أولى

التعليق السياسي

انهيارات مالية

– خلال أيام متسارعة أعلنت شركة تويتر صرف نصف العاملين فيها، وتبعتها فايسبوك، ولم تتأخر مايكروسوفت، والحديث عن لحاق غوغل بالركب قريباً، والسبب معلن وهو الخسائر المتراكمة في زمن الركود بفعل تراجع الدخل الإعلاني والتجاري، ما يعني أن سلسلة ما سُمّي بـ “رأس جبل الجليد الصاعد” في ناسداك، أي بورصة أسهم التكنولوجيا، تحوّل الى المنحدر الشديد القسوة، لأن الخسائر المتراكمة والتراجع في المكانة يتحولان بسرعة الى انهيار في أسعار الأسهم، وعندما يبدأ الإنهيار في كبريات شركات التكنولوجيا، وسوف يجرف معه في طريق الهبوط الكثير من الشركات وأسهمها.
– بالتوازي انطلق مسار الانهيار في سوق العملات المشفرة، التي تعيش أسوأ الأسابيع في عمرها، وقد أفلست إحداها، والخسائر في أسواق العملات المشفرة بمئات مليارات الدولارات، من سوق تقدّر بأكثر من تريليوني دولار.
– مسارات الانهيار في هذين السوقين تقول إن الاقتصاد الافتراضي، الذي تشكل شركات التكنولوجيا والعملات المشفرة التي لا تستند قيمتها الإسمية التجارية الى قيمة ما تمتلكه من أصول ثابتة، هو نقطة الضعف المحورية البنيوية في الاقتصاد الغربي المعولم، والمهيمن على العالم منذ نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي. وهذه الانهيارات هي ثمرة طبيعية لدخول الاقتصادات الغربية مراحل صعبة من الركود والتضخم تحت تأثير أزمة الطاقة التي بدأت مع وقف تدفق الغاز الروسي الى أوروبا، وما نتج عن ذلك من أزمة طاقة عالمية غير مسبوقة.
– لن تتأخر المصارف الكبرى في الغرب عن تلقي نتائج هذا الانهيار، سواء عبر ما يترتب من تعسّر في القدرة على سداد الديون للشركات المأزومة، أو ما ستناله من ديون بأمل الخروج من الأزمة، أو بالأموال التي تضيع في استثمارات البنوك في هذه الأسواق، سواء في أسهم الشركات الخاسرة، أو في العملات المشفرة، وحجم الأزمة المصرفية الراهنة يُقدّر بتريليون دولار.
– لا تملك المصارف المركزية سوى رفع سعر الفائدة كسلاح تقني نقدي لامتصاص السيولة ولمواجهة التضخم. والمصارف المركزية إذا قررت التدخل لمواجهة الإفلاسات والانهيارات فعليها أن تضخ المزيد من الأموال، وهذا سيزيد من التضخم ويحوله الى انهيار مواز.
– عندما تبدأ موجات الانهيار تصيب المركز لن تستطيع الأطراف البقاء بمنأى عن التداعيات، التي ستطال كل الدول والأسواق في العالم بدرجة ارتباطها بالسوق الغربية وارتباط تداولها بالدولار الأميركي، ولن تنجو إلا دول الأصول الثابتة، والدول المعاقبة أميركياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى