أولى

في ذكرى حرب تشرين

قد لا تذكر أجيال عربية كثيرة معاصرة تلك اللحظة التي بدأت تتدفق فيها الأخبار عن قيام الجيشين السوري والمصري باجتياز الخطوط والتحصينات الفاصلة عن المناطق الخاضعة للاحتلال وتهاوي هذه التحصينات أمام الجيشين السوري والمصري وصوت الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على أثير الإذاعة السورية يخاطب الضباط والجنود حول المهام العظيمة التي تنتظرهم، وكيف وقع كل ذلك على قلوب وأفئدة مكسورة الخاطر بعد هزيمة عام 67 المدوّية التي خسرت خلالها الجيوش العربية القدس والضفة الغربية وغزة وسيناء والجولان.

منذ تلك اللحظة استردّ المواطن الذي كسرت الهزيمة ظهره ثقته بجيوشه وقدرتها على خوض حرب، وعاد له الإيمان بأن هزيمة كيان الاحتلال وجيشه الذي قيل إنه لا يقهر هي أمر ممكن، وعاد للإرادة التي طعنت في صميم وجودها وهج الحضور بين إرادات الأمم والدول والشعوب، لتبدأ بالمقابل على مستوى كيان الاحتلال مرحلة جديدة معاكسة. فقرار الحرب في المنطقة ليس قراراً إسرائيلياً فقط، والقدرة على شنّ الحرب وتحقيق التفوق ليسا حكراً على الكيان، وسقطت الكثير من الأوهام والأحلام التي قالت حرب العام 67 أنها حسمت إلى الأبد.

في تلك الحرب دخل النفط شريكاً في حماية القرار السياسي باستعادة الأراضي العربية المحتلة وظهرت أهمية النفط كسلاح استراتيجي، وكم هو محزن ومصدر للخزي أن تكون الدول النفطية العربية تنتقل من موقع توظيف ثقلها المالي والنفطي للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، إلى موقع قيادة مسار معاكس لطعن هذه الحقوق وتضييعها ومنح كيان الاحتلال آخر ما تملكه دول النفط الخليجية، وهو الاعتراف بالكيان والتطبيع معه، ومنحه مكانة في الاقتصاد النفطي الخليجي وفي التجارة من الخليج وإليه.

في ذكرى هذه الحرب وما مثلته من نقطة تحول أسست عليها حركات المقاومة، ومنها المقاومة في لبنان، كثير من الثقة بالقدرة على إلحاق الهزيمة بجيش الاحتلال، لا يمكن نسيان الدور التاريخي الكبير الذي لعبه الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في قرار الحرب وقيادتها رغم الدور الذي لعبه التهافت السياسي في الجبهة المصرية وجبهة الخليج ما أضاع الكثير من الانتصارات والفرص التي بشّرت بها الحرب في أيامها الأولى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى