الوطن

المجتمع الدولي حريصٌ على وحدة لبنان واستقراره… بشروطه!

} السيد سامي خضرا

قرار الفِتن الداخلية لا يكون إلا بإرادة خارجية وقابليَّة محليَّة.

ففي مثل بلادنا عندما يُهدِّد البعض ويتوعَّد فهو لا يفعل ذلك من بنات رأسه، لعلمه بصِغَره، فالآخرون يُقرِّرون ماذا يفعلون ولا يكون هو أكثر من مطيَّة لخياراتهم.

ولطالما تردَّدَت في السنوات الماضية مقولةٌ في تصريحات السياسيين ومقالات الصحافيين وتقارير الإعلاميين حتى باتت من المُسَلَّمات التي يَصعب نقدها أو مُخالفتها:

«إنّ المجتمع الدولي حريصٌ على وحدة لبنان واستقراره»!

فأصبح الجميعُ مُستسلِمين على أنه مهما حصلت تطوّرات أو أحداث ومهما وقعتْ اختلافات وصراعات فهناك أمانٌ ضامنٌ لكيان لبنان المادي والمعنوي بحدوده الجغرافية ووقائعه الاقتصادية وتركيبته الاجتماعية ومنظومته السياسية.

لكن تطورات الأشهر الأخيرة في لبنان المُعنوَنة بسياسة الضغط والابتزاز العالية السَّقف الأميركية على الساحة اللبنانية من أجل المَسّ بالشريان النابض لمِحور المقاومة المُتَمثِّل بحزب اللهجعل المَقولة أعلاه تهتزُّ بشكلٍ حقيقي:

فها هو الوضع الاقتصادي في لبنان ينهار ليصل إلى درجاتٍ من التَّرَدّي لم يصل إليها من قبل على الصُّعُد الصناعية والمصرفية والمالية والتجارية فضلاً عن السياسية والاجتماعية.

حيثُ انقلبت كُلُّها رأساً على عَقِب وما زالت إلى لحظةِ كتابة هذه السطور أكثر قابليةً لمزيدٍ من الانهيارات القاسية والهادفة إلى الابتزاز السياسي نتيجة الضغوط القُصوى.

فنَستنتج مما تقدّم:

إنّ الإطمئنان الذي كُنا نعيشه حول أمان وأمن لبنان كان «وَحياً وهمياً»، تماماً كركون الأعمى لنعومة مَلْمَس الحيَّة.

فأسهلُ عملٍ للأميركيين وللغرب عموماً في بلاد المستضعفين هو الابتزاز والوصول إلى الأهداف عن طريق الفِتن والمؤامرات وسياسات التجزئة وإثارة النَّعرات بين المواطنين والأفراد وكلّ ما يُمكن أن يُشكِّل خِلافات أو اختلافات بين شعبٍ واحد.

فإذا أرادت أميركا والغرب استباحة مكان ما في العالم فلا يتَورَّعون عن استعمال كافة الأساليب الخَسيسة والخلافية والمُثيرة للنَّعرات والعصبيات وتُشيع الفساد والاستغلال والاستقواء من أجل تأليب فئةٍ على أخرى ومنطقة على أخرى وجِهةٍ على أخرى وبلدٍ على آخر!

فما الذي يَمنعهم من أن يستعملُوا كلّ الأساليب والطرق المؤدية إلى الفوضى التي تُضعفُ وطناً أو شعباً ليعيش الفاقة ويبقى مُرتبطاً في ضروريات معيشته بالرضا الأميركي الذي يَستبيح كلّ شيء من العملة الوطنية والساحة السياسية والمفاتيح الاقتصادية والمصارف النقدية بالترهيب والترغيب من أجل أن يصل إلى أهدافه.

وقبل ساعات من كتابة هذه الكلمات أعلن جنبلاط عما أسرَّ له رئيس القوات اللبنانية قبل أيام من استعداده للمواجهة مع حزب الله حتى النهاية!

وهذا يؤكد ما ذكرناه أعلاه.

 إضافةً إلى أنها ليست هي المرة الأولى التي يُعلن فيها جعجع ذلك، بل عرَضَ نفسه ومُقاتليه المُدَرَّبين كما يصفهم عدة مرات على جهاتٍ أجنبية واعداً لها بأنه جاهزٌ للتحرُّك لقتال حزب الله!

وما أدراك ما معنى أن يَتَهوَّر أحدٌ لخوضِ مثل هذه الخطوة المجنونة وأين يصبح هو والبلد؟

والذي يُلفت النظر أكثر أنّ خطته الشيطانية هذه لم يُحَيِّدْها عن جهات «راعية» لبداهة أنها لا يمكن أن تقع من دون ضوءٍ أخضر لدولٍ إقليمية أو غربية بقرارٍ واضح لتفجير الأوضاع في لبنان.

فالغرب يريد لبنان بمقاييس وأدوار وأهداف وشروط مُعينة فإذا لم تتحقق فلا حاجة لهذا «اللبنان» ولتأخذْ الفوضى أوْجَها بأشكالٍ مختلفة إقتصادية وعسكرية واجتماعية

وهنا نؤكد المُؤَكَّد مجدّداً من أنّ الغرب يتعامل دائماً بهذه الروحية:

«إما أن تكونُوا كما نريد أو لا حاجة لكيانكم وكونكم أصلاً».

ونحن في لبنان وبعد فشل أساليب كثيرة لتركيع اللبنانيين وهزيمة المقاومة نَخوض اليوم معركةً حقيقيةً شَرِسةً لم يألَفها الشعب اللبناني من قبل تَمَسُّ لقمة عيشه وضروريات معيشته.

فليس هناك مانعٌ إطلاقاً من المَسّ بكلّ ثوابت الأمن الوطني لصالح السياسة الأميركية التي تُعِيثُ الفساد في الأرض بلا مانع ولا رادع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى