أخيرة

نافذة ضوء

حركة النهضة قامت على الحقيقة
وكل حركة تقوم على الحقيقة منتصرة

‭}‬ يوسف المسمار*
العقائدي الواعي المناقبي المؤمن لا يخاف على حركة نهضة قائمة على حقيقة إنسانية منطلقها نفسية جميلة وعالمها وضوح بهي وسلاحها صراع فكري دينامي متجدّد باستمرار وغايتها مثل محرّكة لقضية عظمى، وغايتها مثالٌ أعلى عظيم ما دام يحمل مشعل النهضة باطناً وظاهراً، وعقيدةً ونظاماً، ومناقب وأخلاقاً وإيماناً وقولاً وعملاً، ونموّاً وتحقيقاً.
أما الذي يخاف فهو الذي يدّعي العقيدة والنظام ويحتقر قيم النهوض، فلا يتعمق في فهم، ويبتعد ما استطاع عن المعرفة النافعة، ولا يقوم بواجب ولا يتصرّف بمناقب، ويخاف على روح «الأنا» المستوطنة في أعماقه مقزّمة اياه بدلاً من يقظة روح «النحن» التي تجعله عملاقاً وبطلاً لا يخاف الصراع.
أليس المنهزمون في الحياة هم الخائفون؟
أليس الخائفون هم فريسة الذبول والانهيار والزوال؟
وأي شخص غير الساذج يقول إن الخائف يمكن أن يترك أثراً جميلاً ومفيداً في الوجود؟
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي هو حزب الأقوياء لا الضعفاء، وطريق هذا الحزب طويلة طويلة طويلة، وشاقة شاقة شاقة لأنها طريق الحياة. وهل لطريق الحياة نهاية طالما الحياة باقية؟
وهل غير ضعفاء النفوس والإرادة يخافون ويرتعبون من الطريق الطويلة والشاقة ويفضلون الانكفاء عن السير في مثل هذه الطريق؟ أليس الخائفون من مواجهة الصعاب هم الانعزاليون المنطوون على أنفسهم وفي انطوائهم على أنفسهم يتعفنون ويهترئون؟
لقد أصاب بعض من كانوا قوميين اجتماعيين أبطالاً أقوياء مرض الخوف والهروب فانزووا واعتزلوا وارتموا في أحضان أنانياتهم فجفّت عروق مداركهم، ونشفت شرايين إيمانهم، وفسدت منابع مناقبهم، وتجمّدت محاسن الأخلاق فيهم فتوقفوا عن السير في الطريق السويّ ليس لأن الطريق طويلة وصعبة بل لأنهم ضعفاء وكل شيء أمام الضعفاء صعب ومخيف ومرعب.
أما الأقوياء فهم وحدهم يذللون كل الصعوبات ويتجاوزونها وينتصرون عليها بقوة وعيهم ومعرفتهم وإيمانهم وعملهم وإنتاجهم وصراعهم وثباتهم في الصراع.
ان بعض الأنانيين الرومانسيين من الذين انتسبوا الى الحزب السوري القومي الاجتماعي حملوا معهم الى داخل الحزب أنانياتهم ومطامعهم الشخصية، وغرورهم وأوهامهم فسكروا بمقال كتبوه او قصيدة نظموها، أو خطاب القوة في مناسبة أو شهادة مدرسية حصلوا عليها فتوهموا أنهم بلغوا ذروة المنتهي، واعتبروا أنفسهم انهم هم من نصروا العقيدة والنظام ولم يدركوا انهم ما كانوا شيئاً لو لم يتدربوا ويلمعوا في الحزب الذي رفعهم ولفت الأنظار اليهم.
ولو بقوا خارج الحزب لكانوا كغيرهم من أبناء هذا الجيل يسيرون في سراديب الجاهلية الفردية، والانعزالية الانانية، ويسبحون في بحور الطائفية والفئوية والخصوصيات، وينتظرون رضى المتنفذين الطغاة البغاة الظالمين من داخل الوطن وخارجه. وغاب عنهم أن: «قضية القومية الاجتماعية نهضة بالأخلاق والمناقب» فإذا لم تكن قضية نهضة بالأخلاق والمناقب فقد بطل ان تكون قضية نهضة.
إن نهر النهضة هادر متدفق يجري الى الأمام ولا يجري الى الوراء ولن يتوقف عن الجريان مهما اعترضه من السدود، ومهما خرج منه من السواقي والتسربات. نهر النهضة منبثق ومنطلق من النبع الأصيل، والسواقي والتسربات تتحول الى مستنقعات حين تنقطع عن نبع حياتها، والأفراد يأتون ويذهبون ولا يمكنهم أن يوقفوا جريان الحياة النامية.
فمن يتخلف منهم تدفعه الامواج الى الركود على جوانب النهر فتأوي اليه الديدان والحشرات لتفسد ما تبقى فيه من ماء الحياة والحياء فيصير عزله عن الحياة الاجتماعية الانسانية الحضارية حاجة وضرورة وواجباً.
لقد قال سعاده في مقاله «اليمين» بتاريخ 1 / 09 / 1943»الجيل السوري الحاضر لم يتعود مناقشة النفس في الأضرار التي يمكن أن تلحق الأمة او الحزب أو القضية من جراء شذوذ الأفراد عن قواعد المجهود العام. ولذلك يندر أن تجد أفراداً مدركين هذه القواعد ومهتمين لها وعارفين مقدار ارتباط الشخصية بها في المجتمع او في نظام الاجتماع».
وأضاف أيضاً: «إن عدداً من الذين قتل قواهم النفسية داء الاستخفاف بالبيعة واستسهال الحنث باليمين، وسقطوا من صفوف الحزب السوري القومي الاجتماعي لهذا السبب الجوهري، يرفعون رؤوسهم في المجالس والمجتمعات باعتزاز ويطلقون ألسنتهم في القدح في نظام الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي حاول شفاءهم من مرضهم الهدام للمجتمع، كأنهم حائزون على المؤهلات الأخلاقية والمناقبية والحقوقية للحكم على الحزب ونظامه».
إنهم ينادون بالقومية الاجتماعية وبالحرية والنظام والقوة والواجب بألسنتهم، ويتصرفون بالأنانية الفردية التي تعبث بنفوسهم، ويفهمون الحرية تفلتاً وتخبطاً يلجؤون اليه، والنظام استذواقاً واستنساباً يمارسونه، والواجب تخاذلاً وخمولاً يرتمون فيه، والقوّة بث الفتن والاحباط في صفوف المصارعين.
خابت أمانيهم ولم يفلحوا ولن يفلحوا في جر أبناء الحياة الى بوتقاتهم، وأرصفة دروبهم، وميادين استخفافهم بالحزب الذي تعرض لأقسى التجارب وخرج منها منتصراً.
*باحث وشاعر قومي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى