الوطن

القاذفة الاستراتيجية B-52 غادرت سماء منطقتنا وعادت أدراجها!

} السيد سامي خضرا

ضَجَّ الإعلام منذ أيام «بتحليق القاذفة الاستراتيجية الأميركية «بي 52» المعروفة منذ حرب فيتنام في أجواء الشرق الأوسط».

وبوصولها إلى المنطقة سارعَ البعض لتوزيع الخبر وإلى التأكيد أنّ الحرب باتت على الأبواب!

والغريب أنّ وصول الطائرة أحدث هذه الضجة الكبرى بينما مغادرتها مع كلّ ما رافقها من سيناريوات يكاد لا يسمع به أحد!

فأثناء كتابة هذا المقال ذكرت «انتل سكاي» أنّ طائرة القوات الجوية الأميركية، Boeing B-52H Stratofortress (60-0060 ، AE5895) التي أقلعت أول من أمس من شمال الولايات المتحدة باتجاه الشرق الأوسط لم تصل إلى الخليج الفارسي، وتمّ تزويدها بالوقود جواً من طائرة بوينج KC-135R (62-3515 ، AE026B) التي أقلعت من قاعدة «العديد» الجوية في قطر وغادرت سماء البحر الأبيض المتوسط وعادت أدراجها باتجاه الولايات المتحدة الأميركية.

كما صدر عن القيادة الأميركية الوسطى «أنَّ الولايات المتحدة لا تسعى لأيّ صراع لكنها ملتزمة بالاستجابة لأيّ طارئ في العالم»!

فيجب الالتفات دائماً إلى أنَّ هل قرار الحرب متوقفٌ على «آلة» معينة أو ماكينة أو منظومة أم أنها تتوقف على قرار بحجم التداعيات والنتائج التي سوف تتولَّد عن مثل هذه الخطوة؟

فعندما يتوفر القرار سوف تكون خيارات كثيرة أفتك وأقوى من «بي 52» .

فالسؤال هو:

هل هناك قرار أم لا؟!

في الحقيقة أنها ليست هي المرة الأولى التي يُسارع فيها البعض إلى الوقوع في فخِّ نشر أخبار غير دقيقة أو غير مؤكدة أو مُبالَغٍ فيها.

فنحن نتعرّض ومنذ زمن لحملاتٍ إعلاميةٍ تُوجِّه الناس لأهداف محددة لتضليل أبناء أُمَّتنا وتسهيل تمرير الأهداف الإستعمارية.

وأمثلة ذلك كثيرة.

فالمنطق يقول إنّ حرباً بهذه الضخامة والخطورة لا تتوقف على حركة طائرةٍ مهما كانت استثنائية وتحمل تاريخاً أو دوراً أو قامت بمهام استراتيجية.

ومثل هذا الحدث لا بدّ أن يُدرس من مُنطلق قدرة وقرار وإرادة المُبادِر (المُعتدي) وهو قرارٌ كبيرٌ واستراتيجي ولا يمكن بحالٍ من الأحوال أن يتعلق بفردٍ أو رغبةٍ آنيَّة أو لحظة غضب.

فقرار الحرب لا بُدَّ بل من المؤكد أنَّ له هزَّاتٍ ارتداديةً على مساحةٍ جغرافية وسياسية لا يمكن ضبطها أو حصرها أو إبقاؤها في دائرة مُرتكِب الحرب ونحن نعلم أنّ لكلّ واحد ولكلّ طرف في المنطقة نقاط قوة كما نقاط ضعف.

فلا يُمكن هكذا ببساطة أن يتمّ تغافل أو نسيان كلّ الاعتبارات لمجرد وصول طائرة استراتيجية قاصفة إلى المنطقة فعلينا أن نتوقع ماذا بعد الضربة الأولى وكيف سوف تكون حال الكيان الصهيوني والقواعد المنتشرة في المنطقة من الخليج إلى أواسط آسيا ومَن الذي يستطيع تحمُّل الفوضى الأكيدة التي سوف تفرض معطياتٍ جديدة لن تكون في صالح الأميركيين حتماً!

إنّ أيَّ رأيٍ يتعلق بِشَنّ حربٍ أميركية من ترامب أو غيره على إيران أو المنطقة هو مُجازفة بحدّ ذاته.

فلا يستطيع عاقل الجزم في أن يُعطي رأياً حاسماً في ما يتعلق بوقوع الحرب وعدمها لأنّ قراراً كهذا تدخل فيه عوامل يصعب على شخصٍ أو حتى جهةٍ العلم والإحاطة به .

فنحن نتعامل مع دولةِ كبرى لا يُقيم تاريخها السياسي وزناً لإنسانيةٍ أو حضارةٍ أو شعب أو تحالف ولها رئيس حالي إكتَوى العالم بتصرفاته التي أقلّ ما يُقال في شأنها أنها غيرُ سوية وبعيدة كلّ البعد عن مسلك العقلاء ولا تَنْتظم تحت المعايير السياسية المُتَّبعة عالمياً وأمثلة ذلك باتت معروفة.

ويَحكم سلوكه اليوم قبل خروجه من البيت الأبيض تعقيد مهمّات الإدارة المقبلة وفرض أمر واقع عليها!

ويكفي لِمن يتأمل في الأحداث الجارية اليوم على الساحة الأميركية ليجزم أنّ هناك أموراً غير عادية تحدث وتُربك الداخل والخارج.

وأيُّ حرب مع إيران تعني التورّط في نزاع إقليمي يصعب التنبّؤ بأثمانه ومفاعيله وارتداداته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى