أولى

أزمة أكبر من حكومة…

 بشارة مرهج*

بدلاً من الرحيل وترك الأمور للأجيال الجديدة تدبّر أمور البلاد بعقلانية وشفافية، لا تزال المنظومة الخشبية الحاكمة متشبثة بالسلطة ومصرّة على قضم الاحتياطي الإلزامي بطرق ملتوية ومخالفة للدستور والقوانين. وهي تفعل كلّ ذلك بغية الحفاظ على مصالحها وتخدير الجمهور والتلاعب بعواطفه وصولاً الى مرحلة بيع الذهب تحت حجة تفادي الجوع الذي تسبّبت به جراء جشعها، حيث ستقول هذه المنظومة للناس: عليكم أن تختاروا بين الجوع، وما يصاحبه من فوضى وتفكك، أو بيع الذهب حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً. فعندما تصرّ أطراف السلطة المتكئة على العصبية الطائفية و«المساعدة» الأجنبية على استغلال الشعب اللبناني وجعله ورقة في صراعاتها ومعبراً لطموحاتها فمعنى ذلك أن لا خلاص على يد هذه المنظومة سواء شكلت حكومة محاصصة أو وضعت أوراقها في حضن أجنبيّ يمعن في حمايتها تحت وابل من شعارات يطلقها بين الفينة والأخرى لتغطية مواقفه الرافضة لمحاسبة أيّ مسؤول.

إنّ الشعب اللبناني الذي يُصرّ على التحقيق الجنائي المحاسبي ويدين المسّ بالاحتياطي الإلزامي ويرفض السطو على مخزون الذهب، ويعتبر كلّ ذلك جرائم خطيرة تحصل في اطار العدوان المستمر على لبنان، يطالب الدول الأجنبية بفكّ الحصار عن البلد، وتسليم السلطات القضائية صور الأقمار الصناعية لثاني أكبر انفجار في العالم منذ هيروشيما، وتسليم الأموال اللبنانية المنهوبة والمهرّبة «المودعة» في مصارفها، وكشف أسماء اللصوص اللبنانيين الذين نقلوا هذه الأموال بنفوذهم، ولوّثوا سمعة لبنان في العالم وخاصة في البلدان العربية التي كانت تعتبر لبنان جامعتها ومصرفها ومستشفاها. أما السجالات الساخنة التي باتت تحتلّ أجهزة التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي بغرض إذكاء نار الفتنة بين صفوف اللبنانيين وتزييف جوهر الصراع فإنها ـ وإنْ تركت أثرها على بعض المجموعات وبعض المضللين ـ إلا انها لن تلقى صدى لدى غالبية الشعب الذي سئم الشعارات الطائفية واصحابها «الميامين» لا سيما بعد نجاحهم الساحق في افقار المجتمع وإنشاء الاحتكارات وبناء القصور على حسابه وحساب أبنائه الذين لم يولدوا بعد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*نائب ووزير سابق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى