أولى

في الذكرى الـ 46 ليوم الأرض الاحتفال على طريقة أصحاب الحق…

 المحامي سماح مهدي*

عبارة شهيرة للمجرم ديفيد بن غوريون تناقلتها ألسن المغتصِبِين، وروّجت لها وسائل إعلام تعمل في خدمة كيان عصابات الاحتلال «الكبار يموتون، والصغار ينسَون». هي ليست مجرد مقولة، لكنها كانت أمنية سعى أحد أركان العدو إلى تحقيقها مراهناً على أنّ مرور الزمن كفيل بجعل كيانه المسخ أمراً واقعاً سيتمّ التعامل معه عاجلاً أم آجلاً.

ويبدو أنّ رهان المجرم بن غوريون قد اتسع عندما تناسى أنّ شعبنا، من بين جميع شعوب التّاريخ القديم، كان أوّل شعب تمشّى على قاعدة محبّة الوطن والارتباط الاجتماعيّ وفاقاً للوجدان القوميّ، للشّعور بوحدة الحياة ووحدة المصير.

فبعد مضيّ أقلّ من ثلاثة عقود على جريمة احتلال أرضنا في جنوب الأمة السورية ـ فلسطين عام 1948، أعلنت سلطات كيان عصابات الاحتلال في شهر تموز من العام 1975 عن قرارها مصادرة 21 ألف دونم من أراضي نحو 12 قرية فلسطينية.

تضافرت الجهود الشعبية للتصدّي لذلك القرار، فعُقدت عشرات الاجتماعات في الجليل والمثلث. وكان أبرزها المؤتمر الشعبي العام الذي عقد في الناصرة المحتلة بتاريخ 18/10/1975، الذي صنّف كأكبر مؤتمر شعبي منذ احتلال فلسطين في العام 1948.

على الرغم من أنّ قرار المواجهة الشعبية قد اتخذ، إلا أنّ عصابات الاحتلال تابعت أعمال التهويد، فكان لا بدّ من إعلان القرار التاريخي بالإضراب العام يوم 30/03/1976.

وكما هو مقرّر، وفي التاريخ المحدّد، اشتعلت الأرض المحتلة مقاومة وغضباً لم يسبق لها أن شهدتهما من قبل. فعمّ الإضراب الشامل مدن وقرى الجليل والمثلث الفلسطينية. وتجلت ضراوة الاشتباكات المباشرة مع قوات الاحتلال في قرى دير حنا وعرابة وسخنين. فارتقى نتيجتها الشهداء خديجة شواهة ورجا أبو ريا وخضر خلايلة وخير ياسين ومحسن طه ورأفت زهيري، ناهيك عن الجرحى والمعتقلين بالمئات.

كرّس الدم الزاكي الذي روى أرض فلسطين في الثلاثين من آذار عام 1976 ذلك اليوم يوماً للأرض. فبات الاحتفال به سنوياً تأكيداً على التمسك بالانتماء إلى أرضنا القومية. والتي في سبيل تحريرها أخذت المقاومة تطوّر قدراتها يوماً بعد يوم، وتحقق قفزات نوعية.

هذا الصمود التاريخي الذي أظهره شعبنا داخل الأرض المحتلة وخارجها، دفع بالمجرم بنيامين نتنياهو إلى الإعلان في شهر تشرين الأول من العام 2017 أنّ «مملكة الحشمونائيم اليهودية استمرت حوالي 80 عاماً، وعلينا أن نتجاوز هذا العدد».

بكلّ بساطة، يعلن ذلك المجرم أن جلّ طموحه أضحى أن «يحطم الرقم القياسي» لعمر أطول كيان يهودي في التاريخ. وهذا ما يُعدّ اعترافاً صريحاً وواضحاً بأنّ محتلي أرضنا في فلسطين وجنوب لبنان والجولان باتوا على قناعة من اقتراب زوال كيانهم الاغتصابي.

ولكي يؤكد شعبنا المقاوم لشذّاذ الآفاق تلك القناعة، كان قرار الاحتفال هذا العام بالذكرى السادسة والأربعين ليوم الأرض بطريقة مختلفة.

فها هو البطل محمد أبو القيعان، ابن بلدة حورة البدوية في النقب المحتلّ، ينفذ في مدينة بئر السبع عملية نوعية أدّت إلى مقتل 4 مغتصِبين ليرتقي بعدها شهيداً.

فتأتي «قمة عار وتطبيع» لتُعقد في النقب المحتلّ في محاولة منها لإعطاء شرعية منعدمة لكيان عصابات الاحتلال. ليكون الجواب هذه المرة من الشمال الفلسطيني، عندما أوقد البطلان خالد وأيمن إغبارية شعلة من شعلات قريتهما أم الفحم، فجعلا الخضيرة تزداد اخضراراً بتنفيذهما عملية بطولية ردّا بعدها إلى الأمة وديعة الدم، وكانت النتيجة مقتل اثنين من شرطة العدو.

وفي ليلة الثلاثين من آذار، شاء البطل ضياء حمارشة أحد أبناء جنين الصمود أن يتمّم مراسم إحياء يوم الأرض بتنفيذ عملية استثنائية في بني براك، أسفرت عن مقتل 5 مغتصِبين وإصابة 6 آخرين. ليلتحق بعدها بركب الشهداء.

إنهم أبناء الأرض يحتفلون بيومها على طريقة أصحاب الحق. الحقّ الذي قال عنه مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده إنه لا يكون حقّاً في معترك الأمم إلا بمقدار ما تؤيده القوة، فالقوة هي القول الفصل في إثبات حقنا القومي أو إنكاره.

إلى من لا يزال يردّد مع المجرم بن غوريون «الصغار سينسون»،

إلى المجرم نتنياهو الذي كان يسعى لأن يعمّر كيان عصابات الاحتلال أكثر من 80 سنة،

قسماً بدم أنطون سعاده أننا ما نسينا ولن ننسى، فنحن الجيل الذي قرّر ألّا ينتظر جيلاً جديداً ليحقق النصر. نحن الجيل الذي سيدخل فلسطين محرّراً وقبل أن يبلغ الكيان السرطاني الثمانين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى