الوطن

كيف نصنع مستوًى اقتصاديّاً لائقاً بين سورية ولبنان؟

 د.وفيق إبراهيم

فصيل كبير من منتحلي الصفة القوميّة في بلاد الشام لا يفرّقون بين بيع الأوطان والاندماجات القوميّة.

يعتقدون أن تسليم أوطانهم للنفوذ السياسي لعائلات حاكمة في الخليج هو جزء من السياسات الأميركية والخليجية، يعتقدون أنه اتجاه وحدويّ. لكنهم لا يفعلون إلا تسليم أوطانهم لسياسات إسرائيليّة بدأت باختراق جزيرة العرب وصولاً الى المغرب والأردن في بلاد الشام ومصر.. والأمور سائرة نحو تصعيد وازدياد بشكل أصبح الإسرائيليون أكثر قرباً لهؤلاء من لبنان الجريح وبقية العرب.

هذا الانحياز الشديد نحو فلسطين المحتلة يسجل بداية سياسة بدأ الجميع يخشى من أن تكون مقدّمة لوضع اليد الإسرائيلية على كل فلسطين المحتلة، وماذا ينقص لذلك بعض القرى في الشمال والقدس الشريف، وبذلك يكتفي المؤمنون شرّ القتال.

إن هذا الأمر بدأ يبحث عن أشكال لهذه النهايات مستغلاً التأييد الأميركي المطلق، والولاء الخليجي الكبير بالتزامن مع تيارات فلسطينية مشجّعة وسياسات من جزيرة العرب والقدس والمغرب والأردن.

فلسطين اذاً في إطار أزمة بنيويّة نرى خلالها بعض السياسيين اللبنانيين يذهبون بعيداً في تأييدهم لإنهاء قضيتها، مدّعين تأييدهم لها، فها هو نهاد المشنوق يتهم بعض السياسيين اللبنانيين بأخذ بلادهم نحو اتحاد مع دمشق مضيفاً إيران على سبيل الفكاهة ولإثارة امتعاض بعض العرب من ذلك أو دفعهم إلى تأييده في السياسات اللبنانية، خصوصاً لتأييده رئيساً للوزراء.

لقد خشي المشنوق أن يكسب السعد جمهوراً سنياً كبيراً بعد اشتباكه مع الرئيس عون، فأراد إطلالة على المشهد السياسيّ بأساليب زئبقية.

والمعروف أن المشنوق ليس مشنوقاً إلا أنه صنيعة رفيق الحريري الذي اخترعه لإضفاء صفات بيروتيّة على المشهد الانتخابيّ.

يكفي أن آل المشنوق هم من مدينة حماه «تبَيْرتوا» بعد هجرة إلى عاصمة لبنان وحوّلهم رفيق الحريري ساسة بيارتة يستعملهم عند اللزوم والحاجة لفئة غير مسيّسة أصولها ضعيفة وتندمج عند اللزوم بسرعة.

هذه هي الفئة التي ينتمي إليها المشنوق وصولاً إلى عبدالله المشنوق النائب البيروتي العتيق القديم أكثر من رفيق الحريري بـ 57 سنة على الأقل.

وإذا كان عبدالله المشنوق حموياً بيروتياً عروبياً أي من قلب بلاد الشام، فإن المشنوق الحالي ينتسب الى تيار متلوّن، ينتمي مرة الى بيروت وأخرى الى آل سعود في جزيرة العرب وأخرى الى عروبة الأميركيين عند سفيرتهم شيا ليقدم لها الولاء والطاعة لعروبة عجيبة غريبة تبدأ من محمد بن سعود ولا تنتهي عند شيا مروراً بآل زيد في الإمارات وهاشميي الأردن وأقباط مصر الذي ينتمي الى دولتهم السياسية، لكنه ليس منهم.

تيارات بيروت الأبية إلى أين؟

الحقيقة ان بيروت لها تراثها المحلي العريق في بلاد الشام وكانت ترتبط بخطين فلسطين مع صفد وحيفا ويافا ودمشق بشكل دائم، لكن ما جرى من دمشق لمرفأ بيروت قطع علاقاتها بسورية وجعلها حبيسة وأسيرة.

فكيف حال المشنوق مع هذا التوصيف؟

هناك سقوط تاريخيّ لكل مَن يقطع بين دمشق وبيروت وبين فلسطين ولبنان. وهذا يتطلب قطعاً مع السفارة الأميركية والسياسات البيروتية غير المنضبطة لمصلحة سياسات منضبطة قد لا تصل الى حدود الربط مع دمشق وحماة، لكنها تصر على الأقل على الربط الاقتصادي الذي يبقي عادة على السياسات التقليدية حيّة في ضمائر أصحابها على أمل ان ينتسب المشنوق الى هؤلاء.

المطلوب إذاً طبقة من السياسيين الأحرار يواصلون الربط بين مناطق لبنان وسورية اقتصادياً وسياسياً ما يعني بذلك سيطرة ملكة النسيان على الإنسان.

لبنان الى اين؟ لا يمكن لبلاد الأرز من دون سورية الاقتصاد والسياسة أن تؤمن دوراً اقتصادياً ومستوى سياسياً مقبولاً. وهذا غير ممكن مع حدود طبقة من أمثال المشنوق مع الدفع نحو علاقات تجعل من لبنان وسورية النموذج الاقتصادي المقبول في الزمن الصعب والرديء ونحن في قلبه الآن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى