول هيئة مركزية رسمية: صلاح لبكي نائباً للزعيم

بعد ثلاث سنوات من العمل السري، وفي الأول من حزيران 1935، دعا سعاده الى اجتماع عام أعلن فيه قيام الدولة السورية القومية ممثلة بالحزب الذي أنشأه، فسارعت الدولة المتربصة به وبحزبه الناشئ للتو الى اعتقاله ومعاونيه: نعمة ثابت، عبدالله قبرصي، زكي نقاش، وأسعد الأيوبي. في تشرين الثاني 1935- 12 أيار/ مايو 1936.

 أحدث اعتقال سعاده ومعاونيه فراغاً في القيادة المركزية للحزب. ويوضح سعاده في رسالة الى غسان تويني حول ظروف الحزب خلال فترة اعتقاله فيقول: «كنت في السجن ولم يكن في أيدي القوميين الاجتماعيين غير المبادئ، والدستور وخطاب الزعيم في أول حزيران 1935».

وبناء عليه شكل لجنة تنفيذية برئاسة صلاح لبكي الذي كان قد تمّ الإفراج عنه في ذلك النهار بالذات وعضوية كلّ من الرفقاء زكريا لبابيدي، رفعت زنتوت، وعادل عيتاني، إلا أنّ سعاده مع انتهاء التحقيق أصدر مرسوماً بتعيين صلاح لبكي نائباً للزعيم وألغى كلّ تدبير سابق، بعد أن مارست الإدارة الموقتة الأولى مدة عشرة أيام تقريباً والإدارة الثانية ما يقرب من الشهر.

الاعتقال الثاني 30 حزيران سنة 1936 – 12 تشرين الثاني/ نوفمبر 1936 – خمسة أشهر أنيس فاخوري نائباً للزعيم

في فترة الاعتقال الثاني الذي تعرّض له سعاده 30 حزيران 1937، تولى الأمين أنيس فاخوري مسؤولية نائب الزعيم، بواسطة مرسوم أصدره سعاده في سجنه، ونقله محاميه إبراهيم المنذر، فشكل هيئة تنفيذية من مفوضين كان فيها الأمين جبران جريج مفوضاً للمالية، الرفيق قاسم حاطوم مفوضاً للداخلية، الرفيق إميل خوري حرب مفوضاً للدعاية والنشر، كما شكل لجنة مالية برئاسة جمال ناصيف. كان لهذه اللجنة الفضل في جمع مبالغ مالية جيدة، استعانت بها الهيئة التنفيذية في أعمالها الحزبية، كما في مساعدة الرفقاء الأسرى.

تصنيف الدستور /20 يناير/ كانون الثاني 1937 وصدور مرسوم عدد 7 – منح رتبة الامانة

في هذه المرحلة كان سعاده قد انتهى من تصنيف الدستور وفقاً للمادة الثانية والتي تنص: (تسير إدارة الحزب وفقاً للتصنيف الفني للمصالح الرئيسية ويجري تعيين العمُد على أساس هذا التصنيف.

مادة ثالثة: تُعلن المصالحُ الآتية: الداخلية، والمالية، والخارجية، والإذاعة، والقضاء، والاقتصاد، والدفاع، والثقافة والفنون الجميلة، مصالح عامة رئيسية في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

كما أضاف اليه سعاده مرسوم رتبة الأمانة.

حتى أنّ سعاده أعدّ يوم الخميس في 21 تشرين الثاني1937 يوماً مشهوداً بل يوم عيد يُحتفل به سنوياً واسماه يوم «إبرام الدستور» وقد وضع قيد الإبرام الفعلي في 21 تشرين الثاني 1934.

وحدّد سعاده في دستوره المصنَّف عام 1937، كيفية عملية الانتقال السلطة في حال حدوث مانع يَحُول دون ممارسة الزعيم لسلطاته، وقد أورد في المواد التالية:

المادة الحادية عشرةيجتمع المجلس الأعلى بناءً على دعوة من رئيسه في مدة خمسة عشر يوماً من تاريخ حيلولة أيّ مانع طبيعي دائم دون ممارسة الزعيم سلطاته لانتخاب خلف له.

المادة الثانية عشرةيكون للرئيس المنتخب السلطة التنفيذية فقط وتُحصر السلطة التشريعية من دستورية وغير دستورية بالمجلس الأعلى.

المادة الثالثة عشرةإنّ مدة ولاية الرئيس المنتخب وطريقة انتخابه وطريقة انتقاء أعضاء المجلس الأعلى ونظامه الداخلي تحدّد في ما بعد بمرسوم يصدره الزعيم على حدة ويكون له صفة المراسيم الدستورية.

 الاعتقال الثالث 9 آذار 1937-في أواخر أيّار 1937

إبرام الدستور

في أعقاب انتهاء العمل بالدستور الذي استكمله سعاده عملياً بالطلب الى الأمناء انتخاب أعضاء المجلس الأعلى بناء على دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي وقوانينه التى شرعها الدستور «المنجَز»، دُعي الأمناء الذين كان سعاده منحهم الرتبة إلى إجتماع في منزل نعمة ثابت وهم: فخري معلوف، نعمة ثابت، مأمون أياس، كامل أبو كامل، عبد الله قبرصي، جورج عبد المسيح، معروف صعب، عجاج المهتار، أنيس فاخوري، مصطفى المقدم، ونجلا معتوق، وتمّ انتخاب أول مجلس أعلى للحزب، بحضور الزعيم، وفاز بالعضوية الأمناء فخري معلوف، نعمة ثابت، مأمون أياس، جورج عبد المسيح، كامل أبو كامل، عبد الله قبرصي، معروف صعب، وانتخب فخري المعلوف رئيساً للمجلس، ومأمون أياس ناموساً.

وبحكم الصلاحيات الممنوحة من الزعيم للمجلس الأعلى فقد دعا الأخير إلى عقد مؤتمر إداري عام في أيلول 1938 يضمّ جميع المسؤولين العاملين في المركز، وهيئات المنفذيات في الوطن. وقد عُقد المؤتمر في منزل الرفيق أحمد المفتي في بيروت ودُعي «مؤتمر الاستعداد».

في ختام السنة الحزبية السادسة (16 تشرين الثاني 1938) انتقل العمل الحزبي بعد «مؤتمر الاستعداد» إلى نوع يتراوح بين السرية وشبه السرية وتحوّل مكتب جريدة «النهضة» إلى مركز للحزب.

في أعقاب استقالة فخري معلوف في النصف الثاني من آب 1939 انتُخب نعمة ثابت رئيساً للمجلس الأعلى ومأمون أياس رئيساً لمجلس العمد. وتوالى على رئاسة مجلس العمُد في هذه الفترة نتيحة الاعتقالات إثر بيان ناري صدر عن عمدة الإذاعة ضدّ الاستعمار الفرنسي زُجّوا على اثره جميعًا في السجن. وقد عُيّنَ جبران جريج عميداً للمالية، أسد الاشقر عميداً للإذاعة، معروف صعب عميداً للثقافة. وجرى في هذه المرحلة تعيين رئيس لمجلس العمُد كلّ من: كامل ابو كامل، زكريا اللبابيدي، ثم عبدالله سعاده تحت اسم جلال طالب بعد اعتقال الأخيريْن.

إثر خروج المعتقلين من السجن وعلى رأسهم رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت وكان المجلس الأعلى بصدد محاكمة الرئيس نعمة ثابت حول صلاحياته وتصريحاته فقدّم ثابت استقالته من رئاسة المجلس فوافق عليها المجلس وانتخب عبدالله سعاده خلفاً له (كان قد عيّن عضواً في المجلس الأعلى ولم يكن قد نال رتبة الأمانة آنذاك) وجرت المحاكمة برئاسته. وعندما جاءت نتيجة المحاكمة لصالح نعمة ثابت قدّم عبدالله سعاده استقالته وأعيد انتخاب ثابت رئيساً للمجلس الأعلى وبقي حتى عودة سعاده من مغتربه القسري في آذار 1947، وفي شهر نيسان من ذاك العام حلّ سعاده المجلس الأعلى الذي اعتبره «لادستوري» على اعتبار انّ في عداد أعضائه، رفقاء لا يحملون رتبة الأمانة، ولانحرافه العقدي والنظامي والسياسي.

عودة سعاده – 2 اذار 1947

في تشرين الأول 1947 وبعد عودة سعاده إلى الوطن خاض معركة إعادة الحزب إلى مساره القومي الاجتماعي في مواجهة بعض أعضاء إدارته العليا.

فواجه سعاده بعد عودته مذكرة التوقيف التي أصدرتها الدولة بحقه. إلا أنّ الدولة سحبت المذكرة بعد 7 أشهر و7 أيام عندها تفرّغ لأمور الحزب.

وعندما لم تفلح المعالجات الهادئة لعملية الانحراف العقائدي أصدر مرسوماً بطـرد رموز هذا الانحراف عن أهداف العقيدة وفلسفتها وهم رئيس المجلس الأعلى نعمة ثابت وعضو المجلس مأمون أياس وفايز صايغ وغسان تويني ويوسف الخال.

ثم اتخذ سعاده قراراً حلّ بموجبه المجلس الأعلى بمجمله نتيجة الانحراف الذي وقع فيه بعض أعضائه كما ذكرنا، وعدم حمل بعضه الآخر رتبة الأمانة ومنهم عبدالله سعاده، مبقياً على جسم الأمناء الذين صار عددهم حتى تاريخ استشهاده 21 أميناً إلى جانب تشكيله مجلس العمُد من الياس قنيزح عميداً للداخلية ثم مديراً لمكتبه وأديب قدورة عميدا للدفاع الى جانب إنعام رعد ناموس عمدة الإذاعة، هشام شرابي ناموس عمدة الثقافة، فؤاد شاوي ناموس عمدة التدريب، خليل صعب ناموس عمدة المالية، فيكتور أسعد مفتش التدريب، رؤوف أبو الحسن منفذ عام المتن.

الثامن من تموز 1949 استشهاد سعاده.. والاعتقالات

بعد استشهاد سعاده في الثامن من تموز 1949، نفذت السلطة اللبنانية حملة اعتقالات واسعة بحقّ القوميين، شبيهة بتلك التي حصلت على اثر «حادثة الجميزة» في 9 حزيران 1949، ووصل عدد القوميين الذين تمّ اعتقالهم إلى 900 جُلهم لم يشاركوا في الثورة، أو أنهم كانوا على علم وخبر بها وهذا ما كانت تدركه السلطة لكنها استغلتها فرصة لتدمير الحزب والقضاء عليه، كما ظنت، أو خيّل لها!

وكان أبرز المعتقلين 19 مسؤولاً هم: الأمناء فؤاد أبو عجرم، إبراهيم يموت، حسن الطويل، عبدالله سعاده، عبدالله قبرصي، أسد الاشقر، مصطفى عبد الساتر، كامل أبو كامل، وعجاج المهتار، أيّ تسعة أمناء من أصل 21 أميناً من دفعة أمناء عام 1948، الى جانب عدد من أعضاء السلطة التنفيذية وهم الرفقاء: إنعام رعد، هشام شرابي، رؤوف أبو الحسن، فؤاد شاوي، خليل صعب وفيكتور أسعد ومعهم أيضاً الرفقاء الناشطون آنذاك: كميل جدع، لبيب زويا وسليم الخوري.

ايّ أنّ مجمل أركان الحزب ومساعدي سعاده قبيل الاستشهاد كانوا رهن الاعتقال اثر فشل الثورة الانقلابية الأولى وأعتقال سعاده ثم استشهاده على الشكل الذي جرى.

اما الأمناء الذين نجوا من حملة الاعتقالات لوجودهم في دمشق او لأسباب أخرى فهم: الأمينة الاولى جولييت المير سعاده لوجودها مع بناتها في دمشق في الإقامة الجبرية في دير صيدنايا اثر استشهاد سعاده. كما نجا من الاعتقال الأمناء: جورج عبد المسيح، أسد الاشقر، عبدالله قبرصي، عصام المحايري، مصطفى المقدم، نجلا معتوق، بشير فاخوري، مصطفى سليمان، سامي الخوري، منير الحسيني، عساف ابو مراد، محمد أبو الحسن، أديب قدورة، الياس جرجي قنيزحـ أيّ خمسة عشر أميناً من اصل واحد وعشرين أميناً خمسة منهم قيد الاعتقال.

تخطي واقع «الشغور»

في أواخر شهر تشرين الأول 1949 تمّ إطلاق سراح كافة المعتقلين. وكان الأمين جورج عبد المسيح انتقل الى دمشق وتحديداً الى منزل الأمينة الاولى، فبادر معها الى إرسال الرفيق فؤاد شاوي لتبليغ الأمناء في بيروت بضرورة الاجتماع في دمشق. وفعلاً توجه الى الاجتماع في دمشق وتحديداً في منزل الأمينة الأولى كلّ من الأمناء: عبدالله قبرصي، فؤاد ابو عجرم، كامل أبو كامل، أديب قدورة، حسن الطويل، نجلا معتوق، أنيس فاخوري، مصطفى المقدم، واجتمعوا الى الأمينة الأولى والأمناء جورج عبد المسيح، والياس قنيزح، وعجاج المهتار، وكان حاضراً أيضاً الرفيق معروف صعب. في حين تعذر حضور الأمناء عبدالله سعاده، أسد الاشقر، بشير فاخوري، مصطفى سليمان، سامي خوري، عصام المحايري، عساف أبو مراد، محمد ابو الحسن، ومنير الحسيني.

وحيث أنّ سعاده استشهد اغتيالاً، وحيث أنّ المجلس الأعلى لم يكن قائماً بعد أن حلّه سعاده، وحيث أنّ المجتمعين يشكلون مجلس الأمناء، فقد «انتخبوا» الأمين جورج عبد المسيح رئيساً للحزب لمدة سنتين، لإعادة تنظيم صفوف الحزب، وفي 16 تشرين الثاني 1951 «استصدروا» ايّ مجلس الأمناء القانون الدستوري رقم 8 الذي اقترحه عبد المسيح والذي ينظم الصلاحيات التشريعية والتنفيذية علماً انّ دستور سعاده ينتهي بالقانون الدستور رقم 7 المتعلق بإنشاء رتبة الأمانة.

مجلس الأمناء ينتخب أول مجلس أعلىبعد استشهاد سعاده

24 تشرين الأول 1954 ايّ بعد سنتين على «تعيين» جورج عبد المسيح عاد «مجلس الأمناء» المؤلف من الأمناء الذين حازوا على الرتبة من سعاده وعددهم واحد وعشرون الى جانب الدفعة الأولى التي سماها المجلس الأعلى وعددهم واحد وثلاثون فأصبح عدد الأمناء في العام في 1954 اثنين وخمسين أميناً وهم: جميل مخلوف، اسكندر شاوي، انعام رعد، ابراهيم يموت، فارس معلولي، احمد حمود، مصطفى عبد الساتر، جبران جريج، محمد يوسف حمود، هاجم فلوح، مصطفى أرشيد، فريد سابا، عيسى سلامة، فاضل كنج، محمد مصطفى العريضي، محمد راشد اللاذقي، نوري الخالدي، عبدالله محسن، كامل حسان، أديب عازار، يوسف قائد بيه، جورج صليبي، حسن جمال، فؤاد شواف، يوسف دعيبس، عبد الكريم الشيخ، ابراهيم دانيال، خليل الشيخ، جورج بلدي، هشام شرابي، ونائل نديم) اما الذين شاركوا في الانتخاب من الأمناء فكان عددهم أربعة واربعين أميناً. وبدورهم انتخبوا المجلس الأعلى كما يلي: جولييت المير سعاده، جورج عبد المسيح، مصطفى أرشيد، عصام المحايري، حسن الطويل، كامل ابو كامل، أسد الأشقر، إبراهيم يموت، محمد يوسف حمود، فؤاد شواف، فاضل كنج، نوري الخالدي، جورج صليبي، مصطفى عبد الساتر واسكندر شاوي.

وفي التاريخ نفسه أيّ في 24 تشرين الأول 1954 انتَخب المجلس الأعلى جورج عبد المسيح رئيساً للحزب الذي بدوره شكل سلطة تنفيذية.

وفي اليوم ذاته، دُعي الأمناء لانتخاب عضوين جديدين للمجلس الأعلى خلفاً لعبد المسيح الذي انتخب رئيساً والمحايري الذي عيّن عميداً للإذاعة، ففاز الأمين عبدالله قبرصي في الدورة الأولى والأمين انعام رعد في الدوره الثانية، وقد انتخب المجلس الجديد الامين حسن الطويل رئيساً له والأمين انعام رعد ناموساً (ثم انتخب الأمين عبدالله قبرصي رئيسا للمجلس الاعلى اثر استقالة الامين حسن الطويل).

رئاسة الحزب بين الأعوام 1956– 1960

في هذه الفترة تمّ اغتيال نائب رئيس الأركان في الجيش السوري العقيد المالكي في الملعب البلدي بدمشق يوم 22 نيسان 1955 واتُّهم الحزب بتنفيذ عملية الاغتيال برئاسة جورج عبد المسيح. وبعد اغتيال المالكي أطلق الرفيق يونس عبد الرحيم النار على نفسه. وأُعدم في ما بعد الرفيقان المتهمان بالضلوع في عملية الإغتيال بديع مخلوف وعبد المنعم دبوسي.

وجرت حملة اعتقالات واسعة شملت القوميين أفراداً وعائلات ونُكل بهم بشراسة كبيرة، وأبرز المعتقلين يومها الأمينة الأولى والأمين عصام المحايري وأُودعا سجن المزة عام 1955 حتى آذار 1963… والأمينة الأولى حتى 26 كانون الأول 1963 على اثر حادثة المالكي، اتخذ المجلس الأعلى قراراً بإعفاء جورج عبد المسيح من مسؤولية رئيس للحزب، كان ذلك في تموز1955، وانتخب الأمين مصطفى أرشيد رئيسا للحزب، غير انّ مرضاً عضالاً في الدم اللوكيميا» أصابه، فقدّم استقالته الى المجلس الاعلى، ليتمّ في ما بعد انتخاب الأمين أسد الأشقر في 7 شباط 1956، وفي خلال رئاسة الأمين الاشقر نشبت حرب أهلية في لبنان عُرفت بـ «أحداث سنة 1958» وكان القوميون في «عين العاصفة» في تشرين الأول 1958 استقال الأمين أسد الأشقر من رئاسة الحزب، وانتخب رئيس المجلس الأعلى آنذاك الأمين عبدالله محسن رئيساً للحزب خلفاً للأشقر واستمرّ في رئاسته حتى 19 تموز 1960.

بعد استقالة الامين عبدالله محسن من رئاسة الحزب استُدعي الأمين عبدالله سعاده من السعودية حيث كان يدير المستشفى اللبناني في جدةالسعودية، وتمّ انتخابه رئيساً للحزب في تموز 1960، وشهدت فترة رئاسته فكّ العزلة التي حاولت تطويق الحزب شعبياً وسياسياً بعد أحداث 58، وإسقاط مفاعيل الكيد الذي مورس بحق الحزب، والذي كان أحد أهمّ دواعي القيام بالثورة الانقلابية على حكم الرئيس فؤاد شهاب وأدواته القمعية في 30-31 كانون الأول 1961 والتي لم يُكتب لها النجاح، وقد حضر لها في فترة رئاسة الدكتور عبدالله سعاده وأعضاء المجلس الأعلى المؤلف في حينه من محمد البعلبكي رئيساً، إميل رعد ناموساً، وأسد الاشقر، منير خوري، أسعد رحال، عمر أبو زلام، عبدالله قبرصي، كامل ابو كامل ونذير العظمة أعضاء.

وكان مجلس العمُد في حينه يضمّ كلاً من: رامز اليازجي عميداً للداخلية، بشير عبيد عميداً للدفاع، يوسف المعلم عميداً للمالية، انعام رعد عميداً للإذاعة، عمر ابو زلام عميداً للعمل، مصطفى عبد الساتر عميداً للقضاء، يوسف الأشقر عميداً للثقافة، فيليب مسلم عميداً دون مصلحة. إلى جانب آلاف من القوميين الاجتماعيين وعشرات الشهداء. وبعد سجن امتدّ حوالي ثمانية أعوام، صدر العفو العام في 19 شباط 1969. وكانت العودة الى ساحة النضال من جديدوقد عقد الحزب مؤتمر ملكارت الذي تخمّرت فكرته داخل السجنوفي أواخر شهر نيسان من العام ذاته، دُعي الأمناء الى دار الزعامة في ضهور الشوير لإنتخاب مجلس أعلى جديد بعد الثورة الانقلابية الثانية.

هنا تجدر الإشارة، إلى أن بين مؤتمر ملكارت 1969، ومؤتمر بولونيا 1984، عُقد أكثر من اجتماع جرى فيه انتخاب أعضاء المجلس الأعلى الذين بدورهم ينتخبون رئيس الحزب.

وفي الثالث عشر من أيلول 2020، يجتمع في ضهور الشوير المجلس القومي الذي يضمّ الأمناء والرفقاء المنتخبون من القاعدة الحزبية، لانتخاب مجلس أعلى جديد وهيئة منح رتبة الأمانة. ليجتمع المجلس الأعلى فيما بعد وينتخب هيئته، ثم ينتخب رئيساً للحزب بعد خمسة عشر يوماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى