الوطن

نصر الله: السعودية تريد من حلفائها قتال حزب الله لمصلحة العدو وحجّة الهيمنة على الدولة والاحتلال الإيراني كذب وافتراء

ـ إذا دخلت المقاومة الجليل ستكون التداعيات كبيرة على كيان الاحتلال ـ نحن لم نفتعل الأزمة مع السعودية ولا نريد المعركة معها ولا مع أيّ دولة عربية ـ لبنان رفض الخضوع للإملاءات الأميركية في موضوع ترسيم الحدود لأنه يستند لقوة المقاومة ـ إنجازات شهداء كلّ القوى الوطنية والإسلامية مستمرّة

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أنَّ السعودية افتعلت أزمة مع لبنان، مشيراً إلى «أن حزب الله معني جداً بتبيان الحقائق لأننا أمام معركة رأي عام وأمام مظلومية أيضاً ولا يصحّ للمظلوم أن يسكت عندما يتمكّن من تبيان حقّه».

ولفت السيد نصرالله خلال الاحتفال بمناسبة «يوم شهيد حزب الله» بالتزامن في كل من بيروت، كسروان، بعلبك والنبطية، إلى أن من بين فرضيات الأزمة عدم معرفة السعودية مسبقاً بتصريحات وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي، معتبراً أنَّ ردّة فعل السعودية على تصريحات قرداحي مبالغ فيها جداً جداً جداً.

وأوضح أنَّه «خلال السنوات الماضية وحتى اليوم هناك دول أقدمت جهات فيها على شتم رسول الله ولم نر شيئاً من السعودية، فهل ما اعتبروه إساءة لهم في كلام وزير الإعلام هو أخطر وأشنع مما يُقال عن النبي محمد خلال كل هذه السنوات؟».

وتوجَّه إلى أصدقاء السعودية في لبنان قائلاً «السعودية قدّمت نفسها صديقة؛ فهل هكذا يتعاطى الصديق مع صديقه؟ فإذا كان هناك مشكلة مع وزير الإعلام أو حزب الله فلتحصر ردود الفعل في حدود المشكلة».

وذكّربأن سورية «التي نقول عنها أنها صديقة لبنان لم تُقدم على خطوة ضد بلدنا رغم شتمها خلال 16 سنة، ولم تقف عائقاً دون وصول الغاز والكهرباء إلى لبنان رغم الحملات والشتائم والاعتداءات»، مضيفًا «إيران كذلك واصلت استعدادها لتقديم المساعدة ولم تمنّن أحداً رغم الحملات ضدها والشتائم خلال 16 سنة».

وعن موقف حزب الله من هذه الأزمة، أكد السيد نصرالله «أننا أيّدنا موقف وزير الإعلام بألاّ يستقيل ورفضنا أن يُقال»، سائلاً «اليوم إذا استقال وزير أو أُقيل، فهل يحصل هذا الأمر في دولة سيّدة وحرة وكريمة وشريفة؟ وهل تُحلّ المشكلة كما قال كثير من اللبنانيين في استقالة وزير؟».

وسأل أيضاً من طالب وزير الإعلام بأن يقدّم المصلحة الوطنية «هل المصلحة الوطنية في استجابة في كل ما يطلبه الخارج؟»، لافتاً إلى أن «المطالب والشروط السعودية لا تنتهي في لبنان وهل المصلحة الوطنية في الخضوع والإذلال؟».

وأوضح أن «السؤال هو لماذا لم تقدم السعودية أي تقديمات مالية لحلفائها وجماهير حلفائها خلال السنوات الماضية؟ لأنها تريد ثمناً وهذا الثمن هو الحرب الأهلية واللبنانيون صنفان: إمّا أنهم لا يريدون الحرب الأهلية أو أنهم غير قادرين على بدء الحرب الأهلية».

ورأى أنَّ الأزمة التي افتعلتها السعودية هي جزء من المعركة مع المقاومة ومع مشروع المقاومة في لبنان، وهي خلال كل السنوات الماضية ومنذ عام 2006 والسعودية موجودة في هذه المعركة ونحن نعرف التحريض السعودي في حرب تموز. وكشف أن «السعودية تريد من حلفائها في لبنان أن يخوضوا حرباً اهلية، ومشكلتها مع حلفائها في لبنان أنها تريد منهم خوض قتال مع حزب الله لمصلحة المشروع الأميركي «الإسرائيلي» في المنطقة».

واعتبر أن «أي لبناني مُنصف يعلم بأن موضوع هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية هو أمر غير صحيح» وقال «نحن لا نُنكر أننا جهة مؤثّرة ونحن أكبر حزب في لبنان وأقول أن لدى الأحزاب الأخرى تأثير أكبر في الإدارات والمؤسسات اللبنانية، وكشواهد على مدى تأثير حزب الله على الدولة هو أننا ومنذ ما يقارب السنة نحاول تنحية قاضٍ عن ملف يعمل فيه بشكل مسيّس وباستنسابية ولم نستطع تغيير هذا القاضي». وأوضح أنه «لطالما نادينا بأن التنسيق مع سورية هو أمر مطلوب ومهم ولم نحصل على أي تجاوب من أي حكومة سابقة أو حاليّة ولم نستطع تغيير رأي أحد هل هذا يجعلنا حزب مهيمن؟». أضاف «حجة هيمنة حزب الله على الدولة اللبنانية هي كذب وافتراء وهناك شواهد على ذلك».

وذكّر بأن «وزير الخارجية السعودي نفسه اعترف بأن مشكلته مع لبنان هي مع حزب الله وبالأخص مسألة اليمن، والمزاعم السعودية بشأن ما تقول عنه «الاحتلال الإيراني» للبنان سخيفة «ويا محلى الاحتلال الإيراني». وأشار إلى أنه «بعد 7 سنوات من الحرب على اليمن وصرف مئات مليارات الدولارات فشلت هذه الحرب، ومساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر بنفسه اعترف بفشل الحرب على اليمن وأن سقوط مأرب هو أسوأ سيناريو للرياض».

وأكد السيد نصرالله أنه «لم يتم ذكر حزب الله أو لبنان خلال جولات المفاوضات الأربع التي حصلت بين السعوديين والإيرانيين في بغداد»، لافتاً إلى أن «السعودية تتصور ان من يقود الجبهات العسكرية في اليمن هو حزب الله وهذا كله أوهام وليس له أي أساس من الصحّة، ومَن حقّق الانتصارات في اليمن هم عقول وإيمان وحكمة ومعجزات المجاهدين اليمنيين». وشدّد على «أن موضوع اليمن لا يُمكن أن يكون حجّة لمعاقبة لبنان، وإذا أردت معاقبة أحد عاقبنا نحن كحزب الله لا الدولة اللبنانية، وأقول للسعوديين: إذا كنتم تريدون الانتهاء من الملف اليمني عليكم ان تقبلوا بوقف إطلاق النار ووقف الحصار والذهاب إلى المفاوضات السياسية». أضاف «أدعو في لبنان إلى الصبر والحفاظ على السيادة الوطنية والهدوء، فنحن لا نريد معركة مع السعودية أو أي دولة خليجية أخرى».

وأشار السيد نصرالله إلى أنه «في يوم الشهيد يحضر بين أيدينا دماء شهداء خلدة ودماء شهداء مجزرة الطيونة، اليوم صدر قرار ظني ونحن ننتظر الأحكام وكذلك منفتحون على المصالحة في خلدة، ومن قتل أحباءنا في خلدة سيلقى عقابه وفي ملف مجزرة الطيونة التي قام بها حزب القوات اللبنانية عن سابق اصرار وترصّد فإن الملف عند القضاء العسكري».  وأكد «أن كل ما قيل عن مقايضة بين ملف مرفأ بيروت وبين ملف الطيونة ليس صحيحاً» وتابع «عوائل شهداء مرفأ بيروت وعوائل شهداء الطيونة هم متساوون لدينا والمطلوب في قضية المرفأ الوصول إلى العدالة وإن اختلفنا في الطريقة وسنواصل العمل في القضيتين».

ورأى السيد نصر الله «أن عنوان «إسرائيل» اليوم هو القلق بعدما تحدثت في «زمن الربيع العربي» عن بيئة مناسبة لها»، مشيراً إلى «أن المناورات الإسرائيلية تعكس الخوف من اقتحام لبنان للمستعمرات في الجليل».

وقال «إذا دخلت المقاومة إلى شمال فلسطين والجليل فستكون لذلك تداعيات كبيرة جداً على كيان الاحتلال»، مشدّداً على «أن المناورات الإسرائيلية تعكس فرضية المخاوف من أن المقاومة ستدخل إلى الجليل».

ولفت إلى أنَّ «الإسرائيليين يدركون قوة المقاومة وصدقها وعلو شأنها وأهمية عقولها الإستراتيجية»، موضّحاً «أن هناك من يتحدث في لبنان عن ضعف محور المقاومة رغم تأكيد المعطيات عكس ذلك».

واعتبر «أن كيان العدو الصهيوني يعيش القلق الوجودي والعنف «الإسرائيلي» المتزايد على الأسرى والفلسطينيين ليس علامة قوّة بل علامة قلق وذعر».

وأشار إلى أن الهيمنة الأميركية ما زالت قائمة وموجودة على مستويات عدّة، لافتاً إلى «أن لبنان يتعرّض لضغوط منذ سنوات وهي تضاعفت خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وما تمكّن حزب الله من إنجازه حتى الأن هو منع الهيمنة الاميركية الكاملة وهذا ببركة إنجازات الشهداء».

وأكد أن «حزب الله يتطلّع إلى قيام دولة مركزية وعادلة ولكل أبنائها وذات استقلال حقيقي ومن أبسط تجلّيات السيادة والاستقلال هو رفض الإملاءات الخارجية». وقال «الأميركيون يضحكون على لبنان بما يُسمّى تسوية خط هوف. لبنان هنا يستند إلى قوّة دماء الشهداء وقوّة الأحياء فينا والمقاومة القادرة على ردع العدو ومن خلفه من أن يمدّ يده على حبّة تراب أو ثروة لبنانية».

وأكَّد السيد نصر الله أن «حزب الله اختار هذا اليوم العظيم والمبارك في تاريخ المقاومة في لبنان عموماً، والمقاومة الإسلامية تحديداً وتاريخ المقاومة في المنطقة ليكون يوماً لكل الشهداء»، موضحاً «أن هذه ذكرى سنوية لكل الشهداء ولذلك كل عائلة شهيد تعتبر هذا اليوم هو يوم شهيدها».

وقال «نحن نرى في الشهداء ثروة روحية ومعنوية وعاطفية هائلة»، معتبراً أنه «ببركة هؤلاء الشهداء هناك عاطفة وحنين وحب وعشق وآثار نفسية وروح لا تموت».

وتابع «لطالما سمعت في الماضي عندما كنت أتشرّف بزيارة عوائل الشهداء وإخواني كذلك، أنهم مستعدون لأن يقدّموا بقية أبنائهم وفلذات أكبادهم ليستمرّ هذا الطريق وتبقى المقاومة»، مؤكداً أن عوائل الشهداء هم من يتقدمون الجبهة في عطاء الدم والموقف.

وأشار إلى أنَّنا «أمّة نعرف فضل كل الشهداء في المنطقة وفي كل منطقة في بلادنا وعالمنا ونشكر لهم ولعائلاتهم ما قدموا»، مبيّناً أنه «عندما نتحدث عن هؤلاء الشهداء نتحدّث عن إنجازات تاريخية وليس عن إنجازات محدودة وعن كل إنجازات كل الشهداء في كل القوى الوطنية والإسلامية».

وأكَّد أن «إنجازات الشهداء ما زالت مستمرّة ومن أهمها تحرير الأرض والأسرى والحماية والردع ومواجهة المشروع الأميركي التكفيري في المنطقة الذي انتصرت المقاومة عليه»، لافتاً إلى أن «من إنجازات الشهداء منع الحرب الأهلية وهذا ما زال قائماً وببركة هذه الدماء نحن منعنا الحرب الأهلية، إضافةً  إلى منع الهيمنة الأميركية الكاملة على لبنان ليكون فيه إمكانية أن يكون دولة ذات سيادة واستقلال وحرية».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى