مرويات قومية

رحيل الرفيق زاهي وهبة

} الأمين كمال نادر

نشر الأمين كمال نادر على صفحته الفايسبوك هذه الكلمة الصادقة والغنية بالمعلومات عن الرفيق زاهي وهبة. ندعو من يرغب للدخول الى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info للاطلاع على ما كنت نشرت عن كل من الرفيقين حسين الشيخ ونسيب ذهبية.

كنت عرفت الرفيق زاهي ورافقته في كثير من مسؤولياته، كما كنت سمعت كثيراً عما كان تميّز به خلال مسيرته الحزبية الطويلة من تفانٍ وتضحيات ووقفات عز.

هو ينظم الى شهداء الحزب ومناضليه ليبقى خالداً في نفوس رفقائه وفي ذاكرة الحزب وتاريخه.

ل. ن.

الرفيق زاهي وهبه وشقيقته الرفيقة سعاد وهيئة مديرية قلحات أثناء تقديم الدرع التكريمية له بتاريخ 29 آذار 2019

ودّعنا الرفيق الأمين زاهي وهبه الذي فارق هذه الدنيا عن عمر ناهز الـ 92 عاماً قضى معظمها في العمل النضالي لأجل عز بلاده وتقدّمها وارتقائها.

هو من مواليد العام 1929 في قريتنا الكورانية» قلحات» واسمها مشتق من اللغة السريانية ويعني القلاع والحصون.

انتمى زاهي وهبه الى الحزب القومي سنة 1949 وشهد أولاً ما تعرّض له الحزب وزعيمه أنطون سعاده من ملاحقات واضطهاد، ثم تلك المحاكمة الشكلية الخاطئة وقرار الإعدام في 8 تموز 1949. لم يتزعزع إيمان زاهي وأختيه أليس وسعاد وهبه بل استمرّوا في منفذية بيروت، وتميّزوا بالثقافة والأخلاق الراقية والشجاعة والمستوى العقائدي والاجتماعي.

في سنة 1953 كان زاهي مسؤولاً تدريبياً في بيروت عندما جرت عملية إطلاق النار على المدعي العام يوسف شربل الذي لعب دورا متطرفاً في محاكمة الزعيم وإعدامه، ومن ثم في التسبّب بإعدام سبعة من الرفقاء القوميين الاجتماعيين في 21 تموز من ذلك العام.

معلوم انّ من أطلق الرصاصات التي ألهبت التاريخ وقتها، هو الرفيق حسين الشيخ الذي كان منتمياً الى مديرية جبل النار في بيروت. وقد تولى الرفيق المؤتمن زاهي إخفاء حسين عدة أيام في منطقة النورماندي الى ان تمكن الحزب من تأمين طريق لإخراجه الى البقاع، وقد تولى زاهي المهمة ثم صعد وإياه مشياً في الجبال الشرقية حتى وصلوا الى منطقة الزبداني حيث بقي حسين عند الرفقاء واهتمّ به الرفيق نسيب ذهبية الى أن توفرت له فرصة السفر الى «غانا» في أفريقيا حيث بقي أكثر من 50 سنة هناك عاد بعدها الى لبنان .

في أحداث 1958 قام زاهي بواجبه في الدفاع عن مناطق الحزب خاصة في الكورة وشملان. ثم عيّن ناظراً للتدريب في منفذية الكورة التي كان يرأسها المنفذ العام الدكتور هاني ديب من أميون. ولسوء الحظ فقد فشل الانقلاب الذي قام به الحزب في مطلع سنة 1962 وتحمّل زاهي مسؤولية كبيرة فيه فاعتقل وخضع للتعذيب الفظيع مثله مثل الألوف من القوميين وظلّ في السجن حوالى أربع سنوات ونصف السنة خرج بعدها وقد تعطلت أجزاء من جسمه، وكانت خطيبته وفاء حريكي من بلدة بترومين تنتظره وتزوره في السجن دائماً ولم تتخلَّ عن وفائها له، وبالفعل فقد تزوجا بعدما استعاد نشاطه وافتتح محلاً لبيع الأدوات المنزلية الكهربائية في شارع السنترال في مدينة طرابلس.

لم يرزقا بأولاد، وقد يكون السجن والتعذيب وسوء المعاملة هي الأسباب التي حرمته من الأولاد، لكنه لم يتذمّر أو يتأفّف او يكفر بعقيدته وظلّ باسماً هادئاً يقوم بواجباته الحزبية والاجتماعية على أكمل وجه .

هو معروف في طرابلس والكورة والشمال بصدق معاملته المالية والتجارية. كريم يداري احوال الناس المادية عندما يشترون منه وياما خسر في التعامل بالدَين وراحت عليه سندات كثيرة لكنه لم يقم دعوى على أحد. وفي سنة 1976 عندما اجتاحت قوات الجبهة اللبنانية الكورة جرى نهب وسرقة كميات كبيرة من البرادات والغسالات وافران الغاز وغيرها من الأدوات المنزلية والسجاد التي كان يحفظها في مستودعات تحت منزله. كما استولى جماعة من «جيران» الكورة على محفظة السندات العائدة له ما سبّب له خسائر إضافية. برغم ذلك ظلّ ثابتاً على إيمانه وكان يردّد انّ المال يذهب وانّ من يصنع المال مرة يستطيع ان يعيد صناعته مرة ثانية.

لم يهجر وطنه واستمرّ يقوم بنشاطه الحزبي في مديرية قلحات وفي فترة لاحقة خلال الحرب الطويلة التي خربت لبنان انشأ مع رفيقه سمير سليمان وعدد من رجال القرية وسيداتها «صندوق التعاضد الاجتماعي الخيري» وكانوا يجمعون الاشتراكات والتبرّعات ويساعدون العائلات المحدودة الدخل ويقدمون منحاً تعليمية للطلاب الذين يتعذر على أهلهم دفع متوجبات تعليمهم .

كما قدم بيتاً حجرياً ذات عقود ومن طابقين ليكون مقرا لمديرية فيع وعندما أراد القوميون شراء المبنى تنازل عن جزء كبير من الثمن كهدية للحزب .

سيرته غنية وحافلة بالتضحيات وإكراما له منحه الحزب «وسام الواجب» ثم «وسام الثبات» كما كان مرشحاً لنيل رتبة الأمانة عن جدارة واستحقاق، لكن الروتين والطريقة التي كانت توزع فيها هذه الرتبة أخّرت حصوله عليها …

في 29 اذار سنة 2019 أقمنا له حفلاً تكريمياً وقدّمنا له درعا جميلة التصميم وكانت حفلة قومية اجتماعية بديعة.

في الصورة الثانية يبدو نعش الرفيق زاهي محمولاً على أكتاف رفقائه وملفوفاً بعلم الزوبعة التي أحبّها، وقد صلى عليه الآباء جبران اللاطي وسمعان حيدر وعبدالله الخوري، وألقى الأب جبران كلمة وجدانية قيمة جداً عدّد فيها مزاياه وصفاته وعزى الأهل والرفقاء وقارن بين ألوان العلم الحزبي ومعاني اللون الأسود والأبيض والأحمر في فلسفة الكنيسة والبنود الأربعة التي ترمز في الكنيسة إلى الصلب والفداء ونور القيامة والخلاص .

وداعاً ايها الرفيق الصادق الخلوق، لمثلك تليق الأمانة والتكريم وأنت تبقى قدوة لنا ولمن يأتي بعدنا على هذا الطريق.

البقاء للأمة والخلود لسعاده وللشهداء وللمناضلين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى