«كاريش»… الذّهاب شرقاً أو حرباً
} شوقي عواضة
شكّل تحذير رئيس الوفد العسكريّ التّقني اللّبنانيّ لترسيم الحدود البحريّة، العميد بسام ياسين، على أثر حذف الرّسالة التي أرسلها لبنان إلى الأمم المتحدة، عن الموقع الرّسمي لقسم شؤون المحيطات وقانون البحار في الأمم المتحدة، والتي تجعل المنطقة الواقعة بين الخطّ 23 والخطّ 29 منطقة متنازعاً عليها بمثابة إنذارٍ للسّلطات اللّبنانية للإلتفات إلى الدّور الأميركيّ غير النّزيه في المفاوضات والذي كشف عن مشاركتها مع الأمم المتحدة في الاعتداء على ثروة لبنان النّفطيّة، وما يؤكّد ذلك كمّ الضّغوط والمراوغات التي مارسها الوسيط الأميركيّ عاموس هوكشتاين خلال عمليّة المفاوضات التي توقفت في أيار/ مايو من العام الماضي جراء خلافاتٍ حول مساحة المنطقة المتنازع عليها
فلبنان الخارج من الانتخابات النّيابيّة والمنشغل بأزماته الاقتصاديّة والعقوبات الأميركيّة جاءت دعوته لهوكشتاين للحضور إلى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحريّة الجنوبيّة والعمل على إنهائها في أسرع وقتٍ ممكنٍ، وذلك لمنع حصول أيّ تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة. دعوة متأخرة لم تلقَ جواباً أميركيّاً لغاية أمس في حين برز تعاطي كيان العدوّ مع القضيّة من خلال وسائل الإعلام التي دعت إلى حماية منصّة كاريش المحاذية للشّواطئ اللّبنانيّة. وقد أشارت القناة 13 العبريّة إلى وصول باخرة ENERGEAN POWER المتخصّصة بالحفر والتّنقيب عن النّفط إلى حقل كاريش رغماً عن اللّبنانيّين في ظلّ انتهاء المناورات العسكريّة (الاسرائيليّة) وجهوزيّة المقاومة التّصاعديّة منذ إطلاق المناورات وإعلان الأمين العام لحزب الله السّيّد حسن نصر الله حاجة لبنان اليوم أكثر من أيّ وقتٍ مضى لاستخراج ثرواته من مياهه التي تقدّر بمئات المليارات، مشيراً إلى أنّنا أمام فرصةٍ ذهبيّةٍ لاستخراج ثرواتنا في مياهنا خاصّة في ظلّ الحرب الأوكرانيّة والحاجة للغاز لا سيّما في ظلّ وجود مقاومةٍ تستطيع أن تقول للعدوّ.. إذا منعتم لبنان من التّنقيب عن الطّاقة سنمنعكم ولن تأتي أيّة شركة إلى حقل كاريش»، مؤكّداً أنّه لولا المقاومة في لبنان لما أتى الأميركي للتّفاوض حول الحدود.
رسالة السّيّد نصر الله التهديديّة دفعت العدو لإعلان الاستنفار. إضافة إلى تصريحات رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة نجيب ميقاتي ووفقاً لما ذكره المراسل العسكري أور هيلر في القناة 13 الذي قال (إنّ الجيش الاسرائيلي) يسمع جيّداً التّهديدات من لبنان ومن حزب الله والحكومة اللّبنانيّة وقد أعدّ سلاح البحريّة برنامج حماية كبيرة من أجل حماية المياه الاقتصاديّة ومنصّات الغاز سواء عبر سفينة صواريخ أو الغواصات أو القبّة الحديديّة البحريّة أو الصّاروخ باراك ثمانية المضاد للصّواريخ برّاً وبحراً من لبنان، وهم يستعدّون لحماية هذه المنصّة المهمّة التي ستجلب إلى «إسرائيل» استقلالاً على مستوى الطّاقة في البحر، ووسط ذلك تجري اتصالاتٌ دوليّةٌ أميركيّةٌ وفرنسيّةٌ في محاولةٍ لخفض التوتر وعدم حصوله.
كلّ تلك المعطيات تضع لبنان أمام خياراتٍ متعدّدة وهي:
1 ـ إلزام الكيان بعدم العمل لاستخراج النّفط من حقل كاريش الذي يعتبر موضع خلاف.
2 ـ عدم التعويل على أيّ دورٍ دوليٍّ لا سيّما الدّور الأميركي الذي لم يكن وسيطاً بل كان مفاوضاً (إسرائيليّاً) بامتيازٍ.
3 ـ استدعاء الشّركات الإيرانيّة والرّوسيّة للمباشرة بالحفر وإخراج الغاز.
أمّا إلزام الكيان بعدم العمل لاستخراج النّفط فلن يكون إلّا من خلال المقاومة بعد فشل الوساطات والاتصالات الدّوليّة، فالمقاومة هي الوحيدة القادرة على وضع حدٍّ لانتهاكات العدو وتماديه في سرقة ثروة لبنان النّفطية في ظلّ عدم جديّة تعاطي الأطراف الدّوليّة التي تعمل غالباً لصالح الكيان الصّهيوني في ظلّ ما تمارسه الولايات المتحدة الأميركيّة والكيان الصّهيوني من استفزازاتٍ ليس بحقّ لبنان وحسب بل بحقّ روسيا أيضاً التي لن تكون خارج الاستهداف الصّهيوني في ظلّ إعلان مسؤولين إسرائيليّين عن استعدادهم لتصدير النّفط إلى أوروبا بسبب الحرب الرّوسيّة الأوكرانيّة ودعوة الاتحاد الأوروبيّ لمقاطعة النّفط والغاز الرّوسي، علماً أنّ الجانب الروسي تقدّم للبنان سابقاً بعروض إنشاء محطتين لتكرير النّفط في الزّهراني وطرابلس لكن دعوته لم تلقَ جواباً من لبنان، ورغم ذلك لم تتخلَّ روسيا عن لبنان كما ستلبّي أيّة دعوةٍ رسميّة توجّهها السّلطات اللّبنانيّة لموسكو لاستخراج النّفط وفقاً لما تقتضيه مصلحة الطّرفين.
كذلك الأمر بالنّسبة إلى إيران التي كان لها الدّور الأكبر في كبرى المحطات والأزمات اللّبنانيّة والتي لم يكن آخرها بواخر النّفط الى لبنان في ظلّ العقوبات الأميركيّة، بل قدّمت الكثير للبنان في أحلك الظّروف، وبالتالي فإنّ الشّركات الإيرانيّة لن تتأخّر عن تلبية دعوة لبنان لاستخراج النّفط… وبانتظار ما ستؤول إليه الأيّام المقبلة تبقى المقاومة وسلاحها هي الطريق الأسرع والحلّ الأنجع لاستعادة حقوقنا الوطنيّة.