أولى

العلاقات الروسية الصينية تحالفات عميقة…

} د. حسن مرهج

بداية وبصرف النظر عن مضمون وماهية العلاقات الروسية الصينية، إلا أنّ الحديث عن تلك العلاقات، يتخذ مناحي جيو استراتيجية بعيدة المدى، وتحمل مضامين عسكرية، لجهة تشكيل تحالف عسكري، في مواجهة الخصم الرئيس للبلدين، والمتمثل بالولايات المتحدة الأميركية، فضلاً عن حلف اقتصادي، لمواجهة الهيمنة الأميركية.

من الواضح أنّ الصين وروسيا، تواجهان تحديات أمنية واقتصادية وسياسية، على المستويين الإقليمي والدولي، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفسه صرّح في مناسبات عديدة، أنّ التحالف مع الصين لا ينبغي استبعاده لدواعٍ أمنية وسياسية واقتصادية، وبدورهم فإنّ القادة الصينيين، قدّموا ملاحظات في أطر عسكرية، مما أعطى انطباعاً بأنّ تحالفاً عسكرياً حقيقياً قد يكون قيد الإعداد بين موسكو وبكين، لكن في مقابل ذلك، فإنّ متابعين كُثراً، شككوا في إمكانية قيام تحالف عسكري بين روسيا والصين، لكن يمكن اقتصار العلاقات الروسية الصينية، بالأبعاد السياسية والاقتصادية، لمواجهة الولايات المتحدة في ساحات متعددة.

نتيجة لذلك، فإنّ العلاقات الصينية الروسية القائمة حالياً، تحمل أساساً تأثيرات مهمة بغضّ النظر عن أيّ التزامات رسمية بين الدولتين، وقد تؤدّي هذه الآثار إلى جعل الصين وروسيا تعملان بشكل مشابه على قيام تحالف عسكري بحكم الأمر الواقع، وسيكون له بالطبع التأثير الأكبر على الولايات المتحدة وحلفائها.

في العمق، هناك تشابك يربط الولايات المتحدة والصين وروسيا معاً بقارة أوراسيا، ومن المعروف أنه لدى الولايات المتحدة التزامات دفاعية على طرفي أوراسيا، ويكاد خيالها الجيوسياسي الراسخ ينصّ على أنّ الولايات المتحدة يجب أن تهيمن على أطراف القارة، بينما تواجه كلّ من الصين وروسيا تحديات أمنية غير محلولة في مناطقهما على الأطراف، فالصين مثلاً، لديها نزاعاتها الإقليمية البحرية في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، ومسألة إعادة التوحيد غير المكتملة مع تايوان، بينما تشعر روسيا بأنها مهدّدة من وجود حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مناطقها الغربية، وبالتالي، يمكن القول صراحةً، أنّ روسيا والصين، تشعران حقيقةً بتهديدات أمنية في محيطها الإقليمي.

اللقاء الافتراضي الذي جمع الرئيسان الروسي والصيني، بطبيعة الحال سيتمخض عنه جُملة اتفاقيات، ظاهرها تجاري، لكن في العمق، هي اتفاقيات من شأنها كبح جماح الثور الأميركي، خاصة أنّ جُلّ التصريحات الأميركية، تحمل مضامين عدائية ومهددة لاقتصاد البلدين، لا سيما أنّ العقوبات الأميركية على روسيا والصين، سيكون لها تأثيرات مهمة على اقتصاد البلدين، وبذات التوقيت، فإنّ جوهر الاستراتيجية الأميركية، يعتمد على محاولات فكّ الارتباط بين موسكو وبكين، وزعزعة علاقاتهما مع القوى الإقليمية والدولية.

ختاماً، لا يمكن للصين أو لروسيا مواجهة التحديات الأميركية منفردتين، وهما تتعاونان في مجالات عدة، بغية الالتفاف على السياسات الأميركية وكسر الخناق الأميركي عليهما، وبذات التوقيت وفي هدف أبعد، فإنّ موسكو وبكين تعملان بصمت استراتيجي، على تشكيل تحالفات عسكرية واقتصادية، من شأنها الحدّ من الهيمنة الأميركية في المجالين العسكري والاقتصادي، الأمر الذي من شأنه أن يوسّع نطاق الدول الراغبة بالانضمام للتحالف الروسي الصيني، وتحديداً تلك الدول التي تعاني من التسلط الأميركي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى