الوطن

نصرالله: سنبقى إيجابيين ونعمل لتسهيل تشكيل الحكومة

«عندما يمسّ أي شيء بـ«إسرائيل» تقف حرية التعبير في فرنسا»

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله  أنه «لا يمكن الاستمرار في حكومة تصريف الأعمال»، معلناً «أننا سنتعاون ونعمل على تسهيل عملية تشكيل الحكومة وسنبقى إيجابيين».

موقف السيد نصرالله جاء في كلمة متلفزة عبر شاشة قناة «المنار» مساء أمس، لمناسبة عيد المولد النبوي، وتطرق خلالها لآخر المستجدات، ووجه التهنئة للمسلمين جميعاً وللبنانيين في هذه المناسبة، متوقفاً «عند ما يحمله المسلمون من حب وتقدير وتقديس للنبي محمّد، إضافةً إلى إيمانهم به وبرسالته وبنبوته وأنه خاتم الأنبياء، وأنه أفضل الخلق والإنسان الأكمل، وهذا محلّ إجماع لا لبس فيه بين جميع المسلمين»، واصفاً هذا الإيمان به، بأنه علاقة عاطفية مميزة، مؤكداً أنه «لا يمكن للمسلمين أن يتحملوا أية إساءة لهذا الرسول، ولا يتسامحون فيه ولا يسعهم السكوت عن أية إساءة أو هتك لرسول الله، وهذا ما يجعلني أدخل في الملف الأول في حديثي هذه الليلة، وتتعلق بالعلاقة بين السلطات الفرنسية والمسلمين للوصول إلى حلّ كي لا نخلق عداوات جديدة».

إدانة حادثة نيس

وعلّق السيد نصرالله على حادثة مدينة نيس الفرنيسة فدانها بشدّة «كما فعل المسلمون من كل فئاتهم»، وقال «إنها حادثة يرفضها الإسلام ومثلها كل حادثة مشابهة سبقت فهي مرفوضة في أي مكان وقعت في العالم، كما أنه لا يجوز للسلطات الفرنسية تحميل المسؤولية لدين هذا الشخص أو لأتباع هذا الشخص المرتكب»، واصفاً هذا التصرف بأنه «غير أخلاقي لأن من يرتكب الجريمة يتحملها بمفرده».

وتابع متسائلاً «لو أن رجلاً مسيحياً قام بجريمة فهل يمكن اتهام السيد المسيح والعياذ بالله بأنه إرهابي؟»، وقال «لا يوجد شيء إسمه فاشية إسلامية أو أرهاب إسلامي».

وأشار إلى «ارتكاب الولايات المتحدة الأميركية جرائم في أفغانستان والعراق وغيرها، فهل يمكن أن نقول أن الإرهاب الأميركي هو إرهاب مسيحي؟».

وأضاف « لا أحد من المسلمين اتهم الدين المسيحي بالإرهاب وإذا حصل وقال أحدهم ذلك فهو مخطئ»، داعياً إلى «التوقف عن مثل هذه الاتهامات، وإلى تغيير مصطلحات الإرهاب الإسلامي والفاشية الإسلامية».

ولفت إلى «ارتكاب مسلمين إساءات للإسلام خصوصاً أؤلئك المتطرفين ونحن كنا نعترض بشدّة على هذه السلوكيات».

وسأل «إذا كان بعض المسلمين يسيء لمقدساتنا فهل عليكم أن تسيئوا لمقدساتنا؟».

مسؤولية الفرنسيين

وتوجه إلى المسؤولين الفرنسيين قائلاً «بدلاً من تحميل الأمة الاسلامية هذه التهم فتعالوا لنتحدث معكم عن مسؤولياتكم عن هذه المجموعات التكفيرية»، مشيراً إلى أن «السلطات الفرنسية والأميركية قدمت التسهيلات لهؤلاء التكفيريين وكنتم تقدمون لهم الحماية، وقد عملتم على تسهيل مجيئها إلى سورية والعراق وصار لهؤلاء خبرة وتجربة وروح قتالية»، متسائلاً «كيف لكم أن تتفاجأوا بأنهم يقومون بذبح ضحاياهم؟».

وطالبهم بالرجوع إلى «أرشيف 2011 عندما قلنا لكم لا تدعموا هؤلاء وهؤلاء سيرتدون عليكم، وسيملأون بلادكم إرهاباً، وسيكون التهديد الأخطر عليكم، ولكن أخذتكم العزّة بالإثم».

وتابع «ما علاقة النبي محمّد بهذه الجرائم، وما علاقة دينه، وملياري مسلم في العالم، لذا عليكم مراجعة مواقفكم هذه».

وكرّر اتهامه للفرنسيين والأوروبيين والأميركيين بدعمهم هؤلاء في المشاريع السياسية وذكّرهم بأنهم يرتكبون الأخطاء نفسها «وما حادثة 11 ايلول سوى دليل على ذلك».

وأكد أنه يتحدث من موقع الحرص في هذا الموضوع، متسائلاً «من الذي بدأ المشكلة؟»، متهماً «المجلة الفرنسية الخبيثة بنشرها رسوماً مسيئة للرسول محمّد، فاعترض المسلمون، ولكن بدل أن تبادر السلطات الفرنسية إلى معالجة الأمر بوعي، حصل أنها أعلنت حرباً في هذا الموضوع وتمسّكت بأنها حرية تعبير وأصرّت على نشر الرسوم الساخرة».

وأشار إلى أن «هناك ممارسات رسمية تقمع حرية التعبير في فرنسا»، مستذكراً الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي الذي كتب بأسلوب علمي قضية «الهولوكوست»، ولم يقترب بأي إساءة للديانة اليهودية، فما كان من السلطات الفرنسية سوى محاكمته، وسأل «هل هذه حرية التعبير؟»، مشيراً إلى أنه «عندما تمسّ القضية بالصهيونية فتقوم الدنيا ولكن عندما تمسّ بدين المسلمين فتقولون إنها حرية تعبير».

حريّة التعبير مقيّدة

واعتبر أن حرية التعبير في فرنسا وأوروبا ليست مطلقة بل مقيدة باعتبارات أمنية وسياسية، مضيفاً «عندما يمسّ أي شيء بإسرائيل تقف حرية التعبير في فرنسا والأمثلة كثيرة»، وسأل «لماذا تقف حرية التعبير عند معاداة السامية؟».

وطالب بإعادة النظر في مفهوم حرية التعبير خصوصاً عندما يهتك الكرامات، وتوجّه للسلطات الفرنسية بالقول «يجب أن تفكروا بمعالجة هذا الخطأ الكبير الذي تمّ ارتكابه ويجب أن تعودوا إلى الأساس وهذا ليس خضوعاً للإرهاب»، مضيفاً «لا تسمحوا باستمرار هذا العدوان وهذا الانتهاك وهذه السخرية»، وتابع «الإساءة لكرامات أنبيائنا أمر لا يقبل به أي مسلم في العالم».

ولفت إلى أن «الأنظمة العربية التي تطبّع لا تستطيع أن تسكت أو تغطي مسّاً بنبي هذه الشعوب المقدّس عندهم»، متوجهاً إلى السلطات الفرنسية بالقول «إن هذه المعركة التي تصرّون على الذهاب بها ستخسرون فيها، فأين مصالح فرنسا في علاقاتها مع العالم الإسلامي إذا أرادت الاستمرار في هذا الوضع؟». ورأى أن مسؤولية معالجة ما جرى تتوقف اليوم على أداء السلطات الفرنسية.

وتابع «بدل أن تستنفروا المزيد من الأمن عالجوا المشكلة من أساسها، وأوقفوا هذه المسخرة من جذورها»، لافتاً إلى «ما صدر عن شيخ الأزهر واعتماد هذه الصياغة في تبنّي تشريع عالمي لتجريم المساس بالأنبياء والمقدّسات، وهذا يكون مخرجاً للسلطت الفرنسية وغيرها في دفاعهم عن حرية التعبير».

وأكد أنه «لا يجوز دفع العالم إلى مواجهات وحروب، ومعالجة هذا الملف يتوقف على السلطات الفرنسية».

رسالة اليمنيين

وتطرق إلى ما شهدته اليمن من احتشاد الجماهير فيها لإحياء مولد النبي محمّد والدفاع عنه رغم المخاطر الأمنية والصحية والبيئية، وما تعانيه اليمن، داعياً  إلى «التوقف أمام هذه الرسالة التي شهدناها في اليمن، خصوصاً أنهم أعلنوا تمسكهم بالقضية الفلسطينية في مقابل الغارقين في ملذات الدنيا والذين يسارعون إلى التخلي عن فلسطين».

وأعلن أنه «بسبب ضيق الوقت سيؤجل الحديث في موضوعات عدة وأنه سيتحدث عنها في تاريخ 11/11 يوم الشهيد».

الاستحقاق الحكومي وكورونا

ثم تطرق الى تشكيل الحكومة وقال «ان معطياتنا تفيد بأن الأجواء إيجابية، ونحن سنتعاون ونعمل على تسهيل عملية التشكيل وسنبقى إيجابيين»، معتبراً أن «الوقت هو للتعاون والانفتاح ما أمكن للوصول إلى تشكيل حكومة».

كما تطرق إلى مسألة ارتفاع أرقام الإصابات بوباء كورونا، مؤكداً أن «التساهل بعدم الالتزام بالوقاية بأنه عمل غير أخلاقي وغير شرعي»، ولفت إلى «أن المسؤولية الإنسانية ترتبط بالجميع، وإلاّ فنحن ذاهبون إلى وضع سيئ وخطير».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى