ثقافة وفنون

مختارة الخدمات الإذاعيّة فاطمة مزنر قتلها فيروس الكورونا!

 

} جهاد أيوب

فاطمة مزنرماتتلا ولن تُعوَّض

لم تكن صديقة، ولكنني أعرفها جيداً

لم تربطني معها اتصالات، ومحادثات، وصبحيّة «الواتس آب» اليومية، ولكنني التقيها دائماً، وأتابعها دائماً، وتلفتني برامجها دائماً، وأعجب بطريقة تقديمها ومعاملتها مع المتصلين، الضيوف، القضايا دائماً

في كل مرة التقيها في مبنى «إذاعة النور» أو في مكان ما تلفتني بنعمة التواضع، وبنعمة الإصغاء، وبنعمة الهمس، وبنعمة عدم مزاحمة الزملاء من أجل اكتساب واحتساء المناصب، بل المناصب تحسب لها لهمسها، ولفراشة حضورها

غير مدّعية في الإعلام، ولا تزعج في الحديث عن برامجها رغم أهميتها، وغير متطلبة، وليست متطرّفة إذا اقتنعت بما لديها، وإن لم تقتنع بما تقول!

هي من الكوادر الرئيسية في «إذاعة النور»، وهي من بلسم الموظفين، وهي بَنَت اسم الإذاعة طوبة طوبة

هي مخمليّة الصوت، أمينة على المعلومة، ومتمكنة من الإعداد، وتدخل الاستديو عارفة ماذا ستقول، وكيف ستسير غالبية أمور الحلقة، أقصد متمكنة من عملها حتى التفوق، وطفلة في حواراتها حتى تمسكها بكل الخيوطومن الواضح بعد متابعاتي لها هي تعشق العمل الإذاعي، وتحب إذاعتها كما لو كان الحب هنا واجباً!

والغريب في غالبية برامجها الخدمية اندفاعها الملموس لمشاكل الناس، وهذا ما يجعلنا نقع في شرك المتابعة والاهتمام، وبصراحة خارج المجاملة التي لم تعد تفيد لكون المذكورة قد رحلت، هي سيدة المذياع والمكان والبرامج الإذاعيّة.

ايقونة الصمت في «إذاعة النور»، ولا مرة رأيتها عابسة، خافتة، متضايقة، تعيش عصبية العمل والمكان واللحظة مع أن كل أيامنا ولحظاتنا وأيامنا وأماكننا لا تولد غير النرفزة والتعصب والتعصيب، والقلق الجامح إلى إشعال الحضور، وانزعاج الأحباب منا!

مهذبة جداًجداً

تخاطبك بكل هدوء، تجعلك تفكر أنك تعرفها منذ زمن، وتقدّم لك مفردات مذهلة تخال أنها تقصد ذلك، وبعد لقاءات عديدة، ومراقبات كثيرة في كيفية تعاملها مع الآخرين يرتسم لديك أن فاطمة زميلة في الإعلام تختلف عن كل من صادفتهن وتصادفهم!

صابرة جداًجداً

هذا ما كنت أشعر بها كلما التقينا، أو إذا طرحت مواضيعها أمامنا

خلوقة في تعاملها مع الزملاء مع ضيوف «النور»، وهذا يزيد من نعمة الحضور، ويعطي صورة مشرقة عن النور

في الصداقة كما أجمع الجميع هي مخلصة، لا تفضح أسرار مَن تزاملهم، ومن يتواصل معها. وهذه الناحية كنت أشعرُ بها، لكنني لم أتعرّف إلى هذه المفردات المذهبة، لكوننا لم نكن سوى زملاء، ولسنا أصدقاء، والندم اليوم لم يعد ينفع!

في الإعلام أستطيع أن أمنحها حكاية تليق بمهنة الإعلام، وفي التقديم هي مجتهدة، وغير الكل، ولا تقلّد، أو تشبه غيرها، وفي الإعداد متمكنة، وفي البوح مهذبة، وفي العمل مخلصة، وفي اختيار المواضيع هي مجتهدة، تسعى إلى خدمة الناس، وهذا هو هدفها قبل أي شهرة، أو ادعاء النجاح، كانت تختزل مكاتب المخاتير في عملها، ومختارة الحلول، وتساعد الناس في حل مشاكلهم حتى الرمق الآخير، معتبرة ذلك من باب الجهاد، ومن تعاليم المقاومة، ومقاومتنا أشرف المقاومات على الأرض، وفي تاريخ هذه الأرض وكذبة الحداثة !

فاطمة مزنر مقاومة في العمل، في المواقف، في حروبها الصغيرة والكبيرة، وخطها أوضح من الوضوح، وهنا لا تجامل، ولا تتجمّل، ولا تنحني حتى تمر عاصفة الأعداء، تواجه بثقة، تندفع بعفوية، تبوح باتزان!

الكورونا…!!!

تسلّمت مهام توعية الناس، وزرعت البهجة كي لا نخاف من مرض صنــعه البشــر كــي يقتــل البشر، كانت تشير إلى الجميع بأخذ الحيــطة، وكانــت تحــاول أن تحذرناانتقم منــها، قاومــته، قامت بواجبــها، وانتــصر على نعومــة حضــورها، وكبريــاء مقاومتــها

الزميلة مختارة العمل الإذاعي الخدمي، فراشة «إذاعة النور» فاطمة مزنر في رحيلها خسرنا قامة إعلامية مشرفة، وقيمة إنسانية ننتظر أمثالها كثيراً كثيراً، ومن الصعوبة أن نجد!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى